الخبر وما وراء الخبر

جولة التصعيد الرابعة.. تصفير اقتصاد كيان العدو الصهيوني

9

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
5 مايو 2024مـ – 26 شوال 1445هـ

تقريــر || زين العابدين عثمان

في إطار الحديث عن جولة التصعيد الرابعة التي دشنتها قواتنا المسلحة دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني والمقاومة في غزة، يمكن القول إنها الجولة الأكثر أهمية عسكرية، مقارنة بالجولات السابقة.

كما أنها الأكثر تأثيراً على المستوى الاستراتيجي للمعركة، فمعطيات هذه الجولة، وضعت قواعد اشتباك إضافية، ووسعت نيران العمليات البحرية؛ لتضم مختلف بحار المنطقة، من البحر الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي، إضافة إلى البحر الأبيض المتوسط الذي أصبح منطقة عملياتية جديدة للقوات المسلحة.

إن العمليات القادمة في اطار هذا التصعيد ستستهدف كافة سفن الشركات التي مازالت تشحن البضائع إلى موانئ فلسطين المحتلة، وتمد كيان العدو بالإمدادات الاقتصادية من جهة البحر المتوسط، وللتوضيح أكثر خصوصاً فيما أعلنه ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع، فمسألة الاستهداف ستطال كل سفن الشركات التي ستحاول خرق قرار الحظر في البحر المتوسط كمرحلة أولى وسيتوسع تلقائياً اذا استمرت هذه الشركات في ارتباطها بكيان العدو أثناء قيامه بأي عمل عدواني تجاه مدينة رفح، فالاستهداف في هذه الحالة سيكون شاملاً، و سيطال كل سفن هذه الشركات في أي موضع كان من البحار الأخرى التي تقبع ضمن منطقة عمليات القوات المسلحة، وهي البحرين الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي، وبغض النظر حول طبيعة وجهتها، أو رحلاتها لدول أخرى .

البعد الزمني والعسكري لقرار التصعيد

من الأمور الهامة التي نود الايضاح حولها هو أن قرار تدشين جولة التصعيد هذه لم يكن مبنياً على مسائل عسكرية فقط، بل كان توجهاً حكيماً في طبيعة التوقيت ومدروساً بعناية في تفاصيله العسكرية والاستراتيجية من القيادة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي-يحفظه الله- فقد أتى تلبية لمقتضيات المواجهة، والتحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، والمقاومة في قطاع غزة، وتدعيماً لاستراتيجية الردع ضد كيان العدو الاسرائيلي الذي يستمر في ارتكاب الإبادة في غزة، ويحضر لهجوم عدواني وشيك على مدينة رفح التي تكتظ بمليون ونصف من النازحين والمواطنين الفلسطينيين، لذلك كان توقيت اتخاذ قرار التصعيد لقواتنا المسلحة مسألة مفصلية، وحساسة للغاية.

من الناحية العسكرية، فهذه الجولة سيكون جهدها مركزاً على تحقيق غايات و تغييرات في قواعد المواجهة والردع ضد كيان العدو الإسرائيلي، حيث سيرفع مستوى الضغوط، وتضييق الخناق البحري على هذا الكيان، وتعزز عوامل صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزه، فالبنظر لهويتها العملياتية فالهدف المرسوم يتضمن تطبيق حظر بحري كامل على كيان العدو وتصفير تجارته، فالبحر الأبيض المتوسط وفق أهمية الجغرافية، يعتبر الشريان الأخير الذي يغذي هذا الكيان بالإمدادات والبضائع، وهو الرئة الوحيدة الذي يتنفس منها، ومسألة حظره عسكرياً سيعطل هذه الامدادات، وسيشل الحياة من الموانئ المتبقية للكيان، كميناء “حيفا” و “أسدود” بشكل دراماتيكي، كما أن ادراج سفن شركات الشحن الكبرى التي مازالت تمد الكيان بالبضائع ضمن قائمة الأهداف يعد خياراً ضاغطاً سيضعف قوة كيان العدو، ويصفر حركته التجارية بالكامل.

لذا؛ فقواتنا المسلحة في هذه المرحلة الحساسة، ورغم التحديات لديها -بفضل الله تعالى- عوامل القوة والاقتدار العسكري المناسب لتنفيذ مسارات التصعيد، فأذرعها الضاربة في وحدات الصواريخ، وسلاح الجو المسير نجحت -بفضل الله تعالى- في الكثير من الأعمال العسكرية الأكثر تعقيداً، وقد حققت انجازات نوعية في استهداف أعماق فلسطين المحتلة “أم الرشراش” وتعطيل مينائها، وفي استهداف السفن التي تتجه إلى كيان العدو ضمن كامل الأحواض المائية في البحرين الأحمر والعربي، وصولاً إلى عمق المحيط الهندي؛ لذا قدرتها على استهداف السفن في البحر المتوسط مسألة ممكنه بعون الله تعالى .

استمرار كيان العدو في ارتكاب الإبادة في غزة سيكون آخر خطأ يرتكبه، فالجولة الجديدة من التصعيد ستشهد مناورات هجومية غير مسبوقة تعطل موانئه بالكامل، وتحظر ملاحته البحرية من أقصى المحيط الهندي جنوباً إلى أقصى البحر الأبيض المتوسط شمالاً.

*باحث عسكري