الخبر وما وراء الخبر

فاتحة الرد الإيراني.. إغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الصهيونية

9

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
13 أبريل 2024مـ – 4 شوال 1445هـ

تقرير|| أحمد داوود

بدأت الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم أولى عملياتها ضد الكيان الصهيوني في إطار الرد على جريمة استهداف قنصليتها في دمشق قبل أيام، لتفتح باباً من المواجهة لا يمكن أن يوصد بسهولة.

واستولى الحرس الثوري الإيراني على سفينة شحن صهيونية كانت تبحر في مضيق هرمز، في رسالة حملت الكثير من الدلالات والرسائل، عنوانها الأبرز هو إغلاق المضيق في وجه الملاحة الصهيونية، ما يعني عملياً إحكام الحصار على الصهاينة في البحر، وتوجيه ضربة قاتلة للجسر البري الذي استعانت به “إسرائيل” كخط بديل بعد إغلاق اليمن لمضيق باب المندب.

كانت السفن الإسرائيلية القادمة من الهند أو من المحيط الهندي تعبر مضيق هزمز بسلام، وتستقر في الإمارات، ومن هناك يتم تفريغ حمولة السفن إلى شاحنات كبيرة، تمر برياً من الإمارات، والسعودية، فالأردن، وصولاً إلى الكيان الغاشم، غير أن هذه العملية أنهت هذا الخط البديل نهائياً، كون طهران هي التي تسيطر على مضيق هرمز، وهذا سيضاعف المعاناة الاقتصادية للصهاينة.

وإلى جانب إحكام الحصار على السفن الإسرائيلية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، تدل هذه العملية على أن الخطوات الإيرانية في المواجهة ستكون شاملة، وواسعة، وأن الأمر لن يقتصر بمسألة رد فقط، بل قد تصل الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك، ولذا فإن إيران بهذه العملية قد دخلت بشكل مباشر في نطاق المواجهة مع العدو الإسرائيلي.

الرسالة الأخرى لأمريكا وبريطانيا ودول الخليج المطبعة مع الكيان الصهيوني، تشير إلى أن إغلاق مضيق هرمز، وباب المندب، يعني توقف مسار ناقلات النفط التي تتجه من الخليج إلى دول آسيا عبر مضيق هرمز، أو تتجه إلى أوروبا عبر مضيق باب المندب، ولهذا فإن السعودية والإمارات ستتضرران بشكل كبير جداً، إذا ما تحدد موقفهما بالانحياز إلى الجانب الأمريكي والبريطاني والصهيوني، وخاصة إذا ما لجأت أمريكا بالرد على إيران من خلال قواعدها العسكرية المنتشرة في الخليج.

من العجيب في سياق الردود على الرد الإيراني هو الادعاء البريطاني بأنها غير قانونية، وكأن ما يحدث في غزة من جرائم إبادة ترتكبها إسرائيل على مدى أكثر من 6 أشهر هي قانونية بامتياز، وهنا يمكن القول إن على الدول الكبرى أن تعي جيداً أن القانون ليس ثياباً يتم تفصيله حسب المزاج، وإنما هي قواعد يجب على الجميع الالتزام بها، وليست أمريكا وإسرائيل والناتو فوق القانون.

لقد استفادت طهران من التجربة اليمنية في المواجهة مع الصهاينة، فالبداية هي بالاستيلاء على السفن الصهيونية وجرها إلى المياه الإقليمية الإيرانية، وهي تدشين فعلي بإغلاق المضيق أمام الملاحة الصهيونية، ثم إذا ما توسعت المواجهة وتدخلت أمريكا والدول الأوروبية لمساندة إسرائيل، فإن المضيق سيكون مغلقاً تماماً أمام دول الاستكبار، وما لحق بهذه السفن من حرق وتدمير واغراق في البحرين الأحمر والعربي، سيلحق بها في مضيق هرمز.

عالمياً، يصنف مضيق هرمز بأنه ثاني أهم مضيق في العالم بعد مضيق ملقا، ثم يأتي بعده في الترتيب مباشرة مضيق باب المندب، ومن يتحكم بالمضيقين يستطيع التحكم بحركة التجارة العالمية، وهذه ورقة ضغط تمتلكها إيران واليمن ومحور المقاومة، وهي ستلحق الضرر بشكل مباشر وكبير بالكيان الصهيوني وكل من والاه بالدرجة الأولى.

لقد ارتكبت إسرائيل خطأ استراتيجياً فادحاً، أولاً بارتكابها حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وثانياً في التمادي في استهداف القيادات الإيرانية في سوريه، وثالثاً في محاولة جر المنطقة العربية عنوة إلى التطبيع، لكن هذه الأحداث أثبتت مدى ضعف وهشاشة الكيان، وعجز أمريكا وحلفائها عن مساندته، وما يحدث في البحر الأحمر أكبر دليل على ذلك، وكل هذه الأحداث تصب في المقام الأولى لخدمة محور المقاومة الذي تتزعمه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي الآن ترسم وجهاً جديداً للمنطقة لن يكون أمريكياً ولا صهيونياً على الإطلاق.