الخبر وما وراء الخبر

كان تاريخًا فارقًا

23

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
27 مارس 2024مـ – 17 رمضان 1445هـ

بقلم// آيات الله المتوكل

ثمّة أحداث وتواريخ فارقة تُغيَّر مجرى التاريخ، تُعزّ قوم وتُذل آخرين، تولد الإبداع والاكتفاء وتظهر القوة الكامنة التي لا يبرزها إلا المحن والشدائد . 26 مارس 2015 م كان هو التاريخ المقصود والمعني بالتغييرات الهائلة التي حدثت، والنقلة النوعية التي عاشها اليمنيين في خضم أحداث قاسية وعدوان أمريكي سعودي غاشم، أقلق سَكِينة شعب وهدم أرضه وأباد ثرواته، وجاء غادرًا يسفك دماء الأطفال والنساء ويحولهم إلى قطع صغيرة متناثرة على أرصفة الشوارع .

تسع سنوات لم ننسَ أنين سميح وهو يمسك بوالده الشهيد يأبى إفلاته، وعين بثينة وطفولتها المسلوبة، وصراخ طالبات مدرسة الراعي وهن يهربن فزعًا من أصوات الصواريخ، ومئات الأطفال الذين قُتلوا بوحشية وإجرام سعودي إمارتي مسلوب الإنسانية.

الفترة التي عاشها شعب اليمن منذ بداية عدوان أمريكا وتحالف الشّر عليه، كانت مؤشر على أن اليمن بدأت تسلك درب التحرر من الوصاية الخارجية وتمضي نحو استقلال ذاتي يصنعه أبناءها، يخلّصها من وطأة الاحتلال غير المُباشر للأراضي اليمنية ومحاولة غزوه عسكريًا وثقافيًا وسياسيًا، لأن عدوانهم وبطشهم وحصارهم الذي أرادوا به إخضاع اليمن لسيطرتهم استغلته العقول المؤمنة بوطنها وقضيّتها وحولت المعاناة لابتكار وإنتاج ومحاولة صنع يمنٍ جديد بِحق، حصار أخرج الأيادي العاملة وأيقظ النفوس المسوّفة، واستفاق الجميع وعرف أهمية مرحلة ما بعدها سيكون مذهلًا، وهي كفيلة بأن تضع اليمن في موضع لمن يكن أحد يحسب له حساب .

توالت السنوات المأساوية على هذا الشعب، لكن غير المتوقع للعدو، أن في كل عام كان يلحظ تغيير جديد، القوى تتعاظم، وكلما اشتد الحصار اشتد البأس والعنفوان، ومع كل كلمة “قادمون” ينطقها السيد القائد، نشهد انتصارات عظيمة وخسائر فادحة ومخيبة له تسبب فيها ثلة من الحفاة يرددون بكل شجاعة وأَنفة “فوقهم فوقهم”، كان إصرار الشعب يزداد مع كل صرخة لأم شهيد تزف ولدها بالورود، ومع كل عبارة” ياربي لك الحمد” ينطقها مجاهد.

تجرأ شعب اليمن، وأعلن عصيانه عن قواعد العالم ودساتيره المزيفة، وعناوينه الكاذبة في السلام وحقوق الإنسان وإيقاف الحروب وحرية الرأي وسيادة الأوطان، أزاحها عن وجهه، لأنها معيق أساسي في جعل الشعوب مترهلة ضعيفة تبقى تنتظر لوعود السلام ولا فائدة، فصنع خطّته بنفسه ووضع أمامه قوانين إلهية في الجهاد والكفاح والصّبر خلقت منه يمن آخر نهض من تحت الأنقاض يسعى وراء حريته مداويًا جراحه، اليمن التي كانت من دول العالم الثالث المُعدمة والفقيرة أثبتت ثراءها بالعِزة والقدرة على التصنيع ومضاعفة قوتها، وأصبحت من الدول التي يُشاد بها، وسبقت في عظمتها العسكرية دول أعدت نفسها في عشرات السنين، غيرت اليوم مجرى العالم وببيانٍ منها تزعزع أمريكا وإسرائيل.