ملامح النهايات
بقلم / علي أحمد جاحز
* ثمة مثل شعبي نسمعه كثيرا من أباءنا وأجدادنا يقول « العبرة بالمختم « أو « العبرة بالخاتمة « ، وبرغم الايجاز فيه الا أنه يلخص وبشكل مكثف دلالات عميقة ومعاني حكيمة و تجارب بشرية كثيرة ومتكررة ، كلها تؤكد على أهمية التأني في الأحكام وانتظار ما ستؤول إليه الأمور في خواتمها .
الشاهد اليوم في ايراد هذا المثل هو اسقاطه على تفاصيل حكاية أكثر من عام على صمود وثبات اليمنيين شعبا وجيشا في مواجهة أبشع عدوان تعرضت له اليمن في تاريخها ، راهنوا على انتصار صمودهم وثباتهم وتصديهم في النهاية ، في مقابل تفاصيل حكاية خيانة وارتزاق وعمالة شخصيات وأطراف راهنت على أن النهاية ستكون كما يريدون .
ومن العجيب ان يكون الفارق الزمني بين النهايتين اعلاه تتشكل ملامحهما بتزامن واضح ، ولعل النتائج الميدانية الاسطورية التي شهدناها مؤخرا في جبهات الحدود وفي تعز وغيرها كانت ذات تأثير واضح في انضاج ثمرة الصمود والتصدي لشهور طويلة ، وفي الجانب الآخر تبدو الهزائم الأخيرة للعدو ومرتزقته في ذات الجبهات ذات تأثير واضح في انضاج ثمرة الخيانة والارتزاق والصراع على المكاسب بين أطراف المرتزقة المتناقضة .
دعونا ندخل في التفاصيل أكثر ، في الوقت الذي كان هادي يوجه الطلقة الأخيرة على التحالف الهش للمرتزقة تحت مظلة العدوان بقرار إقالة رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح وتعيين بن دغر وعلي محسن الاول في رئاسة حكومة المنفى والاخير نائبا لرئيس دولة الفندق ، كان الطرف الذي يمثل صمود الشعب اليمني وجبهته المظفرة يمضي في صياغة ملامح الختام المشرف للشعب اليمني ندا لند مع العدو الرئيسي الذي بيده قرار تحريك المرتزقة وايقافهم .
وبعد أن أخرج قرار هادي الانقسام داخل فريق المرتزقة الى العلن من خلال رد خالد بحاح الذي كشف عن رفضه للقرار باعتباره يخالف معاييرهم ومرجعياتهم التي يستندون اليها في الحديث عن شرعيتهم المزعومة ، أعلن الناطق الرسمي لانصار الله عن اتفاق مع السعودية التي تمتلك قرار الحرب والتحكم بالمرتزقة ، يقضي باستمرار التهدئة على الحدود بما في ذلك ميدي التي كان المرتزقة يطمحون في أن تتحول الى جبهة داخلية ، كما يقضي أيضا بوقف الاعمال العسكرية في بعض المحافظات ووقف التصعيد العسكري في بقية محاور القتال وصولا الى الوقف الكلي للحرب اضافة الى معالجة ملف الأسرى والمفقودين .
تفاصيل بيان بحاح يعلن بكل شفافية انتهاء لعبة ما تسمى « الشرعية « واعتراف صريح بان هادي وعصابته كانوا يلعبون بالقضية لاغراض شخصية و ان قرار هادي قضى على الذرائع التي بني على اساسها القرار الدولي 2216، فمجرد صدور مثل هذا البيان يعني انتهاء ذلك الفريق سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا ايضا ويؤشر بوضوح الى أن القوى الاقليمية والدولية تخلت عن تلك اللعبة وتركت حبلها على غاربها ودفعت بها نحو اعلان نهايتها وطي صفحتها بحثا عن تشكيل واقع جديد تتشكل ملامحه في كواليس التفاهمات ، بل يبدو ان تصريح ناطق أنصار الله امس يحمل اشارات على ذلك التشكل الجديد .
إن ارهاصات نهاية لعبة العدوان وما يسمى الدفاع عن الشرعية باتت تتوالى وتتصاعد قبيل الموعد الرسمي المفترض لايقاف الحرب بشكل كامل وشامل في يوم 10 ابريل والذي ستليه مفاوضات يمنية يمنية بعيدة عن وصاية الخارج في يوم 18 ابريل ، وهذا قد يؤسس لنهاية محتومة سواء كانت قريبة او بعيدة ، نجحت تلك المفاوضات ام لم تنجح ، هي في الواقع نهايتين أو خاتمتين ، النصر والكرامة ستكون خاتمة للثبات والصمود و التصدي والمواجهة التي جسدها اليمنيون جيشا وشعبا ، والذل والمهانة ستكون خاتمة الخيانة والارتزاق وبيع الاوطان والدوس على دماء الناس .
في المحصلة ، هذه المؤشرات تظل مجرد مؤشرات لا ينبني عليها أي تعويل حاليا ، وقد يكون خلفها مؤامرات كبيرة ومخادعات كبيرة ، ويجب أن نكون على مستوى عال من اليقظة والتهيؤ لأي سيناريو ، فمهما كبرت المؤامرات لن تكون أكبر من ارادة الشعب اليمني العظيم .
النهايات :
لحظة تضيء
وأخرى تعمي
وعشق الوطن
لايفقأ العين