الخبر وما وراء الخبر

كيف علّق المحللون الفلسطينيون والعرب على إعلان اليمن جولةً رابعةً من التصعيد؟

18

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
5 مايو 2024مـ – 26 شوال 1445هـ

تقريــر || محمد حتروش

تناقلت وسائلُ الإعلام العربية والدولية إعلانَ القوات المسلحة اليمنية عن بدء الجولة الرابعة من التصعيد باهتمام كبير، وأفردت مساحةً كبيرةً للتحليل عن أهميّة هذا الإعلان ودلالاته، ومدى تأثيره على الأحداث الجارية في قطاع غزة.

وكان السيدُ القائدُ عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- قد أكّـد في خطابٍ له الخميسَ الماضيَ، ـأنَّ اليمن يحضِّرُ للجولة الرابعة من التصعيد إذَا استمر التعنُّتُ الأمريكي الإسرائيلي في قطاع غزة، ثم أكّـد تفاصيلَ هذا التحضير العميد يحيى سريع في بيان تلاه أمام حشود مليونية في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء.

وتشمل المرحلةُ الرابعة من التصعيد استهدافَ السفن المتجهة إلى الموانئ الصهيونية في البحر الأبيض المتوسط، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وقد مثَّل هذا الإعلان تحولاً استراتيجياً في نطاق المواجهة اليمنية مع الأعداء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.

اليمن قوة إقليمية:

ويرى المحلل العسكري اللبناني العميد عمر معربوني، أن هذا الإعلانَ له الكثيرُ من الدلالات والأهميّة، فهو يؤكّـد أن استهداف السفن المرتبطة بـ “إسرائيل” في البحر الأبيض المتوسط دليل على التطور الكبير في القدرات القتالية اليمنية والتي أصبحت تستطيع الوصول لمسافات تتجاوز 2000 كيلو متر.

ويوضح في حديثه لقناة “المسيرة” أن اليمن بوقفته الجهادية والإنسانية مع غزة سيفرض نفسه على المستوى الدولي والإقليمي، حَيثُ أثبتت الوقائع والأحداث أن اليمن له حضوره القوي في رسم الخرائط الجيوبوليتيكية؛ فاليمن له بعد جيو سياسي إقليمي وعالمي.

من جهته قال الباحث السياسي والاستراتيجي الفلسطيني سعيد زياد: إن “المرحلة الرابعة من التصعيد” التي أعلنت عنها القوات المسلحة اليمنية تنقسم إلى قسمَينِ أَسَاسيين: الأول دخل حيز التنفيذ، وهو استهداف جميع السفن المتجهة إلى “إسرائيل” حتى إذَا كانت في البحر الأبيض المتوسط؛ ما يعني فرض حصار كامل على “إسرائيل” وعلى السفن المتجهة إليها، ويرتبط القسم الثاني من المرحلة بعملية رفح التي تهدّد بها “إسرائيل”.

ويرى زياد أن “اليمنيين يمنحون المقاومة الفلسطينية في غزة ورقة قوة وضغط قوية جِـدًّا، وتهدف المقاومة إلى إشعال أكثر من جبهة لعزل العدوّ الإسرائيلي، وخلق واقع إقليمي جديد، وقد نجحت في كسر هيمنة “إسرائيل” في البر والبحر، وسرديتها دولياً”.

بدوره يؤكّـد أُستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، الدكتور حسن أيوب، أن إعلانَ المرحلة التصعيدية الرابعة يضاعف مخاطرَ توسع الصراع.

وقال: إن “الولايات المتحدة الأمريكية غير قادرة على احتواء التصعيد الخطير، بدليل أن التحالف الذي أنشأته” حارس الازدهار” لم يستطع التصديَ للقوات اليمنية”، متوقعاً أن تضغط الولايات المتحدة أكثر على “إسرائيل” بشأن عملية التفاوض مع المقاومة، وأن تمنع العملية العسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة.

خطرٌ يداهمُ “إسرائيل”:

وفي سياق هذا الردود، يؤكّـد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس حنا، أن “المرحلة الرابعة من التصعيد تعني الانتقال من خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب إلى المحيط الهندي وإيلات، واليوم إلى البحر الأبيض المتوسط”.

ويضيف إلياس أنه من “خلال البحر الأبيض المتوسط تنفتح “إسرائيل” على العالم بنسبة 90 %”، مُشيراً إلى أن الهيمنة الأميركية على العالم هي عبر المتوسط “الأسطول السادس” وعبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.

وعن مدى قدرة القوات المسلحة اليمنية في تنفيذ تهديداتها يقول العميد إلياس: “إن البحر الأبيض المتوسط تتواجد فيه ثروة نفطية وغازية لـ “إسرائيل”، “ويكفي أن تسقط قذيفة أَو مسيّرة قرب سفينة واحدة يكون الأمر بمثابة تهديد لمسار الملاحة البحرية وللأمن القومي الإسرائيلي وَشركات التأمين أَيْـضاً سترفع تأمينها”.

من جانبه حذّر أُستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، حسن أيوب، مما سماه “الخطر الداهم” لتحول المنطقة إلى منطقة أكثرَ التهاباً وعُرضةً للحروب الإقليمية التي لا يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل تداعياتها الاستراتيجية، لافتاً إلى أن الرسالة من إعلان الجولة الرابعة من التصعيد مفادها أن قضايا الإقليم مترابطة مع بعضها البعض، وأن ما قامت به واشنطن خلال السنوات الماضية من تدمير دول مثل اليمن والعراق نتج عنه جماعات مسلحة وثورية ليس لديها حسابات يمكن أن تلوي ذراعها.

قناة “الميادين” هي الأُخرى سلطت الضوء على إعلان المرحلة الرابعة التصعيدية ودورها الجوهري في تغيير قواعد الاشتباك بما يخدم المقاومة الفلسطينية.

وأكّـد محللون سياسيون وعسكريون لـ “الميادين” أن القوات المسلحة اليمنية جبهة قوية وناجعة في التأثير على صانع القرار الغربي.

وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي ميخائيل عوض: إن “تهديد اليمن باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر المتوسط جدي جِـدًّا وواقعي”، مواصلاً حديثه بالقول: “ولو لم يكونوا قادرين لما وعدوا وهدّدوا؛ فاليمنيون يشكلون رأس حربة في محور المقاومة وعلى الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية أن تتعامل بجد مع المرحلة التصعيدية القادمة”.

من جهته يقول أُستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة حيفا، محمود يزبك: في حال تم ضربُ السفن المتجهة إلى حيفا، وتوقفت عمليات شحن البضائع إلى هناك فَــإنَّ ذلك سيخلُقُ مشكلةً كبيرةً لـ “إسرائيل”.

ويضيف في حديث لبرنامج “المسائية” على قناة “الميادين” أن التصعيد اليمني يعني أنّ “إسرائيل” تتحمل مسؤولية أية عملية في رفح والرد عليها.

أما الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية أمير الساعدي، فيؤكّـد في حديثه لبرنامج “نقاش” أن الجبهة اليمنية هي الأكثر قدرة في التأثير على صانع القرار الغربي، موضحًا أن اليمن أثبتت إمْكَانياتها في الوصول إلى أي هدف في عمق الأراضي المحتلّة أَو في البحر العربي والمحيط الهندي وغيرهما.

فيما يؤكّـد محلل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية منذر سليمان، أن قرار دخول اليمن المرحلة الرابعة يدل على أن التكتيكات التي اعتمدتها القوات المسلحة اليمنية نجحت حتى الآن.

صدى الجولة الرابعة في مواقع التواصل:

ولم يقتصر صدى إعلان المرحلة الرابعة من التصعيد العسكري ضد الكيان الصهيوني على غزة فحسب، وإنما تصدر حديث مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام الإلكتروني ولا سيَّما منصة “إكس”؛ فمن دلائل إعلان القوات المسلحة اليمنية المرحلة التصعيدية الرابعة يغرِّد الناشط السياسي الفلسطيني محمد النجار قائلاً: “دلائل إعلان أنصار الله دخول المرحلة الرابعة من التصدي للعدوان الإسرائيلي على غزة يكمن في الآتي:

أولاً: الإعلان في وقت مهمٍّ وحساس من التفاوض؛ ليعزز جبهة المفاوض الفلسطيني أمام العدوّ الإسرائيلي.

ثانياً: يدلِّلُ هذا الإعلان على التنسيق العالي بين أنصار الله والمقاومة الفلسطينية وتحديداً كتائب القسام”.

ويضيفُ “أن ترتيبَ المراحل، وجدولة الخطوات، وتوسيع قطر العمليات ليس عشوائياً، منوِّهًا إلى أن الإعلان يأتي رداً صريحاً على تهديدات العدوّ الإسرائيلي باجتياح رفح، في خطوة ترفع كلفة أي تهور وحماقة إسرائيلية على المنطقة بأسرها”.

ويعتبر النجار إعلانَ المرحلة الرابعة خطوةً ضاغطةً على الأمريكي لكبح جماح تهور نتنياهو وغالانت، مُشيراً إلى أن “أنصار الله” يجسِّدون صدقَ انتمائهم لفلسطين رغم كُـلّ التهديدات والعدوان الأمريكي البريطاني.

ويزيد بالقول: “استمرارُ التصعيد من طرفهم وُصُـولاً لشواطئ البحر المتوسط هو توسيع كبير لنطاق النار”، مشدّدًا على أن ضرب أية سفينة إسرائيلية أَو متجهة للموانئ المحتلّة في البحر المتوسط فيه تحذيرٌ ودَقُّ ناقوس خطر للدول الأُورُوبية الداعمة للكيان حول مآلات الحرب المفتوحة.