الخبر وما وراء الخبر

الوهابية وعقيدة القتال مع اليهود ضد عدو مشترك

48

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
16 أبريل 2024مـ – 7 شوال 1445ه

بقلم // عدنان علي الكبسي

يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (سلام الله عليه): (الحقيقة: إذا تأمل الإنسان في واقع الناس يجد أننا ضحية عقائد باطلة، وثقافة مغلوطة جاءتنا من خارج الثقلين: كتاب الله، وعترة رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هذا شيء. الشيء الآخر – وهو الأهم – أننا لم نثق بالله كما ينبغي، المسلمون يعيشون أزمة ثقة بالله).
وحقيقة عندما انعدمت الثقة بالله في أوساط الأمة الإسلامية تصرفت الأمة بعيدًا عن الله سبحانه وتعالى فلم تهتدي بهديه، ولم تثق بكتابه، ولم تسير على منهجيته حتى أصبحت أمة مقهورة مهزومة مذلولة، بل حتى انطلى عليها الضلال، وتأثرت بالثقافة المغلوطة وترسخت فيها العقائد الباطلة حتى أصبح المنكر معروفًا والمعروف منكرًا.
عندما انعدمت الثقة بالله انعدمت الثقة بكتابه وبأعلام الهدى من عترة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فكان البديل ثقافة وعقائد اليهود التي بدأت جذورها في الأمة منذ بداية الإنحراف عن المسار النبوي، لأن الإنحرافات توسعت من حديث مكذوب: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)، واستوعب المسجد النبوي في المدينة المنورة بعد عدة سنوات من موت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أحبار اليهود ليكونوا هم المحدثين والمفتين والعلماء والمرشدين بدلًا عن أهل البيت عليهم السلام، بل ولم نرى حتى خيرة أصحاب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يتولوا زمام الدين فاندثر على يد أحبار تأسلموا ليدسوا السموم اليهوديّة في أصول وفروع الدين، وكان من هؤلاء الأحبار كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبدالله بن سلام وغيرهم.
ومع أحداث غزة تجلى الإنحراف الثقافي في أوساط الأمة تحت عناوين براقة باسم الدين، فصار من يساند الفلسطينيين مجوسي، والوقوف في وجه اليهود تنفيذ أجندة إيرانية، ودعم المقاومة الفلسطينية إرهاب، غابت ثقافة القرآن وظهرت ثقافة مغايرة للقرآن، تخلى الناس عن أعلام الهدى فجثم على صدورهم سلاطين الجور وروج لهم علماء السوء وجميعهم قلوبهم قلوب الشياطين لم يهتدوا بهدي الله، ولم يستنوا بسنة رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).
إن كان هناك عرق ينبض فقد خُدِّر بثقافة التبعية لإيران، وإن كانت إنسانية ثائرة فقد جُمدت بعقيدة موالاة العدو الوهمي (الشيعة)، وإن كانت في القلوب حرارة الألم فتُبرَّد بوجوب الطاعة لسلاطين العمالة، وإن كانت بقايا ضمير فقُصفت بصلحٍ عام مع أعداء الأمة، وإن كانت بقية إيمان فدُمرت بإرهاصات يهودية.
فكان من ضمن الإسرائيليات التي أدخلها المتأسلمين من أحبار اليهود وينسبون ذلك إلى رسول الله بهتًا وكذبًا (تصتلحون أنتم والروم، قالوا: (اليهود والنصارى)، قال: نعم، صلحًا عامًا، فتقاتلون عدوًا لكم وعدوًا لهم)، وهذه الكذبة الإسرائيلية الدخيلة على ثقافة الأمة تهيأ الساحة لليهود أن يحاربوا مع جزء من المسلمين وفي صف واحد ضد طرف من المسلمين.
وقد ربما أن علماء السوء يهيأوا الأجواء اليوم ليكونوا في خندق واحد مع الكيان الصهيوني لمواجهة محور المقاومة، ثم ترى حينها انتشار واسع لمقاطع فيديوهات، وتعدد الفتاوى التي توجب وجوبًا شرعيًا القتال مع اليهود ضد المجاهدين الصادقين من أبناء هذه الأمة، وقد بدأ الترويج لذلك بتكفير حركات الجهاد والمقاومة في قطاع غزة، وكذلك تكفير محور الجهاد والمقاومة والتحريض المستمر وبشكل كبير دون أن تسمع أو تحس لهم همسًا في التحريض ضد اليهود الصهاينة وكأنهم إخوة وهم كذلك.
فهذه عقيدة الوهابية بأنهم سيقاتلون مع اليهود وهم في صلح (تطبيع) عدو مشترك كما يزعمون، ليشرعنوا قتالهم في المستقبل القريب ومواجهتهم للأحرار من أبناء هذه الأمة خدمة للوبي الصهيوني.
ولا يمكن أن يسلم من تضليل الوهابية إلا الواثقون بالله المعتمدون عليه، الذين يحملون ثقافة القرآن الكريم وعقيدتهم من هدي القرآن، ومنهجيتهم كتاب الله، وهم في نفس الوقت يتولون أعلام الهدى من أهل البيت عليهم السلام.
فالولاية لأهل البيت هي الضمانة الحقيقية من أن ينفذ إلى قلب المسلم مثقال ذرة من الولاء لليهود والنصارى، ولا يمكن أن تضل أمة تتمسك بالكتاب والعترة، كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدًا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).