الخبر وما وراء الخبر

بعد الثوم البطاط… وتتواصلُ المؤامرةُ لإجهاض مشروع الاكتفاء الذاتي ومحاربة المنتج المحلي اليمني.

17

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
13 فبراير 2024مـ -3 شعبان 1445هـ
▪️مافيا الاستيراد وهوامير الفساد للاقتصاد الوطني بالمرصاد

تقرير/ عبدالفتاح علي البنوس

شكَّلت ثورة 21 سبتمبر نقطةَ تحول كبرى في تاريخ اليمن المعاصر، حَيثُ نجحت في إعادة ضبط المصنع فيما يتعلق بالعديد من الجوانب والمجالات وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي وعلى وجه الخصوص القطاع الزراعي الذي حظي برعاية واهتمام القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- الذي دعا إلى الاهتمام والعناية بالزراعة وتوسيع نطاقها على مستويات عالية؛ مِن أجل الحد من الاستيراد والاعتماد على المنتجات المحلية لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي، خطوات متقدمة قطعتها الدولة والجهات ذات العلاقة والاختصاص بالجانب الزراعي، بدأت بالتوسع في زراعة القمح والحبوب، بالتزامن مع اتِّخاذ قرار منع الاستيراد من الخارج للمنتجات الزراعية؛ بهَدفِ تشجيع المزارعين ودعم المنتجات الزراعية المحلية، وخلال المراحل الأولى لدخول هذا القرار حيز التنفيذ شهد القطاع الزراعي نشاطا متميزا، وبدأنا نلمس حضورا المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية بكميات تغطي حاجة السوق المحلية بأسعار منافسة وهو الأمر الذي انعكس إيجابيا على الأوضاع الاقتصادية للمزارعين الذين عانوا كَثيراً من آفة البوار الناجم عن منافسة المنتجات المستوردة التي كانت تغرق بها الأسواق المحلية.

البداية مع البرتقال والتفاح:
صدرت توجيهاتٌ عليا قضت بمنع استيراد التفاح والبرتقال الخارجي كخطوة أولى على طريق تشجيع المزارعين اليمنيين على التوسع في زراعتهما، ولمسنا حينها حالة من الارتياح في أوساط المزارعين الذين عبروا عن استعدادهم لتغطية السوق المحلية من خلال الاعتماد على التخزين ومن أجل ذلك قام الكثير من كبار تجار الفاكهة بشراء ثلاجات تبريد عملاقة للقيام بهذه المهمة، ولكن سرعان ما تم التراجع عن قرار منع استيراد التفاح والبرتقال.

زراعة الثوم:
جاء قرار منع استيراد الثوم من الخارج ليشكل دافعا للكثير من التجار والمزارعين للتوسع في زراعته، بعد أن حصلوا على تأكيدات وضمانات حكومية بعدم التراجع عن قرار منع استيراد الثوم، والتوجّـه نحو تشجيعهم على زراعة الثوم البلدي بمساحات واسعة؛ مِن أجل تغطية حاجة السوق المحلية، والعمل على تصدير الفائض منه للخارج، حَيثُ شهدت البلاد طفرة غير مسبوقة في جانب استصلاحِ وزراعة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بهذا المحصول، حيثُ إنفق هؤلاء مبالغ هائلة في هذا الجانب، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام مسؤولية وطنية واقتصادية بعد اتِّخاذ قرار منع دخول الثوم المستورد، وفي الوقت الذي بدأ الثوم البلدي يغطي حاجة الاستهلاك المحلي بالتزامن مع بحث التجار والمزارعين عن طرق لتصدير فائض الإنتاج، عادت مافيا الاستيراد من جديد ومعها هوامير الفساد للتآمر على المنتج المحلي وتوجيه ضربة قاضية للمزارعين من خلال السماح باستيراد الثوم الخارجي بكميات كبيرة وهو ما شكل انتكاسة خطيرة للمزارعين الذين وجدوا أنفسهم ضحية لبعض ضعفاء النفوس الذين نسفوا توجيهات القيادة الثورية وضربوا بها عرض الحائط؛ مِن أجل (الكميشن) غير مكترثين لتداعيات وآثار ذلك، وليتهم اكتفوا بذلك.

بذور البطاطس والمؤامرة الكبرى:
عملت العقول اليمنية الوطنية على ترجمة توجيهات القيادة الثورية والسياسية الحكيمة فيما يتعلق بالسعي نحو الاكتفاء الذاتي والاعتماد على المنتجات المحلية ومنع الاستيراد وخُصُوصاً فيما يتعلق بالبذور والتي أثبتت التجارب أنها غير ذات جدوى وأن الأضرار التي تخلفها على التربة وإنتاجيتها أكثر بكثير من الفائدة التي يجنيها المزارع منها، بذور البطاطس من الأصناف التي كان الاعتماد في توفيرها على الأصناف المستوردة من هولندا الدولة المشاركة في تحالف ما يسمى حارس الازدهار الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي دفع بالإخوة في المؤسّسة العامة لإنتاج بذور البطاطس بذمار إلى التوجّـه نحو إنشاء مختبر للأنسجة يسهم في إنتاج بذور محلية فائقة الجودة، حَيثُ كانت المهمة معقدة، ولكن العزيمة والإصرار وقوة الإرادَة أثمر عن نجاح العقول اليمنية في إنجاز المهمة بنسبة نجاح عالية، وهو الإنجاز النوعي الذي شكل انتصارا لتوجّـهات القيادة الثورية والسياسية الحكيمة، حَيثُ بدأت الشركة ومعها عدد من المراكز الخَاصَّة في جانب إنتاج البذور في التوسع في جانب إنتاج بذور البطاطس بأصنافها المختلفة وبجودة عالية، وهو ما حظي بمباركة وتشجيع القيادة، وأمام هذا التحول عملت الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس بمحافظة ذمار على توسيع نشاطها وزيادة القدرة الإنتاجية من البذور المحلية بكميات تغطي حاجة المزارعين في عموم محافظات الجمهورية، هذا النجاح المشهود أزعج مجدد مافيا الاستيراد وهوامير الفساد والارتزاق ودفع بهم للذهاب نحو التآمر على البذور المحلية وإفشال الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس

وتوجيه ضربة قاضية للمزارعين من خلال.

الشرعنةُ لأحد التجار لاستيراد بذور بطاطس من هولندا والسعي لإدخَالها لليمن وسرد مبرّرات واهية لذلك في مؤامرة لا تقل خطورة عن سابقاتها الهدف منها محاربة المنتجات المحلية، وإفشال مشروع الاكتفاء الذاتي، وضرب نفسية الكفاءات والكوادر اليمنية التي تعمل ليلا ونهارا على إنتاج بذور بطاط محلية بجودة عالية، والمشكلة هنا أن تحظى مثل هذه المؤامرة بدعم وإسناد قيادات بارزة في الدولة، رغم أنها تتعارض جملة وتفصيلًا مع توجّـهات القيادة الثورية والسياسية الحكيمة التي تشجع الاعتماد على المنتج المحلي على طريق الوصول للاكتفاء الذاتي؛ وهو الأمر الذي سيكبد الاقتصاد الوطني خسائر باهظة وخُصُوصاً في ظل التسهيلات المتعمدة التي تقدمها السلطات الهولندية والتي تهدف لمحاربة البذور المحلية والتي لطالما راهنت على فشلها.

مخازن الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس والمراكز المتعاونة معها مكدسة بكميات هائلة من بذور البطاطس المحلية والتي تغطي حاجة السوق المحلية من مختلف الأصناف، وهو ما ينسف ادِّعاءات مافيا الاستيراد بوجود عجز في تلكم الأصناف المستوردة، وهو ما يحتم على القيادة الحكيمة اتِّخاذ الإجراءات الرادعة الكفيلة بمنع دخول هذه البذور والمضي في دعم البذور والمنتجات المحلية، والحث على المضي قدما في الحد من فاتورة الاستيراد بخطوات متسارعة بالتزامن مع المضي في اتِّخاذ خطوات ملموسة في جانب توسيع الإنتاج المحلي من تلكم المنتجات للوصول إلى تغطية السوق المحلية بصورة تامة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى متى سيظل المنتج المحلي في دائرة الاستهداف من قبل مافيا الاستيراد وهوامير الفساد؟!! ومن هو المستفيد من فتح الباب على مصراعيه أمام المنتجات المستوردة وخُصُوصاً في الجانب الزراعي؟!!

مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية تضمن جملة من المحاور والأهداف التي تخص القطاع الزراعي، ويجب المضي في تنفيذ مضامين هذا المشروع على أرض الواقع أولا بأول، حسب البرنامج المزمن، وعلى كافة وسائل الإعلام الوطنية، وكافة الإعلاميين والناشطين والمهتمين تسليط الضوء على هذه القضية الوطنية الهامة، وتحويلها إلى قضية رأي عام، للإسهام في إفشال مخطّطات ومؤامرات مافيا الاستيراد وهوامير الفساد، التي تستهدف إلحاق بالغ الضرر بالاقتصاد الوطني، ومحاربة المنتج المحلي، وضرب نفسيات المزارعين فيما يتعلق بالتعاطي الإيجابي منهم مع مشروع التوسع في النشاط الزراعي والذهاب نحو الاكتفاء الذاتي.