الخبر وما وراء الخبر

أحداثُ غزة أخرجت حقيقةَ المسلم الصادق من الكاذب

14

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
5 مارس 2024مـ -24 شعبان 1445هـ

بقلم// عدنان علي الكبسي

يقول الله -سبحانَه وتعالى- في كتابه العزيز: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، في واقع الحياة ومن سنن الله أن يبتلي الله عباده المؤمنين، وابتلاء الله لعباده المؤمنين لا يمكن أن يكون في المصائب والأمراض؛ لأَنَّ هذه قد تكون عقوبات من الله لتأديب الإنسان لعله يرجع وينيب إلى الله ويسعى لتغيير واقعه {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ العَذَابِ الأَدنَى دُونَ العَذَابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ}.

ولكن الابتلاء هو في المواقف أمام الأحداث الرهيبة، هو صدق الانتماء الإيماني الذي يبدأ بالإيمان بالله والانتهاء بمواجهة أعداء الله، هذا الابتلاء ينتهي بحالة الفرز بين طيب وخبيث، ولا يمكن أن يتبين الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب إلا بأحداث يشيب لهولها الولدان، ومواقف تزلزل الأقدام أشد زلزال، فيتراجع الكثير عن مواقفهم نتيجة أن زاغت الأبصار، وأن بلغت القلوب الحناجر لعدم الثقة بالله وبوعوده التي لا يمكن أن تتخلف {هُنَالِكَ ابتُلِيَ المُؤمِنُونَ وَزُلزِلُواْ زِلزَالًا شَدِيدًا}.

أمام هذا الابتلاء الرهيب وزلزلة الأحداث يتغربلُ الناس في مواقفهم وأعمالهم، وفي سلوكياتهم فينقسمون إلى عدة أقسام:

القسم الأول: تائهون يجعلون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا صرخات وعويل الأطفال والنساء، كي لا يسمعوا صرخات الجوعى وأنين الجرحى ونداءات الأطفال واستغاثة المستغيثين في قطاع غزة، يستغشون ثيابهم حتى لا يرون دموع اليتامى والثكالى، وحتى لا يرون منازل الفلسطينيين تُهدم على رؤوس ساكنيها، لا يتحَرّكون لنهضة الأُمَّــة، ولا يعملون لإنقاذ المستضعفين، لا يفهمون الواقع ولا يعرفون حقيقة عدوهم، ولا يريدون أن يفهموا، أصروا على صمتهم وتخاذلهم واستكبروا استكباراً، جنوا على الأُمَّــة بتخاذلهم، وناصروا الكيان الصهيوني في جرائمه بسكوتهم، فشاركوا في سفك الدم الفلسطيني بصمتهم، وحاصروا الشعب الفلسطيني بحياديتهم فأُولئك ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يتردّدون.

القسم الثاني: الذين في قلوبهم مرض {أَم حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخرِجَ اللَّهُ أَضغَانَهُم}، فأخرج الله أضغانهم وحقدهم وكراهيتهم، وكشف الله سوء نياتهم وخبث قلوبهم وشر نفاقهم في التحريض ضد المجاهدين وهم يقاتلون في سبيل الله في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، والذين يصدرون الفتاوى ويمنعون رفع الشعارات المناهضة للعدو الصهيوني والمساندة لإخوتنا الفلسطينيين، وفضحهم الله على رؤوس الأشهاد عندما شاركوا في حصار فلسطين وفتحوا خط إمدَاد للكيان الصهيوني المحتلّ الغاصب المجرم المعتدي.

وهذان القسمان شركاء أَسَاسيون في العدوان والحصار على الشعب الفلسطيني.

أما القسم الثالث: فهم مؤمنون عمليون لا يهدأ لهم بال وهم يرون الجرائم تُرتكب في حق إخوتهم الفلسطينيين، لا يهدأ لهم بال وهم يسمعون آهات وصرخات وعويل أبنائنا ونسائنا وأهالينا في قطاع غزة، لا يُصمون آذانهم ولا يُغمضون أعينهم ولا يشغلهم شاغل عن قضيتهم الأَسَاسية القضية الفلسطينية، حاضرون في كُـلّ الساحات المساندة للمجاهدين في فلسطين، جاهزون بكل صدق وجد لمواجهة العدوّ الإسرائيلي، وذلك اتضح في مواقفهم ووقفاتهم وحضورهم التدريبات العسكرية ضمن التعبئة العسكرية، وخروجهم في المسيرات والمظاهرات والوقفات، مبادرون في مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، داعمون حركات المقاومة بأموالهم.

هكذا أحداث غزة أخرجت “خُبْرَ” كُـلّ مسلم، وكشفت حقيقة كُـلّ إنسان، ولا يمكن أن ينتصر للفلسطينيين من يصدر الفتاوى ضد حركات المقاومة المناهضة والمواجهة للعدو الإسرائيلي، ولا يمكن أن ينتصر لأطفال غزة من يذرف دموع التماسيح عليهم وهو شريك في حصارهم، لا يمكن أن ينتصر للمستضعفين من لا يحرض ولا يدعو للجهاد في سبيل الله والتوجّـه لمواجهة اليهود المحتلّين الغاصبين.