الخبر وما وراء الخبر

لا تبكي على من مات ولكن على من عاش ميت

24

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

5 يونيو 2024مـ -28 ذي القعدة 1445هـ

بقلم/ عدنان علي الكبسي

روح متدنية ونفسية هابطة، ووعي قاصر، وبصيرة متردية، وفهم معكوس تجاه الأحداث، في أوساط الأمة الإسلامية.
لا تبكي على من استشهد من الأطفال والنساء في قطاع غزة وفي مخيمات رفح، ولكن أبكِ على من مات ضميره، لا تأسى على من فارق الحياة، بل الأسى على من تبلد إحساسه، ولا تحزن على طفل سفك دمه الطاهر، ولكن احزن على من شاهد الجرائم الإسرائيلية الفظيعة جداً، ثم لا يتأثر بذلك، ولا تتألم على امرأة تناثرت أشلاءها، فالألم على من قسي قلبه وغض طرفه عن المشاهد المأساوية في غزة، لا تذرف الدمع على بطون خاوية ولكن اذرفها على من ضعف إيمانه وسقط منه دينه.
يحزن الإنسان ويتألم عندما يعرف أنه من أمة قرابة الملياري مسلم، ثم لا تتحرك هذه الأمة لتمنع ذلك الإجرام من جهة العدو الصهيوني، الذي يوجهه ضد الشعب الفلسطيني، أليست هذه حالة مؤسفة؟.
فقدت الأمة إنسانيتها، أصبحت من أولئك الذين قال الله عنهم: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}، {كَالْأَنْعَامِ}، أيُّ بلادة، أيُّ تحجر، أيُّ قسوة، أيُّ غفلة تصل بالإنسان إلى أن يتجاهل تلك المأساة! مأساة كبيرة، مأساة رهيبة! جرائم إبادة جماعية، استغاثة وصرخات وبكاء للأطفال والنساء، وأمة الملياري مسلم، تصم الآذان وتتجاهل، عار، خزي!.
واقع الفلسطينيين في أرضهم كما قال الشاعر:
يجمـع الأب في كيـس .. الرمـاد المفحـم
مِـن بقــايا رفــات أيـدي عيـاله والأقـدام

تبحث الأم عـن فلــذة كبِــدها . وتُصـــدم
حين تــلقاه مِـن ضمن الجثامين الاكــوام

طفـل ” يُحرم حليب الأم مِن قبل يُفطــم
مــــــزقوها وعمره في حدود اربعـه ايام

طفــــــل مِن قبل ميــلاده بشهرين يُعـدم
مـات قبل الــولاده ” وانتهى قبـل الإتمـام

وألـتـوى حبله السـري على العنـق والفــم
واصبحت ساحة التكوين له ساحة إعدام

يُستبــــــاح المحرم بالســـــــلاح المحرم
والعـــرب مـا حد اتنطـق بكلمـه ولا قــام
إن كانت ضمائر الحكام ماتت، وقلوب العلماء قسيت وغلظت، فما بال الشعوب صامتة، هل أصابها الوهن أم مات ضميرها؟، هل لا زال يوجد حياة في الأمة الإسلامية؟، للأسف عرق من شريان الأمة لا زال ينبض من اليمن والعراق ولبنان بالحياة عسى هذا العرق يحيي بقية شريان الأمة.
مشهد من تلك الجرائم وأنت ترى منزلًا مدمرًا، أو تجمعًا بشريًا في أي مكان كان، وترى كيف ألقى العدو الصهيوني قنابله المدمرة والفتاكة على ذلك التجمع، وقد مزقت الكثير من أولئك الأطفال والنساء والناس إلى أشلاء، وتفحَّمت جثامين أكثرهم، والبعض قد أصيبوا بجراحات كبيرة جدًّا، والبعض جراحات قاتلة، يكفي أن تكوَّن إنسانًا سليمًا طبيعيًا عاديًا.
مشهد مأساوي واحد من أولئك الأطفال الذين لا يزالون يعانون من الجراح، ودماؤهم تنسكب، وأجسادهم تتلوى من الألم، وهم يصرخون من الأوجاع، مشهد مؤلم جدًّا، يكفي أن تبقى فيك بقايا من إنسانيتك؛ لتتألم، ولتدرك بشاعة ما يفعله أولئك الطغاة المجرمون بإخوانك الفلسطينيين.
أما إذا أنت ترى تلك المشاهد المأساوية وتسمع صراخات الأطفال والثكالى وأنت لا تبالي، لا تكترث، لا تتحرك حتى فيك المشاعر الإنسانية، لا تأسى لذلك، ولا تتفاعل مع ذلك، نفسية كهذه، أمام مشاهد كهذه، متبلدة، وباردة، وجامدة، ومستهترة، ولا مبالية، فهي مشاعر مريضة، لم تعد إنسانًا طبيعيًا، لو بقيت لك فطرتك الطبيعية، ونفسيتك السليمة، الله فطر الأنفس أن تتألم عندما تشاهد مآسٍ كتلك، مظلومية كتلك، يتألم لها البعض من أطراف الدنيا، وترى البعض ممن هم يتسمَّون بأنهم متدينين وإسلاميين، ويزعمون أنهم علماء دين لا يرون ضيرًا في أن يُباد الشعب الفلسطيني.
ولكن إذا مات الضمير العربي وتبلد إحساس أبناء الأمة الإسلامية، فإن في اليمن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، حاضرون في مقدمة المواجهة في مواجهة العدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني، لا يبالي بالمخاطر، ولن يتراجع عن موقفه المبدئي في مساندة الشعب الفلسطيني، ومستمر في التصعيد ضمن المرحلة الرابعة، وسيخوض بإذن الله المرحلة الخامسة والسادسة والعاشرة حتى يحقق الله على يديه الفتح الموعود وهو في طريق جهاده المقدس.