الخبر وما وراء الخبر

“إسرائيل” تحول ممر النزوح القسري إلى مصيدة لقتل الجوعى والنازحين بغزة

11

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

26 فبراير 2024مـ -16 شعبان 1445هـ

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأحد، إنّه وثق قتل قوات جيش العدو الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين عند حاجز وادي غزة وسط القطاع، بعد إجبارهم على النزوح من مدينة غزة إلى منطقة المواصي جنوبي القطاع، إلى جانب استهداف المدنيين المتجمعين بانتظار شاحنات المساعدات بالقرب من الحاجز.

وأضاف في بيانٍ له أنه وثق استشهاد وإصابة 30 فلسطينيًا بعد استهدافهم من قبل قوات جيش العدو الإسرائيلي مساء أمس الأحد خلال تجمعهم في انتظار شاحنات المساعدات قرب دوار النابلسي على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة.

وأكد الأورومتوسطي أنّ فريقه الميداني وثق كذلك شهادات مروعة عن إطلاق الدبابات الإسرائيلية قذائف مدفعية وأعيرة نارية تجاه أكثر من 300 مدني، كان معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، يوم الخميس الموافق 22 فبراير، وذلك خلال محاولتهم النزوح من مدينة غزة إلى جنوب وادي غزة وسط القطاع. وقد تم استهدافهم على نحو مباشر على الرغم من أنهم كانوا يحملون الرايات البيضاء، ويتبعون تعليمات جيش العدو الإسرائيلي ويسيرون في الشوارع التي حددها الجيش لهم.

وبيّن الأورومتوسطي أنّ هؤلاء نزحوا بعد تلقيهم رسائل واتصالات من جيش الاحتلال تهددهم بإخلاء منطقة سكنهم في حي الزيتون وأحياء أخرى في مدينة غزة، والتوجه إلى شارع الرشيد ومن هناك إلى منطقة “المواصي” جنوبي قطاع غزة، ورغم ذلك جرى استهدافهم بشكل مباشر بين الساعة 11:30 صباحًا إلى الساعة 12:30 ظهرًا.

ووفق الأورومتوسطي، فقد تزامن مع موجة النزوح القسري هذه تجمع مئات المدنيين بانتظار شاحنات المساعدات، ليتفاجأ الجميع بخروج دبابات إسرائيلية واستهدافها المدنيين بقذائف المدفعية وإطلاق النار المباشر، ما أدى إلى استشهاد 28 مواطنًا وإصابة نحو 80 آخرين بجروح.

وأفاد فايز جندية، من سكان حي “الشجاعية” شرقي مدينة غزة، للأورومتوسطي: “تلقينا رسائل من جيش الاحتلال الإسرائيلي أن نتوجه لشارع الرشيد وأن نتوجه للجنوب على المواصي، فخرجنا الساعة 11:00 صباح يوم الخميس، وكان من النازحين معنا أطفال ونساء وكبار في السن نرفع رايات بيضاء. وفجأة لدى وصولنا بعد مفترق النابلسي (جنوب غربي مدينة غزة)، بدأت قوات الجيش بإطلاق النار تجاهنا، فهربنا، وكان هناك عدد كبير من الشهداء والجرحى. لقد نجوت بأعجوبة. لم نكن نشكل أي خطر، هم أرسلوا لنا رسائل وأرسلوا اتصالات واتبعنا التعليمات … لم نجد الأمان وجدنا الموت.

وتابع جندية ” أنا حاولت التوجه للجنوب لأن الجوع قاتل، لا يوجد ما نأكله، سعر كيلو الطحين أصبح 120 شيكلًا! (31.5 دولار)”

وأفادت “نداء محمد سويدان”، من سكان الشعف بمنطقة جبل الريس شرقي مدينة غزة، لفريق الأورومتوسطي: “أنا أنزح من بداية الحرب من مكان لآخر، زوجي مصاب نتيجة قذيفة إسرائيلية، وموجود في مستشفى غزة الأوروبي بخانيونس.

وتابعت “الجيش طلب منا النزوح إلى الجنوب وقال بأنّ الطريق آمن، فخرجت مع ثلاثة من أبنائي أكبرهم 8 سنوات، وأخي حسن الرفاعي وكان يحمل طفلي “ضيف الله سويدان” (عامان)، وكان معنا ابن أختي الذي كان متوجهًا لانتظار شاحنات الطحين. كان هناك عدد كبير من المواطنين، وكان لدي أمل أن أصل إلى زوجي المصاب. عندما وصلنا شارع النابلسي، كانت هناك دبابات إسرائيلية، أطلقوا علينا قذيفة، ليرتقي أخي شهيدًا، وابني “ضيف الله” أصيب وما يزال في حالة صدمة ولا يتحدث، وأنا أصبت أيضًا بشظايا، وهناك عدد كبير من الشهداء والجرحى.”

وأفادت امرأة (40 عامًا) طلبت عدم ذكر اسمها: “توجهت برفقة أبنائي الثلاثة، وأعمارهم عامان، و7 و8 أعوام، وشقيقي 30 عامًا، إلى شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة، بهدف النزوح إلى الجنوب، بعد معاناتنا الشديدة مع الجوع وفجأة، وجدنا أنفسنا تحت القصف وإطلاق النار، كان هناك المئات من الناس، وهناك شهداء وجرحى في كل مكان على الطريق. وعندما عدت إلى مستشفى الشفاء كانت أعداد الضحايا كبيرة، حيث لم نكن نستطيع أن نمشي من كثرة الشهداء والجرحى”.

وتابعت “نحن بنموت من الجوع وبنموت من القصف”

وأفاد “بلال أحمد عبد الكريم” لفريق الأورومتوسطي: “توجهت إلى شارع الرشيد بهدف انتظار الشاحنات التي تحضر الطحين والمساعدات، وبدلًا من ذلك، وجدنا القذائف وإطلاق النار تجاهنا، كان هناك أيضًا العشرات من الناس التي تنزح للجنوب ممن تعرضوا للقذائف. الدبابات خرجت فجأة واقتربت منا وبدأت تطلق قذائف وأعيرة نارية وقتل وأصيب العشرات وأنا كنت من المصابين.”

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن عمليات القتل المتعمدة وغير القانونية والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين بصفتهم هذه وبدون أن يكون لهم أية مشاركة في الأعمال الحربية، “تشكل انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

كما تمثل هذه الجرائم في ذات الوقت أشكالًا لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي. بالإضافة إلى كونها تنتهك حق الفلسطينيين في الحياة وتحرمهم من هذا الحق بشكل تعسفي، وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وطالب الأورومتوسطي بالإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة خاصة بالهجوم العسكري المتواصل على قطاع غزة، وتمكين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة التي تم تشكيلها عام 2021 من القيام بعملها، بما في ذلك ضمان وصولها إلى قطاع غزة وفتح التحقيقات اللازمة في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين عمدًا وإعدامهم خارج نطاق القانون والقضاء.

و دعا الأورومتوسطي المقرر الخاص المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا لإجراء زيارة قُطرية إلى قطاع غزة في أقرب فرصة ممكنة من أجل التحقيق في جرائم القتل غير المشروعة التي تندرج ضمن ولايته الموضوعية.

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالضغط على “إسرائيل” بكافة الوسائل والطرق الفعالة لمنعها من الاستمرار بتنفيذ سياساتها التي تنتهك قواعد القانون الدولي، وبخاصة طرد السكان وإجبارهم على النزوح، واستخدام التجويع ضد الفلسطينيين في قطاع غزة كأسلوب من أساليب الحرب، والتي تهدف من خلالها إلى إهلاكهم كليًّا.