قيادة ثـورةِ 21 سبتمبر وإدَارَةُ معــركةِ الصُّــمُــوْدِ بوجهِ العُــدْوَانِ
بقلم / محمد المنصور
كَـثِيْـرةٌ هي الدروسُ المستفادةُ من مرورِ عامٍ على بدْءِ العُـدْوَانِ السُّـعُـوْديّ الأَمريكي التحالُفي الهمَجي، مصحوباً بحصارٍ شاملٍ على اليَمَنِ أرضاً وإنْسَـاناً، دونَ أن يتمكَّنَ العُـدْوَانُ بكُلِّ إِمْـكَـاناتِه وَقُدراته البشرية والماديّة الهائلة من تنفيذِ أَهْـدَافه المعلنة في طليعة تلك الدروس:
إنَّ القوَّةَ الغاشمةَ مهما بلغت عُــدَّةً وَعَتَاداً وقدراتٍ لا تستطيعُ أن تهزمَ شعباً قرّر الدفاعَ عن حريتِه وكرامته وأرضِه وعِرضه ومقدراته، متوكلاً على الله، ومعتمداً على إِمْـكَـاناتِــهِ الذاتيةِ المحدودة.
إنّ اليَمَنيين استطاعوا التغلُّبَ على ظروفِ العُـدْوَان العسكريِّ السُّـعُـوْديّ الأَمريكي التحالُفي والحصار الظالم الذي شَمِلَ الغذاءَ والدواءَ، وأبسط ضروريات الحياة، مستعينين بالله عزّ وجلّ، وبجهودٍ تحمل فيها الشَّـعْـبُ بكُلِّ مكوناته المسؤولية التأريخية، واستشعروا عُمْقَ مظلوميتهم وعدالة قضيتهم، وأفشلوا أَهْـدَافَ العُـدْوَان بإحداث مجاعات، وتشرد ونزوح جماعي يضعفُ الجبهة الداخلية ويربكُ الوضعَ العام في البلد، بخَاصَّـةٍ في ظلّ الفراغ السياسي القائم.
عَسْكَرياً استطاع الجيشُ اليَمَني واللجانُ الشَّـعْـبيةُ طيلةَ عامٍ – وبرغم تفوُّق العُـدْوَان كَمّاً ونَوْعاً وسيطرته الجوية والبحرية المطلقة – تحقيقَ انتصاراتٍ نوعية، والتعامل مع مختلف أَسْلِحَة العُـدْوَان ومنظوماته المتطورة وتكتيكاته وخطَطه بوعي وذكاء ومعرفة وألحقت به خسائرَ فادحةً ونوعيةً في أسلحتِهِ الجويَّةِ والبريّة والبحرية وعلى مختلف الجبهات، ومنعته من تحقيقِ أَهْـدَافه بفضل الله وعونه، وبفضل تضحيات الشَّـعْـب اليَمَني العظيم، وبَسَالَة أبطال الجيش واللجان الشَّـعْـبية.
أمنياً استطاعت الأجهزةُ الأمنية واللجانُ الشَّـعْـبية تحقيقَ انجازاتٍ غيرِ مسبوقةٍ على صعيدِ حفظِ الأمن والاستقرار في العاصمة صنعاءَ وغيرِها من المحافظاتِ اليَمَنية التي كانت ولا تزالُ عُرضةً لاستهداف العُـدْوَان الجوي بقنابلِ العُـدْوَان وصواريخه وأسلحته المحرّمة، وَعُرضةً للإرْهَــاب التكفيري وشبكاته الإجْـرَامية التي يحَـرّكُها العدوُّ الأَمريكي السُّـعُـوْديّ وأجهزتُه الاستخباريةُ التي تتخذُ من عناوينِ القاعدة وداعش مسمياتٍ لها لاستهدافِ الأبرياء بكُلِّ وحشيةٍ وإثارة الفوضى والحروب الطائفية، وتنفيذ مخططات الأعداء.
كَـثِيْـرةٌ هي الدروسُ اليَمَنيةُ الوطنيةُ والقوميةُ والإنْسَـانية التي سطّرها اليَمَنيون، في ظلِّ أصعبِ الظروفِ الداخلية، وفي ظلّ تكالب معظم حكومات العرب والمسلمين والغرب وتواطؤِها مع العُـدْوَان، وكَـثِيْـرةٌ هي التجاربُ المستفادة من عام مضى في ظلّ العُـدْوَان السُّـعُـوْديّ الأَمريكي الهمَجي الذي لم يتورع عن ممارسةِ أبشع الجَـرَائِم الوحشية، وحروب الإبادة التي يتورّعُ عن مثلها حتى الكيان الصهيوني.
يستقبلُ اليَمَنيون عامَهم الثاني في ظلّ معركة الصُّــمُــوْد والتصدي للعُـدْوَان وهم أشدّ عزماً ومضاءً وعنفواناً، وعلى النقيض من ذلك تدخل السُّـعُـوْديّة وتحالفها عام العُـدْوَان الثاني في وضعية مرتبكة سياسياً وعَسْكَرياً واقتصادياً، وعاجزة عن الاعتراف بالفشل والهزيمة في عُـدْوَانها على اليَمَن، وهو ما باتَ مشخّصأً ومعترفاً به لدى معظم الأَوْسَـاط السياسيّة الدولية ومراكز الدراسات والمحللين على مستوى العالم.
ولا شَـــكَّ بأن هُناك عوامل َكَـثِيْـرةً صنعت ملحمةَ صمودِ وانتصارِ الشَّـعْـب اليَمَني بوجهِ العُـدْوَانِ الغاشم، في مقدمة تلك العوامل يأتي التأييدُ الإلهي للشعب اليَمَني المعتدَى عليه ظلماً وعُـدْوَاناً، وثاني العوامل يتمثل في عنصر القيادة التأريخية للثورة الشَّـعْـبية متمثلة بشخص السَّـيِّـد عَبدالملك بدر الدين الحوثي، ذلك القائدُ الثلاثيني الذي امتلَكَ بحقٍّ كُلَّ مواصفات القائد التأريخي الناجح والفَذِّ من شجاعة وحكمة وبصيرة ومقدرة ومواهبَ وقدراتٍ عظيمةٍ أُخْـرَى، حيث استطاع قيادة الشَّـعْـب في المواجهة ضد العُـدْوَان ومرتزقته في لحظة تكالبت كُلّ المحن والأزمات على اليَمَن، وفي مقدمتها حالة الفراغ والانقسام السياسي، إضافةً إلَى وضعية اقتصادية وتراكُمات عقودٍ خلت من الفساد والتبعية والفوضى والحروب والإرْهَــاب والأزمات والتدخلات الأجنبية الفجة في كُلّ الشؤون اليَمَنية.
ولم تكُنِ الحالةُ السياسيّةُ العربيةُ والإسْـلَامية والدولية في أحسن أحوالها، بل كانت بما تشهدُه المنطقةُ من حروبٍ وانقساماتٍ وتوتراتٍ طائفية وجهويه تمثِّلُ عاملاً محفزاً للعُـدْوَان السُّـعُـوْديّ وحلفائه على اليَمَن.
لم يكن الجيشُ اليَمَنيُّ والأجهزةُ الأمنية اليَمَنية في جاهزيةٍ تسمحُ لها بالوقوف أمام عُـدْوَان عالمي بذلك الحجم وبتلك الإِمْـكَـانات، مصحوبة بحصار مطبق، وحرب إعْـلَامية هوجاءَ وغيرها من العوامل التي بنى عليها العُـدْوَان حساباته وأَهْـدَافه في اليَمَن، والتي كانت ترجح نجاحه وتحقيق أَهْـدَافه المشبوهة التي غلفها بمزاعم مساعدة الشَّـعْـبِ اليَمَني والاستجابة لنداء ما سّمي بالحكومة الشرعية وإبعاد الخطر الإيراني عن السُّـعُـوْديّة والخليج.
قائدُ الثورة يُشَخِّــصُ العَدُوَّ ويقرأ سيناريو العُـدْوَان ويحدّدُ الخياراتِ منذُ البداية وعقب ثورة 21 سبتمبر 2014م وما تلاها من أحداثٍ وتطورات لعبت فيها الأيدي الأجنبية السُّـعُـوْديّة الأَمريكية دوراً لإفشال العملية السياسيّة التي كانت على وشك التوصُّل إلَى اتفاق برعاية جمال بن عُمَرَ المبعوث الأُمَـمي إلَى اليَمَن، وعقبَ جريمة اغتيال الشهيد عَبدالكريم الخيواني وجريمتَي التفجير اللتين استهدفتا مسجَدي بدر والحشحوش بصنعاء وراح ضحيتهما المئاتُ من المصلين بين جرحى وقتلى، تحدَّث السَّـيِّـد عَبدالملك بدر الدين الحوثي برؤية واضحةٍ لا لَبْـــسَ فيها عن طبيعة تلك الجَـرَائِم ومغزاها وارتباطها بما يجري في المنطقة العربيّة والإسْـلَاميّة من حروبٍ وفوضىً وتوتراتٍ تحَـرِّكُها أَمريكا والكيان الصهيوني عبر السُّـعُـوْديّة ودول الخليج وأدواتها التكفيرية، التي أرادت بجريمة اغتيال الشهيد الخيواني، وبجريمتي استهداف المصلين بيوم الجُمُعةِ في مسجدَي بدر والحشحوش استثارة ردود فعل، وإثارة فتنة طائفية تكون من بين ممهدات العُـدْوَان الشامل على اليَمَن.
قبيل 4 أيام من العُـدْوَان السُّـعُـوْديّ الأَمريكي تحدّث السَّـيِّـد بتأريخ 22 مارس 2015م في خطابٍ تليفزيوني إلَى الشَّـعْـبِ اليَمَني محدداً الطرَفَ المسؤولَ عن تلك الجَـرَائِم بقوله: إنّ مَن يقفُ وراء هذه الجَـرَائِم هي منظومةُ الشرّ والهيمنة، وعلى رأسها أَمريكا التي هي مظلة الطغيان في العالم، وإسْـرَائيْل التي هي مستفيدة من كُلّ ما يحصل بحق هذه الشعوب من اعتداءات وظلم وطغيان.
وفي ذلك الخطاب قدّم السَّـيِّـدُ قراءةً استباقيةً لما هو قادمٌ على ضوء معطيات ومؤشراتٍ عديدةٍ، وما شهدته اليَمَنُ من أحداث وتطورات قائلاً: “كُلُّ الفترة الماضية كانوا يعدون العُدَّة ويطبخون طبختَهم المسمَّمة التآمرية التي تهدفُ إلَى النيل من هذا الشَّـعْـب العظيم، المماطلة في حَسْـمِ الحوار وبشكل مفضوحٍ ومكشوفٍ؛ بهدف التعطيلِ للعملية السياسيّة وإعطاء الوقت الكافي لانضاجِ هذه الطبخة المسممة لتجهيز المزيد من المؤامرات في الميدان، وتحريك المزيد من الأوراق في الميدان”.
بهذه الرؤية الواضحة والعميقة قرأ قائدُ الثورة المشهَدَ اليَمَني بكافة أبعاده وعناصره، وبكُلِّ شفافيةٍ وصدقٍ شَخَّـــصَ الخياراتِ أمام الشَّـعْـب اليَمَني بكل فئاته وقواه قائلاً: إنّ ما يمكنُ أن يترتَّبَ على خيار الذل والاستكانة والصمت والاستسلام والتغاضي هو الأمورُ الفظيعة، هو ما يحصلُ اليومَ من قتل وسحل وذبح بالسكاكين وبؤس وفظائع لا نهاية لها. أما ما يمكنُ أن يترتبَ على القيام بالمسؤوليات وتجسيد القيم والأخلاق الأصيلة التي نتمتع بها كشعب يمني مِن عِــزٍّ وإباءٍ للضيم وثباتٍ وصمودٍ في مواجهة التحديات، هو النصر، هو العزة والكرامة، وهذا الذي يريده الله لنا، ونحن كشعب يمني جديرون به ونحن لسنا جديرين لا بالإذلال ولا بالهوان.
هذه النظرةُ البعيدة والاستراتيجيةُ لطبيعة العُـدْوَان وأَهْـدَافه التي عبّر عنها السَّـيِّـد عَبدالملك الحوثي، وخاطَبَ بها الشَّـعْـبَ اليَمَني بكل شفافيةٍ منذ اليوم الأَوَّل ساعدت على خَوض المجابَهة في كُلّ الميادين والساحات وعلى كُلّ المستويات السياسيّة والعسكرية والأمنية والإعْـلَامية والاجتماعية والثقافية، وأسهم التفاعُلُ الشَّـعْـبي مع صدقِ القيادة ومبدأيتها في تحصينِ الجبهة الداخلية، وأفشل معظمَ رهانات العُـدْوَان.
معرفة العدو وطبيعةِ أَهْـدَافه بدقة وتحديد السبل والإجراءات الرادعة والعمل على تحقيقها للوصول إلَى ما نريدُه من أَهْـدَافٍ من صفات القيادة الناجحة، ولذلك كان وضوح الهدف المتمثل في الدفاع عن اليَمَن أرضاً وإنْسَـاناً وهوية وانتماء وحاضر ومستقبل والعمل على تحقيقه هو ما سعت إلَـيْه قيادة الثورة الشَّـعْـبية، وهو ما حدّدَ طبيعة التحَـرّك والفعل المضاد، والفعل الاستباقي على كُلّ الجبهات والأصعدة، وهو بالتوكل على الله عز وجل، وبالاعتماد على الشَّـعْـب اليَمَني العظيم بما يمتلُكه من قيمٍ حضارية وطنية وإنْسَـانية وحضور تأريخي عريق.
ظَلَّ الشَّـعْـبُ بكل فئاته وقواه محورَ اهتمام وتوجه قائد الثورة السَّـيِّـد عَبدالملك الحوثي، وظلَّ الرهانُ على الشَّـعْـب حاضراً قبلَ وأثناءَ العُـدْوَان السُّـعُـوْديّ الأَمريكي، وكان الشَّـعْـبُ عند مستوى التحدّي حاضراً في كُلّ الساحات والجبهات، في خطابه الأَوَّل بعد العُـدْوَان بتأريخ 30 مارس 2015م يُعَبِّرُ السَّـيِّـد عن عظيم اعتزازه بالشَّـعْـب اليَمَني العظيم، ويقول مخاطباً دول العُـدْوَان: إن اليَمَنَ أيها المجرمون الباغون أعز وأقوى شموخاً وثباتاً وعزاً وإباءً وَمَنَعَةً مما تتخيلون انتم وتتوهمون أنتم، الشَّـعْـب اليَمَني ليس فريسة سهلة، ولا لقمة سائغة ليأتي البعض وهو يروم ابتلاعها لا.. هذا غير وارد.. هذا غير ممكن.
إدَارَة المعركة وفَــنُّ القيادة
بالثقة الأكيدة بنصرِ الله وعَوْنِهِ وتأييدِه، وبالشَّـعْـبِ اليَمَني العظيم وتضحياته الكبيرة وبصموده وإبداعاته، وبأبطال الجيش واللجان الشَّـعْـبية أدارت ثورةُ 21 سبتمبر وقائدها المواجهة مع العُـدْوَان ومرتزقته ولا تزال، واضعةَ نُصْبَ العين مهمةَ منع العدو من تحقيق أَهْـدَافه واتباع استراتيجية النفَــسِ الطويل في خوض المعركة، في حين كان العُـدْوَان يتعجل تحقيق انتصار باي ثمن وبأية وسيلة إجْـرَامية.
ولتفويت الفرصة على العدو في تحقيق أياً من أَهْـدَافه تم العمل على:-
الحفاظ على مُؤَسّسات الدولة ومنْع الفوضى.
الحرص على نجاح الحَلِّ السياسي السلمي للأزمة، والاستجابة لكلِّ المبادرات الأُمَـمية للحوار.
التصدّي لخطَرِ القاعدة والتكفيريين.
التعبئة العامة وتشكيل الجبهات الداخلية المتخصصة لتفعيل الدور الإعْـلَامي والثقافي والعُلمائي والاجتماعي ورفد الجبهات بالمقاتلين والإمداد، وتعزيز صمود وتماسك الجبهة الداخلية على كافة الصُّعُـد.
تحصين الجبهة الداخلية بتبنّي وثيقة التحالف القبَلي التي تُجَــــرِّمُ التعامُلَ مع العُـدْوَان الأجنبي والخونة.
التحَـرّك على المستوى الدولي لشرح أبعاد المظلومية التي يتعرض لها الشَّـعْـب اليَمَني.
لقد وصف قائد الثورة معركة الشَّـعْـب اليَمَني مع العُـدْوَان بأنها معركة تحرر واستقلال، ومعركة الشرف والحرية والكرامة، ومعركة الدفاع عن الشَّـعْـب والوطن نافياً انه يخوض معركة لصالح أَي طرف في الدنيا. وبهذه الأبعاد الوطنية والمنطلقات تمّت وعلى أرض الواقع إسقاط المشاريع الطائفية والتفتيتية للوطن التي جاء بها العُـدْوَانُ، وقد لخّص السَّـيِّـد عَبدالملك الحوثي دورَ الشَّـعْـبِ في المواجهة مع العُـدْوَان بأنه دور أخلاقي وإنْسَـاني وقيمي ووطني.
(أسرارُ الصُّــمُــوْدِ والانتصار في مواجهة العُـدْوَان)
تكشّفت على مدى أيام العُـدْوَان العلاقةُ الوثيقةُ للنظام السُّـعُـوْديّ بالأَمريكان والصهاينة، واتضحت طبيعةُ مشاركتهم في العُـدْوَان على اليَمَن، وكان السَّـيِّـدُ قد كشف المخطَّطَ والدورَ الأَمريكي الصهيوني البريطاني قبل بدء العُـدْوَان ضمن رؤية واسعة لطبيعة الصراع الاستعماري على اليَمَن والمنطقة وخيراتها ومواردها، ولما فيه مصلحة الكيان الصهيوني وتفوقه وبما يخدُمُ مراميَه إلَى ضياع القضية الفلسطينية ومقدسات العرب والمسلمين.
إن تدميرَ اليَمَن وقتْلَ شعبِه من قبل العُـدْوَان السُّـعُـوْديّ الأَمريكي يكشفُ عن حقيقة العُـدْوَان وأَهْـدَافه وما يجري اليوم في عدن والمحافظات الجنوبية التي يزعم المحتلون والمرتزقة تحريرها من الجيش واللجان دليلٌ على أن تعميم القتل والحروب والدمار هي هدف العُـدْوَان والغزو والاحتلال لليَمَن، وهو ما كشف عنه ونبّه إلَى خطورته قائدُ الثورة السَّـيِّـد عَبدالملك بدر الدين الحوثي بدايةَ العُـدْوَان، ففي 30 مارس 2015م قال السيد: “إن هذه القوى الظالمةَ وعلى رأسها جارُ السوء هذا النظام الظالم الغشوم وهي ترتكبُ الجَـرَائِمَ بحقِّ أَبْنَـاء شعبنا اليَمَني العظيم إنما هي تنفِّذُ إرَادَةً أَمريكية ورغبة إسْـرَائيْلية”، وعن طبيعة هذا العُـدْوَان ومشروعه يضيف السَّـيِّـد “هو مشروع تدمير مشروع تفكيك، مشروع تجزئة وعُـدْوَان واستهداف”.
لقد أذكى خطابُ المسيرة القرآنية في مختلف أَوْسَـاط الشَّـعْـب اليَمَني جذوَة الوعي بخطورة المشروع الصهيوني الاستعماري لليَمَن للمنطقة، وشكّل هذا الخطاب الثوري الرافض للهيمنة والتبعية مصدر قلق للنظام السُّـعُـوْديّ العميل الذي سعى إلَى محاربته والقضاء عليه منذ انطلاقته في العام 2002م وكانت الحروبُ الظالمة على صعدة منذ 2004 وحتى منتصف 2010م ذروةَ الاستهداف والتآمُرِ على اليَمَن والمشروع الثقافي القرآني، الذي مثل في السنوات الماضية رافعة أَسَـاسية لمناهضة المشروع الصهيو أَمريكي في اليَمَن والمنطقة، واضطلعت السُّـعُـوْديّة بدور المنفذ للإملاءات الأَمريكية والصهيونية من خلالها عُـدْوَانها التحالفي المجرم على اليَمَن.
لكل تلك الأسباب والخلفيات اضطلعت حَـرّكةُ أنصار الله وقائدُها السَّـيِّـد عَبدالملك بدر الدين الحوثي بالدور الرئيس في ثورة 21سبتمبر التي أطاحت بركائز التبعية السُّـعُـوْديّة الأَمريكية في اليَمَن ورموزها، من هنا تكتسي طروحات السَّـيِّـد عَبدالملك ورؤاه الاستراتيجية قبل وخلال مرحلة العُـدْوَان أَهميّة بما تمتلكُه من مصاديقَ وتجلياتٍ في أرض الواقع.
ينطلقُ السَّـيِّـدُ عَبدالملك من رؤية إيمانية بحتمية النصر والصُّــمُــوْد مهما طال أمد المعركة من منطلق الاستعانة بالله والتوكل عليه في المقام الأَوَّل ثم بالحَـرّكة والعمل وتحشيد الطاقات وبذل الجهود، وعدم التفريط والتقصير ثانياً، وثالثاً من خلال معرفة عميقة بطبيعة الشَّـعْـب اليَمَني الذي يصفه دائما بالعظيم، وفي خطابه الرابع بعد العُـدْوَان في 22 يونيو 2015م يشخّصُ قائد الثورة السَّـيِّـد عَبدالملك أسبابَ صمود الشَّـعْـب اليَمَني بوجه العُـدْوَان ويوجزُها في:
الاعتماد على الله سبحانه وتعالى والتوكّل عليه.
الشَّـعْـب اليَمَني يستمد صموده وثباته من رصيده القيمي والأخلاقي الكبير والعظيم.
وعي الشَّـعْـب اليَمَني بمظلوميته.
وعي الشَّـعْـب بالمؤامرة الإجْـرَامية عليه من قبل الأعداء.
الوعي بطبيعة النظام السُّـعُـوْديّ الجائر والعميل لأَمريكا وإسْـرَائيْل من خلال ممارساته الإجْـرَامية بحق شعبنا اليَمَني العزيز.
الوعي بأن إسْـرَائيْلَ هي المستفيدة من العُـدْوَان على اليَمَن.
لقد أصبحت تلك المعاني والدلالات عناصرَ للخطاب الوطني الذي يَجْمَعُ ويُوَحِّــدُ غالبيةَ أَبْنَـاء اليَمَن، ويتجلّى عبرَ الخطاب السياسي والإعْـلَامي والثقافي والإبداعي والفني، وفي أحاديث الناس العاديين في الشارع نلمسه في كلمات وأحاديث النساء والأَطْفَال والمقاتلين في الجبهات، ومن خلال العَـرْضِ الموجز لدور قيادة الثورة الشَّـعْـبية في التصدي للعُـدْوَان السُّـعُـوْديّ الأَمريكي مع كُلّ أَبْنَـاء اليَمَن الشرفاء، يتضحُ اليومَ وبعدَ مرورِ عامٍ من العُـدْوَانِ نجاحُ هذهِ القيادةِ في إدَارَةِ المعركةِ في أصعبِ الظروفِ وتحقيقِ النصرِ المؤزَّرِ بإذنِ اللهِ.