الخبر وما وراء الخبر

ستبقى القدس القضيةَ الأولى

13

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

7 ابريل 2024مـ -28 رمضان 1445هـ

بقلم// منار محمد

مرّ ما يُقارب النصف سنة على بداية طوفان الأقصى والتي جعلت العدو الإسرائيلي يتخذها ذريعةً من أجلِّ قصف غزة، القصف الهمجي الذي لا مبرّر لهُ على الإطلاق، وكما قال السيد عبد الملك يحفظه الله ما يميّز هذه القضية أن الحقَ واضحٌ لا شكَ فيه ..
قضيةُ فلسطين وتحرير القدس هي قضية كلّ أحرار العالم لا تقتصرُ على عرقٍ أو دينٍ أو مجتمعٍ معين، كما لا تقتصرُ على حزبٍ دون الآخر! ويجبُ على جميع المسلمين في العالم أن يقفوا موقفًا واحدًا بل يجب على كل من يحمل ذرةَ إنسانيةٍ أن يكونَ له ما يثبت إنسانيتهُ أمامَ كل هذه المشاهد المروّعة والتي يرفضها كل شخصٍ ما زالَ على فطرتهِ السليمة.

عمل الصهاينة منذ الأزلِ من أجلِ قيام دولةٍ لهم تسمى إسرائيل على الأراضي الفلسطينية وسعوا لذلك بشتى الطرق، فبعد الاحتلال البريطاني لفلسطين قام الصهاينة اليهود باحتلال المناطق التي تنسحبُ منها القوات البريطانية بمساعدةِ الغرب وعلى رأسها أمريكا، الذين قاموا في بداية الأمر بإصدار قانون التقسيم لكن أحرار فلسطين رفضوا ذلك، مما أدى إلى نشوب معارك وقام اليهود بأبشعِ الجرائم واستغلوا تخاذل العرب عن القضية بعكسهم الذين يتمتعون بدعمٍ كبير، كما استغلوا غياب القوة العسكرية لدى الشعب الفلسطيني وغياب السلاح الذي يؤدي إلى القوة والسلام لمن يحمله ويدافع عن نفسه وأرضه، بعد ذلك للأسف الشديد تمكّن اليهود من السيطرةِ على كثيرٍ من الأراضي الفلسطينية ثم أعلن الرئيس الأمريكي ترومان آنذاك قيام ما يسمونها دولة إسرائيل المحتلة في 15مايو عام 1948م والذي يُسمى بعام النكبة، قام هذا الكيان الغاصب منذ أول وهلة على أشلاء الأبرياء، على دماء الأطفال والنساء، على سرق الفرح من قلوب البسطاء، قام على سلب الحقوق من أصحابها، وأي شيء أفدح من أن يُسلَب حق الوطن والأرض، بل إنهم احتلوا ودنّسوا بلاد الأنبياء ومسرى النبي صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، لذا تبقى القضية متجذرةً وعميقةً أكثر مما نتخيل، فاختيارُ الصهاينة لهذا البلد وراءهُ حقدٌ شديد وخبثٌ كبير للإسلامِ والمسلمين كافة بل قلوبهم مريضة للناسِ أجمع بقولهم نحن شعب الله المختار، وكبرهم وعصيانهم على الله على مر العصور والأزمنة، فهولاء هم من تليق بهم كل هذه الجرائم ومجازر الإبادة الجماعية التي لا يمكن لعقلٍ بشري أن يتخيلَ بشاعتها، لا يمكن لقلبٍ أن يشاهد ولا يتحرك أو يتأثر إلا من أصبحت قلوبهم ملوثةً قاسية وأصبحوا صهاينةً بلا زنانير.

اليوم لا يختلف المشهد عن الأمس فتلك هي أمريكا مازالت الأم الحنون لإسرائيل، وتخاذل حكام العرب زاد واتضح أكثر، وذلك عندما نشاهد التطبيع بأنواعه المختلفة؛ المساندة للاحتلال بالفعل كالدفاع والتعاون الاقتصادي وبالكلمة كالتلميع وإخفاء الحقائق، يقابلها تضييق على الفلسطينين أولًا بالصمت وإكمام أفواه من يريد أن يصدح بالحق أو يناصر القضية، والأهم الحصار عليهم من جميع النواحي أهمها معبر رفح، غير مُبالين أن الجوعَ والعطشَ ينهش بأهل غزة، أيعقل أن بجوار غزة دولة مسلمة تعتبر أعلى نسبة من السكان لم تخفف عن معاناتهم ولم تسمح بمرور المساعدات المتكدسة وهي قادرة على فعل ذلك!، أين الشعب وأين الدين وأهل غزة يصرخون ويتألمون!، ليعرف الجميع لماذا قامت ثورتنا ضد الأنظمة السابقة المتصهينة؛ كي لا نجد أنفسنا بهذا الموقف المخزي المتجرد من الدين والمنطق والإنسانية.

في الجانب الآخر هنالك الصمود من المقاومة الفلسطينية فهم يسطّرون أعظم الملامح في العزة والثبات، وقد تعلموا الكثير من الدروس فيما مضى وأدركوا بإن التوكل على الله مع الدفاع والمواجهة هو الطريق إلى النصر والحرية، فأطفالُ الحجارة أصبحوا اليوم رجالًا مجاهدين عظماء يحملون أرواحهم في أكفهم إما النصر أو الشهادة، ونحن نرى كيف يدمرون معدات العدو العسكرية بقوة الله، كيف يهزمون جيش الاحتلال الغني بالمؤونة والعدد والفقير إلى الشجاعة والإيمان، رغم أن المقاومة تعيش في ظروفٍ قاسية لكنها صابرةٌ وصامدة تقوم بالثأر عن قاتل أطفالها ونسائها وتأمل بتحرير أراضيها والذي سيكون قريبًا بإذن الله، قال تعالى: “وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ”.

في خضم هذه الأحداث تجلّى الصادقون مع الله، ظهر نورٌ يسطع من بين ظلامِ الخذلان، لمع بريقُ أملٍ زال حالةَ اليأسِ التي أصابت الأمة، إنه محور المقاومةِ والجهاد المقدس من اليمن، لبنان، العراق وسوريا وبالطبع الدور المهم للجمهورية الإسلامية في إيران، فهنا اليمن من قامت من بين الركام ليكونَ لها الموقف العظيم والمشرف فحاصرت الكيان الإسرائيلي المحتل في البحر الأحمر والعربي وصولًا إلى المحيط الهندي ثم أكّدت بإنها لن تتوقف حتى فك الحصار عن أخوتنا في غزة، أيضًا قامت بإطلاق الكثير من الصواريخ والطوائر المسيرة إلى عمق الأراضي المحتلة، وهنالك جنوب لبنان وجبهته المهمة والتي أرهكت وأربكت الاحتلال عن التفرد بغزة، والعراق هي الأخرى التي قامت بعملياتٍ كثيرة فوصلت

صواريخها إلى عمق الكيان، وبالطبع يبقى دور إيران أساسيًّا في دعم القضية حتى لو لم يظهر إلى العلن، فقد أكّد ذلك السيد عبدالملك والسيد حسن وقادة المقاومة في فلسطين في أكثر من مناسبة.

يوم القدس العالمي في آخر جمعةٍ من رمضان، مناسبةٌ عظيمة أطلقها الإمامُ الخميني جاءت لتبيّنَ الشعوب بإن القدسَ ستبقى القضيةَ الأولى لهم، وتؤكد بإن كل المحاولات التي قام بها اليهود الصهاينة من أجل نسيانِ فلسطين ومن أجل قيام دولتهم المزعومة باءت بالفشل، لتخبرهم بإن أحفاد الرسول محمد صلوات الله عليه وآله مازالوا موجودون، وكما هزمهم الرسول وأخرجهم من المدينة بسبب خداعهم ونقضهم للعهد، سيأتي اليوم الذي سيُهزمون فيه صاغرين أذلاء بسبب ظلمهم وتجبرهم وسيندم كل من رضيَّ بأفعالِهم وأيّدهم، والعاقبةُ للمتقين .