لماذا اجتياح رفح مهم لبايدن قبل نتنياهو حتى مع كونه “ضربة حظ”؟
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
9 مايو 2024مـ – 1 ذي القعدة 1445هـ
بقلم// طالب الحسني
قبل 4أيام قال بنيامين نتنياهو أن توقف الحرب على غزة الآن يعني تعريض ” اسرائيل ” لهزيمة بل أيضا وتعريض حلفائها الدوليين والإقليميين .
هذه المقاربة كررها نتنياهو غير مرة ،وهو يفعل ذلك متعمدا و مضطرا مع إدراكه أنه إقرار صريح بإن الابادة التي يقوم بها كيان العدو الإسرائيلي منذ 7أشهر بدون نتائج وبلا صورة انتصار واحدة .
وبالتالي فإن عملية اجتياح رفح “ضربة حظ” يعلق عليها نتنياهو “وحكومته” المتطرفة بعض الأمل في تحقيق انجاز ما على الاقل استعادة بعض الاسرى أحياء أو جثثا متحللة ، بالاضافة إلى تمديد الحرب أشهرا إضافية .
في الواقع تبدو هذه أزمة الكيان كله، بأجنحته وتياراته المتباينة وازمة تتعلق بالمصير، لهذا فليس هناك انقسام اسرائيلي بشأن رفح بما في ذلك المعارضة التي تدرك أن معارضة الاجتياح بصورة ملحة تعني أنها تمد لنتينياهو خيطا حتى وان كان رفيعا لتبرير الخسارة، على أنها أي المعارضة تطالب بوقف الحرب باعتبارها فشلت نتيجة ادارة نتنياهو وبن غفير وسموترتش وليس باعتبارها خيارا غير جيدا والمطلوب وفق مفهوم لابيد عقد صفقة سياسية لاستعادة الاسرى.
هذه مقدمة للدخول إلى فكرة المقالة الرئيسية، وهي أن اجتياح رفح واستمرار الحرب اتجاه شديد الأهمية بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، ربما أكثر من نتنياهو الذي اقصى طموح لديه النجاة من السجن . بخلاف بايدن الذي يبحث عن البقاء 4 سنوات إضافية في البيت الابيض.
اجتياح رفح لتجنب الاقرار بالاستسلام للهزيمة والخروج من حرب تقودها واشنطن وليس تل أبيب فقط ودون الاهداف الاستراتيجية وبخسارة كاملة الاركان في فلسطين والشرق الاوسط ككل ، والتوقف عند هذه الحدود من المعركة سيقود حتما إلى خسارة بايدن في الانتخابات المقبلة، والامر مرتبط بالحسابات الانتخابية، ذلك أن إرضاء كتلة الانجليين الصهاينة وبايدن منهم والحفاظ على أصواتهم وكسب من صوت ضده في الانتخابات السابقة يقتضي مواصلة دعم ” اسرائيل ” ونتنياهو حتى النهاية بما في ذلك اجتياح رفح وليس ايقاف الدعم والغطاء وممارسة أي نوع من الضغوط.
من هنا يمكن فهم تكرار نتنياهو القول أن التوقف عن الحرب يعني الهزيمة، هو في هذه الحالة يخاطب بشكل واضح الانجيليين الامريكيين الذين يشكلون نسبة وازنة تقترب من حدود 30% من الاصوات الانتخابية موزعين تقليديا بين الديمقراطيين والمحافظين وتملك تأثيرا كبيرا في الانتخابات الامريكية بل وفي ادارة البيت الأبيض والسياسية الخارجية وقضايا مصيرية اخرى .
في خطابه الاخير في (ذكرى المحرقة المزعومة) وبالتزامن مع بدء اجتياح رفح وقف بايدن لمخاطبة الانجيليين والتاكيد أنه ملتزم باستمرار الوقوف ومساندة ” اسرائيل ” حتى مع وجود ” خلافات ” معينة
وكان لا بد أن يهاجم حماس والمقاومة والسابع من اكتوبر، ويعيد تكرار الرواية والسردية التي لم يصدقها أحد عن 7أكتوبر
الأكثر أهمية في خطابه وفي سياق الحفاظ على الانجبليين، هاجم بايدن الحركة الطلابية الاحتجاجية المتضامنة مع غزة وكرر شماعة العداء للسامية، والخطاب في سياقه ومناسبته ووقته جزءا من الحملة الانتخابية .
في هذا الجزء لماذا لا يبدو بايدن حريصا على اصوات الحركة الاحتجاجية وكل المناهضين للحرب والابادة في غزة؟
الآجابة ببساطة تتخلص في نقطتين:
ـ الأولى: أن بايدن انجيلي صهيوني حتى النخاع ويؤمن أنه لا يمكن المساومة باصوات الانجليين وبالتالي يجب أن يكون شديد التعصب لهم.
ـ الثانية: أن بايدن يدرك أن الاصوات المناهضة للعدوان على غزة حتى لو ذهبت نسبة كبيرة منهم من الكتلة التي صوتت له في انتخابات 2020 فجميعهم ورقة بيضاء في الانتخابات المقبلة فمثلما لن يصوتوا له لن يصوتوا لخصمه ترامب فهم يرونه نسخة أكثر تطرفا ورداءة منه.
يرى بايدن أن اجتياح رفح وتمديد الحرب حتى وان كانت باضرار فادحة هي ايضا “ضربة حظ” وأقل ضررا من الرضوخ للواقعية التي تعني الاقرار بالهزيمة في وقت حرج لن يتمكن من تحمل تبعاتها داخليا كرئيس فشل في حماية الكيان الاسرائيلي وحلم الانجيليين باستمرار بقاء “الدولة اليهودية” على الاراضي الفلسطينية كمعتقد خرافي.
طوال الفترة الماضية حاولت ادارة بايدن أن تحافظ على إمساك العصا من المنتصف بالنسبة لاجتياح رفح وتكلفتة الانسانية، دون القطع بشكل واضح انها ترفض الاجتياح مقابل تقديم صيغة مرواغة من قبيل أن لدى واشطن ” مخاوف ” من الضرر الذي قد يلحق باكثر من مليون ونصف مليون مدني في المدينة أقصى جنوب القطاع.
وعندما بدأ الاجتياح عزف البيت الابيض على موال أن حماس رفضت المقترحات المقدمة في المشاورات ووصفها وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن بالعرض السخي والمرن!
جوهر المقترح اطلاق الاسرى الاسرائيليين مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين في سجون العدو الاسرائيلي وهدنة مؤقتة، دون الحديث عن وقف العدوان والانسحاب الاسرائيلي من غزة وكسر الحصار والاعمار ، واكثر من ذلك أن فكرة تفكيك حماس وانهاء سلطة المقاومة في غزة سيبقى هدف اسرائيلي أمريكي لمنع تكرار طوفان الاقصى.
هذا المقترح يبقي الباب مفتوحا أمام استمرار الحرب دون ضغوط تتعلق بورقة الاسرى وبهدف تغيير واقع غزة، ومع أنه هدف معقد ولم يتمكن العدو الاسرائيلي وبدعم أمريكي وغربي وحتى بعض عربي مفتوح من الوصول إليه ، هناك اصرار أمريكي لتحقيق ذلك بحرب طويلة.
تدرك المقاومة الفلسطينية أن التسوية يجب أن تنتهي بانتصار حاسم تتحقق فيه ثلاثة أهداف ، وقف العدوان ورفع الحصار ، انسحاب قوات العدو خارج قطاع غزة ، إجراء عملية تبادل للاسرى ، وهذه أوضح صورة للنصر لا يمكن التفريط بها لتفادي اجتياح رفح ، فمثلما أن المدينة مكتظة بالمدنيين ، ومكتظة بالرهان الامريكي والاسرائيلي ، هي كذلك مكتظة بالمجهول ولن يجد فيها نتنياهو ما يسميه النصر النهائي .