الخبر وما وراء الخبر

جمعة رجب: “السلام على همدان”.

447

يحتفل اليمنيون يوم الجمعة الاول من شهر رجب، بمناسبة دخولهم إلى الإسلام ويطلقون عليه “جمعة رجب”.

يحتفل اليمنيون يوم الجمعة الاول من شهر رجب، بمناسبة دخولهم إلى الإسلام ويطلقون عليه “جمعة رجب” .

لكن هذا العام ليس كغيره بالنسبة لليمنيين، فالاحتفال بهذا اليوم المبارك يأتي في وقت تشن فيه السعودية، مدعومة من قبل الولايات المتحدة، عدوانها على الشعب اليمني المسلم، وللمفارقة الغريبة أن هذا العدوان ياتي تحت عنوان “الدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين”.

“ترجع مناسبة جمعة رجب لقصة دخول الإسلام لليمن حينما أرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام ومعاذ بن جبل لليمن لدعوته أهلها للإسلام، فاتجه معاذ لجنوب اليمن الجند (تعز حاليا) واتجه الإمام علي عليه السلام لشماله وتحديدا صنعاء”، وفق ما يشير الباحث الاسلامي اليمني محمد الحسني في حديث إلى موقع قناة المنار.

يسجل العام الثامن بعد هجرة النبي محمد (ص) إلى المدينة المنورة دخول اليمنيين في الإسلام دون قتال.

أسلمت قبيلة همدان في صنعاء يد الإمام علي بن أبي طالب (ع) الذي كان قد أوفده النبي محمد (ص) بعد فشل رُسله السابقين في إقناع أهل اليمن بالإسلام، فاعتنقت قبيلة همدان اليمنية الإسلام لتلتحق بها القبائل الأخرى. وتنقل الأحاديث المروية : بعث النبي (ص) خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه فبعث علياً وكنت فيمن عقب على علي ثم صّفنا صفاً واحداً ، وتقدم بين أيدينا ، وقرأ عليهم كتاب رسول الله (ص) فأسلمت همدان جميعاً ، فكتب على إلى رسول الله (ص) بإسلامهم ، فلما قرأ (ص)الكتاب خرّ ساجداً ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان. (صحيح البخاري)

وأوفد النبي محمد (ص) إلى جنوب اليمن وبالتحديد إلى الجند في تعز معاذ بن جبل الذي أقنع أهلها بدخول الاسلام.
لايزال اليمنيون إلى اليوم يتغنون بالقصيدة التي ألقاها أمير المؤمنين الإمام علي (ع) بحق أهل اليمن أو تحديداً بـ”همدان”، بعد أن أسلموا على يديه، والتي قال فيها:
“تيممت همدان الذين همُ همُ إذا ناب أمرٌ جُنتي وحسامي
…جزى الله همدان الجنان فإنّهم سمامُ العدى في كل يوم سمام
لهمدان أخلاق ودين يزينهم وبأس إذا لاقوا وحدّ خصام
رجال يحبون النبي ورهطه لهم سالفٌ في الدين غير أثام
فلو كنتُ بواباً على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلامِ”
وبعد انتشار الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية، بدأت الوفود تصل إلى النبي الاكرم من كل بقاع الجزيرة يجددون العهد ويعلنون الولاء وكان وفد اليمن من الوفود القادمة الذين أولاهم النبي اهتماما خاصاً، وقال بحقهم: “أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة ، الإيمان يمان والحكمة يمانية”.

جمعة رجب

يقدس اليمنيون جمعة رجب رغم كل ما مورس “حرب لطمس هذه الذكرى من قبل الجهات الرسمية والإعلامية، وعدم إيلائها اي اهتمام في المناهج الدراسية وغض طرف وزارة الأوقاف”، التي كانت محسوبة على التجمع الوطني للاصلاح المدعوم من السعودية، وفق ما نقلت صحيفة الأمة (العدد 123) في العام 2011.

ولعل الخلاف هنا يأتي في سياق ما أشار إليه الباحث الاسلامي محمد الحسني، من تمايز المدراس السنية العامة مع الوهابية التي شذت عن الامة، وفق تعبيره.

ويتحدث الحسني عن الاحتفال باليوم الذي يمجده اليمنيون، إذ “يجتمع العلماء والشيوخ والسياسة والوجهاء وعموم الناس في محفل كبير يحييون ذكرى دخول الإسلام لليمن والتي كانت في أول جمعة من رجب، فلها مكانة سامية وعظيمة يترقبها اليمنيون كل عام ويتم الاستعداد لها من يوم الثلاثاء والاربعاء والخميس حتى يوم الجمعة يكون اليوم الأكبر في المناسبة”.

“وتتخذ في هذا اليوم معظم عادات وتقاليد ومراسم الأعياد الإسلامية  من زيارات الأرحام والصلة والبر ولبس أحسن الثياب ولعب الأطفال”.

كما  تُقدم في بيوت اليمنيين الحلويات والكعك اللازم لتقديمه للزائرين ويفوح البخور من المنازل. وتتزين شوارع اليمن وحاراتها بالمشاعل والقناديل، إلا أن المشهد هذا العام قد يبدو مختلفاً بسبب ما أُلحق باليمن من دمار.
الاحتفاليات الكبرى تُنظم في صنعاء والجند في تعز سواء من التحاق المصلين بالجوامع أو عقد حلقات المدائح النبوية، وسكب ماء الورد على المشاركين وشراء الحلوى وتوزيعها على الأطفال.الاحتفالات نفسها، تشهدها مناطق يمنية أخرى كإب وصعدة وعمران وحضرموت حيث تذبح الذبائح وتوزع على الأرحام والفقراء.

“جمعة رجب” تمر على اليمنيين هذا العام، ومشاهد القتل والدمار تطغى على الاحتفاليات، إلا أن صوتاً من عمق التاريخ لا يزال يتردد: “السلام على همدان”.

*قناة المنار