الخبر وما وراء الخبر

فضيحة أميركية جديدة في سوريا

168

موناليزا فريحة

بقدر ما يمثل إنقاذ مدينة تدمر من براثن “داعش” إنتصاراً لروسيا، يشكل هذا الحدث دليلاً آخر على فشل سياسة الإدارة الأميركية في سوريا.

فالتحالف الدولي الذي تزعّمه أوباما متوعداً، بأنه سيضعف “الدولة الإسلامية” تمهيداً للقضاء عليها، يحصي منذ أكثر من سنة، الطلعات والأهداف التي يقصفها من غير أن يتمكن من توجيه ضربة قاسية إلى هذا التنظيم الذي يفتك بمناطق شاسعة من سوريا والعراق، ويمد إرهابه إلى ما وراء الحدود وصولاً إلى أوروبا وأميركا.

وبالطبع لا يقتصر الفشل الأميركي على محاربة “داعش”.

فتباهي أوباما في مقابلته مع جيفري غولدبرغ بأن لديه جيشاً من “المتمردين” يضم عشرة آلاف مقاتل تحت إمرة “السي آي إي” في سوريا يقاتلون الإرهابيين، لم يقنع أحداً.

وزادت الشكوك في هذا الإدعاء الشهادات التي أوردتها صحيفة “لوس أنجلس تايمس” عن تبادل للنار بين وحدات دربتها “السي آي إي” وأخرى دربتها وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، على المشارف الشمالية لحلب، بما فيها الشيخ مقصود وأعزاز وغيرهما، الأمر الذي يفضح فشل واشنطن في التنسيق بين المجموعات التي تقول إنها دربتها.

لا يحتاج برنامج التدريب الذي أشرف عليه “البنتاغون” إلى شهادة على فشله، بعدما أنفقت واشنطن ملايين الدولارات عليه ودفعت عناصره إلى المعركة دونما حماية، ليواجهوا إنتكاسات محرجة شملت مكامن وتسليم ذخائر وشاحنات أميركية إلى “جبهة النصرة”.

في حينه، أستدركت واشنطن خطأها، ولو متأخرة، معلنة صرف النظر عن هذا البرنامج، إلا أن الرئيس الأميركي يفكر على ما يبدو في إعادة العمل به، إذ أقر في وقت سابق من هذا الشهر خطة جديدة لـ”البنتاغون” من أجل تدريب المعارضة السورية وتسليحها.

أما فضيحة “الفرقة 30” (التي دربها “البنتاغون”) فصارت فضيحتين بعد إنكشاف التقاتل بين “المتخرجين” وعجز ضباط الإستخبارات والمخططين العسكريين الأميركيين عن السيطرة على المجموعات التي درّبوها وموّلوها خلال السنوات الأخيرة، مما دفع محللين إلى القول إن أميركا تقاتل نفسها في سوريا.

حتى “قوات سوريا الديموقراطية” التي ساهمت واشنطن في تشكيلها لم تحظ بدعم أميركي كاف يتيح لها مواجهة “داعش”، بعدما أثار الطابع الكردي لهذه القوات حفيظة تركيا.

إزاء هذا الإرتباك وهذا الفشل الأميركيين في الميدان السوري، من الغريب تبجح مسؤولين في إدارة أوباما في مقابلة غولدبرغ، بمقاربة أميركية شاملة لمكافحة الإرهاب، ومقاتلات بلا طيار و”عشرة آلاف جندي” تديرهم واشنطن في سوريا.

ترسانة كهذه كانت كفيلة بدحر “داعش” لا من تدمر فحسب، وإنما من سوريا كلها والعراق أيضاً، لو أقترنت بإلتزام أميركي حقيقي حيال سوريا.

*النهار- كاتبة وصحفية لبنانية