أمريكا والسعودية،، دورٌ مشبوه .. وملكٌ مسير
كتب: محمد علي الديلمي
ذمار نيوز | المسيرة نت: لعل القارئ الحصيف؛ والمتابع للأحداث التي تدور رحاها في منطقة الشرق الأوسط، يدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست بمنأى عما يجري في اليمن والمنطقة برمتها، وأن السعودية ما كان لها أن تتخذ قراراً بالحرب وهو على قدر كبير من الأهمية؛ دون الرجوع إلى واشنطن، وحصولها المسبق على ضوء أخضر أمريكي، وليس هذا فحسب؛ بل إن الدور الأمريكي في عاصفة الحزم جليٌّ وواضح لا يمكن لأحد إنكاره.
ففي اليمن؛ لا يزال السخط الرسمي والشعبي في تنامٍ مستمر إزاء الدور الأمريكي في العدوان الغاشم على اليمن عبر ملك مسير يقرب عمره من الثمانينات, الذي لم يعد يخفى على أحد، والتي بدت ملامح هذا الدور ظاهرة قبل وأثناء العدوان الغاشم الذي اتسم بالوحشية والإجرام، وكان أول ضحاياه السكان الآمنون؛ وأول أهدافه المناطق السكنية في العاصمة صنعاء.
ولخطورة هذا الدور؛ كشف السيد عبد الملك الحوثي في خطاب له عشية السادس والعشرين من مارس ذكرى مرور عام من العدوان على اليمن؛ عن حقيقة الدور الأمريكي في عاصفة الحزم التي تقودها السعودية بدعم من دول الخليج ما عدا سلطنة عمان فضلاً عن دعم عدد من الدول العربية والإسلامية، ودعم أمريكي لوجستي، ومشاركة إسرائيل وبريطانيا وتنظيم وتمويل سعودي؛ بينما كان الشعب اليمني غارقاً في مشاكله الداخلية التي صنعتها القوى الخارجية، إلى أن شنّت دول التحالف عليه العدوان.
أبرز جوانب الدعم الأمريكي لما قبل العاصفة
جاءت عاصفة الحزم ليلة السادس والعشرين من مارس 2015م – والتي تبنتها السعودية – بإذن مسبق من الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن قرار انطلاق العاصفة اتخذ من العاصمة الأمريكية واشنطن على لسان سفير المملكة العربية السعودية لدى واشنطن عادل الجبير آنذاك.
وكان من المقرر ألا يبدأ القصف إلا بعد اكتمال الاستعدادات البرية، لكن وصول أنصار الله إلى عدن ، دفع بالولايات المتحدة والسعودية للمجازفة بالعاصفة قبل اكتمالها، وتكفلت أمريكا بالتوجيه والمتابعة من خلال: تحديد بنك الأهداف، برمجة خطط الطلعات، وصور الأقمار الصناعية الثابتة والحيّة.
كما أن الولايات المتحدة لم يكن لديها الرغبة في الظهور بقوة في المشهد خوفاً من تعثر الاتفاق النووي مع إيران، لأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يود أن يكون الاتفاق كجائزة منه للشعب الأمريكي خلال فترة رئاسته.
ولعل انسحاب القوات الأمريكية من قاعدة العند قبل العاصفة بأيام، كان جزءً من هذا التنسيق، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن الولايات المتحدة شاركت في اتخاذ القرار؛ وليس هذا فحسب؛ بل وضعت الخطة والأهداف ووفرت الدعم اللوجستي لخطة التنفيذ وتابعت سير الطلعات ورصدت النتائج العسكرية.
الدعم الأمريكي للرياض أثناء العاصفة
قامت أمريكا ,وكما هي عادتها بمساعدة حلفائها في المنطقة، بإسكات المنظمات العالمية والدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية والتغاضي عن الجرائم التي ترتكبها السعودية ودول التحالف، والتستر عليها وعدم محاسبة مرتكبيها؛ في تصرف واضح وخيانة لمبادئ العمل التي أنشئت من أجلها تلك المنظمات.
لقد كان المؤمل من الأمم المتحدة أن تبادر بدورها المنوط بها في حماية الشعوب والدول المعتدى عليها، وأن تقوم بواجبها الإنساني لكل ما من شأنه العمل على رفع الحصار الاقتصادي الجائر على اليمن كترجمة عملية لواجبها الإنساني بناءا على الوعود المتكررة بشأن ذلك، إلاّ أنها لم تفلح نظراً للنفوذ الأمريكي داخل المنظمة.
وتطلق المنظمة الدولية بين الحين والآخر نداء استغاثة وتحذيرات من خطر المجاعة في اليمن، والذي بات يهدد ما لا يقل عن ستة مليون شخص من بين 13 مليون يفتقرون للإمدادات الغذائية الأساسية، ولحفظ ماء الوجه تطالب الأمم المتحدة بهدنة إنسانية، إلاّ أن هذه المطالبات سرعان ما تؤول إلى الفشل الذريع.
كما قامت الولايات المتحدة بتزويد السعودية بترسانة ضخمة من الأسلحة المتطورة ذات القدرات العسكرية النوعية، وشارك عدد من خبرائها وجنودها في الحرب وقامت طائراتها بقصف العديد من الأهداف داخل الأراضي اليمنية، أضف إلى ذلك قيام الولايات المتحدة بتعطيل الحل السياسي في اليمن والحيلولة دون وصول اليمنيين إلى بر الأمان، ومحاولة إيجاد عقبات أمام القوى الوطنية لمنع التوافق والتقارب بينها.
الدعم لما بعد العاصفة
ونشرت صحيفة الجارديان تقريراً حول عاصفة الحزم؛ سلط الضوء على الفشل السعودي في اليمن وحربها العبثية وسفكها دماء اليمنيين، ولعل هذا الأمر استدعى من واشنطن التدخل لإنقاذ حليفتها من خلال البحث عن مخرج للسعودية يحفظ ماء الوجه ويجعلها تبدو منتصرة حتى وإن بدا نصراً وهمياً.
وقالت الصحيفة بأن محادثات السلام المقبلة والمزمع عقدها في الكويت ستعطي السعوديين مخرجاً من الصراع الذي تسبب بالفشل، وأن من الصعب مشاهدة حرب السعودية العبثية والتي لم تحقق سوى الندم والفشل المدمر.
وأشارت إلى أن موافقة السعودية بالمشاركة في محادثات السلام بإشراف أممي في الكويت وإعلان وقف إطلاق النار في العاشر من أبريل الجاري، يبدو وكأنه اعتراف بأن استمرار الاستنزاف العسكري ليس حلاً بل يزيد الطين بلة .. فالحوثيون لا يزالون بعيدين عن الهزيمة.. وأن السعودية دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً باهضاً لمغامرتها الطائشة في اليمن، وبسبب ذلك تحولت الأضواء إلى سجلها الذي يرثى لها في مجال حقوق الإنسان.