الخبر وما وراء الخبر

في قرار تاريخي.. الإرادة الدولية تنتصر لفلسطين رغم أنف العدو الصهيوني وداعميه

5

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
11 مايو 2024مـ – 3 ذي القعدة 1445هـ

انتصاراً لفلسطين الأبية وفي قرارٍ وصفه محللون سياسيون بـ”التاريخي”، ورغم أنف كيان العدو الصهيوني وداعميه.. اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الليلة الماضية، قرارًا بأحقية دولة فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مع توصية مجلس الأمن الدولي بإعادة النظر بإيجابية في مسألة حصول فلسطين على العضوية الكاملة.

وبحسب مشروع القرار الذي حظي بموافقة 143 عضواً من إجمالي 193 في الأمم المتحدة على القرار، مقابل رفض تسعة وامتناع 25 عن التصويت، فإن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأمم المتحدة وفقا للمادة الرابعة من الميثاق، ومن ثم ينبغي قبولها في عضوية الأمم المتحدة.

وبناء على ذلك، يوصي القرار مجلس الأمن بإعادة النظر في هذه المسألة بشكل إيجابي، في ضوء هذا القرار وفي ضوء فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة في 28 مايو 1948، وبما يتفق تمامًا مع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ويُجدد التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك الحق في إقامة دولة فلسطين المستقلة.

ومن شأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يمنح الفلسطينيين الحقوق الإضافية والميزات اعتبارا من سبتمبر 2024م، مثل مقعد مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في قاعة الجمعية، لكن دون أن يكون لهم الحق في التصويت بها، وللفلسطينيين حالياً وضع دولة غير عضو لها صفة مراقب، وهو اعتراف فعلي بدولة أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2012، رغم مقاومة الولايات المتحدة الأمريكية.

وتؤكد الأمم المتحدة أن القرار يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب، كما يحدد طرقاً لإعمال حقوق وامتيازات إضافية تتعلق بمشاركة فلسطين بالأمم المتحدة.

ويحتاج طلب الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى موافقة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً ثم الجمعية العامة، والولايات المتحدة هي إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تتمتع بحق النقض.

وبحسب ميثاق الأمم المتحدة، يتم قبول دولة ما عضوًا في الأمم المتحدة بقرار يصدر من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين، ولكن فقط بعد توصية إيجابية بهذا المعنى لتسعة أعضاء من مجلس الأمن، من أصل 15 عضوًا، بشرط ألا يصوت أي من الأعضاء الدائمين الخمسة (روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وأمريكا) ضد الطلب.

ويُجدد القرار التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك أن تكون له دولته المستقلة، ويدعو المجتمع الدولي إلى بذل جهود متجددة ومنسقة لإنهاء الاحتلال الصهيوني الذي بدأ عام 1967، والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الصهيوني الفلسطيني وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

القرار الدولي “التاريخي” حظي بترحيب فلسطيني وعربي ودولي كبير، وتم اعتبار صدوره، بمثابة تجسيد لواقع وحقيقة تاريخية على الأرض، واعتراف بحقوق شعب عانى لأكثر من سبعة عقود من الاحتلال الأجنبي.. منوهين بأهمية توقيت صدور هذا القرار في مرحلة دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية في ظل اعتداءات صهيونية غير مسبوقة على الشعب الفلسطيني وحقوقه.

وفي هذا السياق.. رحبت الفصائل والشخصيات والأحزاب الفلسطينية بقرار الجمعية العامة، وعبرت عن تقديرها للدول التي صوتت لمشروع القرار.. داعية إلى متابعة الإنجاز الوطني.. ومشددة على أنّ هذا التصويت الكاسح يؤكّدُ أنّ العالم بخلاف حلفاء منظومة الاحتلال الاستعماريّة وداعميها ينحازُ إلى الحقّ الفلسطينيّ التاريخيّ ومظلوميّة الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرّض إلى حرب إبادة مُمنهجة في قطاع غزّة.

كما اعتبرت تصويت أغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح القرار الذي قدمته المجموعة العربية لدعم أحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية، “انتصار الإرادة الدولية للحق الفلسطيني الذي طال انتظاره”، وانتصاراً لتضحيات وعذابات الشعب الفلسطيني لأكثر من 76 عاماً من التنكر التاريخي والوجودي للفلسطينيين من القوى الاستعمارية الظالمة، وهو حق فلسطيني لتعزيز مكانة دولة فلسطين في المنظومة الأممية أسوة ببقية دول العالم.

ودعت مصر بهذه المناسبة، جميع الدول التي لم تتخذ بعد قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أن تمضي قُدُماً نحو اتخاذ هذه الخطوة الهامة والمفصلية لدعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.

وطالبت مجلس الأمن، والأطراف الدولية المؤثرة، بالتعامل بالمسئولية المطلوبة مع الوضع الخطير الذي يشهده قطاع غزة، لاسيما مدينة رفح الفلسطينية التي تتعرض لمخاطر إنسانية جمة نتيجة السيطرة الصهيونية على المعابر ومنع تدفق المساعدات الإنسانية.

وأوضح المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ترى فلسطين مؤهلة لتكون عضو فاعل في الأمم المتحدة، وأن القضية الفلسطينية ستعود برمتها إلى مجلس الأمن لمزيد من الدراسة.. مشيراً إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعهدت بترقية حقوق فلسطين، وحاليا فلسطين هي دولة غير عضو لها صفة المراقب بالأمم المتحدة وبعد القرار الجديد يمكن لفلسطين المشاركة في دورات وأعمال الجمعية العامة والمؤتمرات.

وأدلى ممثلو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ببيانات خلال الجلسة عللوا فيها تصويتهم على مشروع القرار، تطرقت معظمها إلى أن فلسطين تستحق مكانتها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة لاستيفائها المعايير، وبما يُشكل تجسيداً لحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وتأكيداً على عدالة القضية الفلسطينية في ظل محاولات تصفيتها، والتي تتجلى في العدوان الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، ومحاولات التهجير القسري ومصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني.

وفي مواصلة السلوك الفاشي لكيان الإرهاب الصهيوني، ليس فقط من خلال العدوان الشامل على الشعب الفلسطيني منذ نكبة عام 1948 بل قبل ذلك التاريخ وحتى الوقت الحاضر، حيث العدوان على قطاع غزة للشهر السابع على التوالي في حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، حيث لم تشهد البشرية أبشع من جرائمه الوحشية، هدد جلعاد إردان سفير الكيان الغاصب لدى الأمم المتحدة، الأمين العام بعدم تمكينه من الترشح لرئاسة الأمم المتحدة.

وحين حازت دولة فلسطين على تأييد 143 دولة من خلال التصويت المباشر لنيل حق فلسطين العضوية الكاملة، لم يتحمل المندوب الصهيوني الانتصار السياسي لصالح دولة فلسطين داخل المؤسسة الدولية للأمم المتحدة، فقام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة من خلال ماكينة أحضرها لهذا الغرض حيث كان يتوقع انحياز دول العالم إلى جانب حق دولة فلسطين وهذا الحق في الأساس جاء متأخر لسنوات طويلة.

وعلى الرغم من الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني بقرار التقسيم، فإن ما حدث يوم أمس الجمعة هو الحق الطبيعي لدولة فلسطين، فلم يكتفي المندوب الصهيوني بتمزيق الميثاق، بل هاجم الدول المؤيدة للقرار، وأيضاً اعتبر ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني “يسرائيل كاتس”، القرار “سخيف”.

وهذا السلوك المشين لكيان العدو الصهيوني يستدعي طرده من الأمم المتحدة ومن مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية، إضافة إلى ضرورة التحرك على طرد الكنيست الصهيوني من عضوية اتحاد البرلمان الدولي نتيجة قرارات الكنيست العنصرية والتي تتناقض مع قرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة.. أما على صعيد الموقف العربي فيتطلب وقف كل أشكال التطبيع مع كيان العدو الصهيوني.

ويرى مراقبون أن الشرعية الدولية سجلت انتصاراً سياسياً يوم العاشر من مايو 2024، عزز من مكانة دولة فلسطين التي باتت عضوا مراقبا يوم 29 نوفمبر 2012م، لتقفز خطوات كبيرة لكسر القيد الإمبريالي الذي قادته أمريكا حول حق الدولة لتكتمل أركانها بالعضوية الكاملة، والتي حرمت منها اغتصاباً منذ عام 1948.

ويخول ميثاق الأمم المتحدة للأمين العام طلب اجتماع لمجلس الأمن خلال الفترة المقبلة لنقل وتقديم تقرير للمجلس عمّا جاء في تصويت الجمعة لاجتماع الجمعية العامة.

ويشار إلى أن الولايات المتحدة كانت قد عطلت الموافقة على قرار منح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن بشأن الطلب، الذي عقد في 18 أبريل الماضي، باستخدام حق النقض “الفيتو”.

الجدير ذكره أن هذا التصويت على مشروع القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا، يُعد بمثابة مسح عالمي لمدى الدعم الذي يحظى به طلب فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، وانتصار المجتمع الدولي لحق الشعب الفلسطيني في أحقيته بانضمام دولته الى الأمم المتحدة، ولعدالة الطلب الفلسطيني في هذا الشأن، كما يُعد وقوفاً الى جانب الحق والعدالة ومبادئ المواساة والدفاع عن نظام دولي قائم على القانون وإدراك لعدالة الطلب الفلسطيني الانضمام للأمم المتحدة وعدالة قضية الشعب الفلسطيني، التي تواجه اليوم مساعي شرسة لطمسها وتصفيتها.

وأبت الإرادة الدولية اليوم إلا أن تنتصر للحقوق المشروعة للشعوب ومنها حق الشعب الفلسطيني في أن تكون دولته ذات عضوية كاملة وهو ما من شأنه تعزيز مكانتها القانونية في الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات التابعة لها.