القاهرة والرياض.. أكثر من تقارب وأقل من تحالف!
بقلم / محمد علاء الدين
مع زيارة الملك السعودي سلمان عبد العزيز للقاهرة بصحبة وفد يضم 15 وزيراً و25 من الأمراء، وعددا كبيرا من المستثمرين، ليكون الوفد السعودي الأكبر الذي يزور مصر في تاريخ العلاقة بين البلدين، يطرح الكثيرون العديد من الأسئلة حول أبعاد العلاقة وهل يربط البلدين توافق تام في الرؤى والقرارات، خصوصاً أنه قبل يوم من وصول الوفد السعودي قامت إدارة القمر الاصطناعي المصري النايل سات بإيقاف قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني في موقف يعتبر كتقديم هدية و”عربون محبة” للسعودية، مما تسبب في حالة غضب وارتباك لدى جمهور محور الحزب، وفرحة لدى المحور المضاد.
لا شك أن السلطة السعودية والسلطة المصرية تقوم بتضخيم الزيارة وما سيترتب عليها بين البلدين والإقليم ككل، خصوصاً أن السعودية كما مصر تعاني من ارتباك داخلي يحاولون التهرب منه عن طريق الانشغال بقضايا أخرى وترميم احتياجهم لبعض بشكل أوضح.
وفي مضمون هذا التضخيم الذي ينظر له البعض بتعجب، كانت جملة السيسي “بيعيرونا بفقرنا” في خطابه الأخير الذي اشتهر بـ”انتو مين” مدوية داخل قصور الأسرة الحاكمة بالرياض، تحديداً عندما اعتبر “السيساوية” تلك الجملة إعلان أن السعودية وحلفاءها من دول الخليج يتهربون من دعم السلطة والاقتصاد المصري، فالجنرال الذي أصبح محاصراً بفضل الانهيار الاقتصادي قد يتخذ أي مواقف غير متوقعة بالنسبة لدول الخليج بحثا عن الدعم المادي.
فكان من الضروري على آل سعود الذهاب للقاهرة بأكبر وفد في تاريخ العلاقة بين البلدين، وأيضا من أجل البحث عن حدث تستطيع الترويج له إعلامياً بشكل ضخم كإنجاز جديد لها، خصوصاً بعد أن أصبح لا مفر من الدخول في مفاوضات سلام مع خصومها في اليمن، وأظن أن صنعاء الآن ساحة الصراع الإقليمي الرئيسي، والكل يريد أن يتحدث عنها ليثبت الحضور، مع العلم أن الجانب السعودي والمصري تحدثوا عن ضرورة تعميم السلام في اليمن، ووقف القتال دون أن يعلنوا عن كيفية تطبيق ذلك.
وهنا يمكن توصيف علاقة البلدين بأكثر من تقارب وأقل من تحالف، فالحلفاء يتقاسمون القيم والأهداف أولاً، وهذا لا يتوفر في تلك العلاقة، فالجماهير المصرية عموماً تبحث عن انتعاش اقتصادي يخلق تنمية حقيقية تستطيع إنقاذ البلاد من أزمتها، عكس السلطة السعودية وداعميها الذين يسعون إلى التورط في صراعات عسكرية لتنفيذ أجندات أقل ما يقال عنها غير عقلانية.
إلى جانب أن قطاع عريض من الشعب المصري لديه موقف حاسم تجاه الأفكار الرجعية التي تعبر عنها وتمثلها السعودية، وظهر ذلك في حالة الاعتراض على الترحيب المبالغ فيه بالملك السعودي ومنحه شهادة الدكتوراة الفخرية، مما جعل الكثيرين يعتبرون هذا التصرف بالمجاملة التي تصل لحد النفاق، ورفض حالة التكتيم على ملف إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
مع التشكيك في قدرة الرأسمال السعودي في مساعدة ودعم الاقتصاد المصري، معروف للجميع أنه مجرد رأسمال ريعي لا يعرف التصنيع والإنتاج، وقد تم الرهان عليهم منذ عام عندما نظمت مصر المؤتمر الاقتصادي وتعهدت السعودية بضخ استثمارات لم ينفذ منها على أرض الواقع شيء.