صنعاء تواصل إحراج الأنظمة العربية المتواطئة مع الصهاينة في حصار غزة
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
11 ديسمبر 2023مـ -28 جماد الاول 1445هـ
تقرير : يحيى جارالله
في تطور لافت لدور وموقف اليمن المحوري في نصرة ومساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن منع أي سفن أيا كانت جنسيتها من عبور البحرين الأحمر والعربي باتجاه الموانئ الإسرائيلية إذا لم يتم السماح بدخول الغذاء والدواء الكافي لقطاع غزة.
يأتي قرار صنعاء الأخير في إطار الخيارات التصاعدية التي لوح قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى استخدامها في إطار مشاركة اليمن المباشرة في المعركة إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي، في حال لم يوقف عدوانه وحصاره على غزة.
فبعد أن نجحت القوات المسلحة اليمنية في منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحرين الأحمر والعربي والذي مثل خطوة متقدمة في سياق المعركة مع العدو الصهيوني، وكان لها الكثير من النتائج المهمة لصالح الشعب الفلسطيني، جاء هذا القرار ليشكل ضغطا إضافيا على الكيان الصهيوني الذي يواصل عدوان وجرائمه وحصاره الظالم على قطاع غزة.
وعلى قاعدة المعاملة بالمثل فإن قرار منع عبور السفن المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني يمثل ردا عمليا على إمعان كيان الاحتلال في منع دخول شحنات الغذاء والدواء والوقود وغيرها من ضروريات الحياة إلى سكان غزة.
تواصل القيادة اليمنية في صنعاء بهذا القرار إحراج الأنظمة والدول العربية والإسلامية، وفي مقدمتها الدول القريبة أو التي لها حدود مع فلسطين ولم تحرك ساكنا تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وحصار ظالم رغم امتلاك هذه الدول الكثير من الخيارات والأوراق لتكبيل العدو الصهيوني وإجباره على إيقاف حربه العدوانية ضد الفلسطينيين، ومنها على سبيل المثال فتح حدودها مع فلسطين والسماح بدخول الإمدادات المختلفة إلى غزة، في حين بإمكان الدول النفطية إيقاف تصدير النفط والمقاطعة الاقتصادية للدول المشاركة في العدوان، كأقل إجراء للضغط على الإدارة الأمريكية والدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني.
لهذا تكمن أهمية القرار الاستراتيجي الذي تبنته صنعاء في أنه يقيم الحجة على الأنظمة الحاكمة في الدول العربية المجاورة لفلسطين وقطاع غزة على وجه التحديد والتي تنصاع للعدو الصهيوني وتشاركه في حصار الشعب الفلسطيني، بل وتسمح له بالتحكم بالمنافذ البرية والبحرية الواقعة في إطار سيادتها لخنق الفلسطينيين ومنع دخول الإمدادات الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية إليهم، تزامنا مع حرب الإبادة والجرائم المروعة التي يرتكبها العدو بحق المدنيين في غزة والأراضي المحتلة.
تثير المواقف المخزية لتلك الدول المسماة “عربية” الكثير من الأسئلة حول الأسباب التي تدفعها للرضوخ لمصالح الصهاينة والتنازل عن كل ما بيدها من أوراق ووسائل ضغط من شأنها تضييق الخناق على العدو وإثنائه عما يرتكبه من جرائم ومجازر يندى لها الجبين بحق عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين في فلسطين المحتلة.
ما الذي تخشى تلك الأنظمة العملية حدوثه في ظل ما تعانيه شعوبها من أزمات واختلالات وتراجع على كافة المستويات نتيجة السياسات والمخططات الإسرائيلية الرامية لإبقاء المنطقة على صفيح ساخن كي لا تقوم لدولها قائمة، كون ذلك هو الضمانة الوحيدة لبقاء إسرائيل واستمرار مصالحها التوسعية على حساب مصالح الدول والشعوب العربية.
وكنتيجة لذلك لم يعد لتلك الأنظمة المتربعة على شعوب الأمة العربية والإسلامية أي مبرر للسكوت والانصياع للإسرائيلي والأمريكي اللذين أذاقا شعوبها الويلات وأغرقاها في أزمات مستفحلة اقتصادية وسياسية وأمنية تحول دون نهضتها وازدهارها.
رغم ذلك لم تبادر تلك الأنظمة التي زرعها الكيان الصهيوني في جسد الأمة، بأي موقف جاد يرقى إلى مستوى مسؤوليتها الدينية والأخلاقية والإنسانية كبلدان عربية ومسلمة في التحرك ولو على أدنى مستوى لنصرة الأشقاء في فلسطين وإيقاف ما يتعرض له هذا الشعب العربي المسلم من قتل وإبادة على أيدي أعداء الإنسانية الصهاينة.
وعلى الرغم من بعد المسافة التي تفصل اليمن عن الأراضي المحتلة وغيرها من العوائق الجغرافية التي تحول دون الالتحام المباشر مع المجاهدين في فلسطين، وكذا المعاناة التي فرضها العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي على الشعب اليمني طيلة تسع سنوات إلا أن كل ذلك لم يمنع القيادة اليمنية الحرة في صنعاء ومن خلفها الشعب اليمني الأبي من الانخراط بقوة في معركة “طوفان الأقصى” لمساندة الشعب الفلسطيني الشقيق ومقاومته الباسلة في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي والدفاع عن مقدسات الأمة.
وخلافا للمواقف المخزية والخذلان العربي والإسلامي غير المبرر لشعب فلسطين برز الموقف اليمني التاريخي المساند لفلسطين والأقصى منذ اللحظة الأولى لانطلاق “معركة طوفان الأقصى”، بالإعلان الرسمي والشعبي عن تأييد ومساندة هذه العملية البطولية وخروج المسيرات الملايينية في كل المحافظات اليمنية لمباركة هذه العملية وتفويض القيادة الثورية لاتخاذ أي قرارات وخيارات لمساندة الشعب والمقاومة الفلسطينية في المعركة التي يخوضها بالنيابة عن الأمة.
تلا ذلك إعلان القيادة الثورية والقوات المسلحة عن المشاركة الفعلية في المعركة من خلال إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على أهداف للعدو الصهيوني المجرم، ردا على ما يقوم به من جرائم ومجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وامتدادا لذلك الموقف التاريخي والإيماني لشعب الإيمان والحكمة وبلد المدد والنصرة، أعلن قائد الثورة عن توسيع دائرة المواجهة لتشمل رصد ومتابعة السفن الإسرائيلية ومنعها من عبور البحر الأحمر وباب المندب، حتى يوقف الكيان الصهيوني عدوانه على غزة، والذي بدأت القوة البحرية في التطبيق العملي له باحتجاز سفينة “جلاكسي ليدر” التابعة للعدو واقتيادها إلى السواحل اليمنية، وتنفيذ عمليات نوعية أخرى ضد سفن العدو في المنطقة.
وفي سياق الموقف اليمني المشرف أعلنت الحكومة في صنعاء عن قائمة بالسلع والمنتجات الأمريكية والشركات المطلوب مقاطعتها إما لارتباطها بالكيان الصهيوني أو لدعمها له، إلى جانب إلغاء كل الوكالات التجارية المرتبطة بتلك الشركات، والتي قوبلت بتأييد وترحيب رسمي وشعبي واسع من كل أطياف المجتمع اليمني.
فيما وقع فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى على القانون المقر من مجلس النواب رقم (4) لسنة 1445هـ بشأن حظر وتجريم الاعتراف بكيان العدو الصهيوني أو التطبيع معه، تعبيرا عن موقف اليمن الرسمي الرافض لكل أشكال التطبيع والعلاقات مع عدو الأمة الأول الكيان الصهيوني.
وقبل ذلك تم الإعلان عن تشكيل اللجنة العليا للحملة الوطنية لنصرة الأقصى لتتولى مهام التحشيد والتعبئة والتوعية بأهمية الوقوف والمساندة القوية للشعب الفلسطيني ونصرة الأقصى، إلى جانب إطلاق حملة واسعة للتبرع وتقديم الدعم المالي للشعب والمقاومة الفلسطينية، وصولا إلى إعلان القوات المسلحة مساء أمس الأول منع مرور السفن المتجهة إلى موانئ العدو الصهيوني أيا كانت جنسيتها إذا لم يتم إدخال الغذاء والدواء الكافي إلى قطاع غزة.
وفيما لا تزال في جعبة صنعاء الكثير من الخيارات لتلقين العدو الصهيوني المزيد من الضربات الموجعة في حال قرر الاستمرار في حصاره وجرائمه الوحشية بحق الفلسطينيين، يبدو أن بعض الأنظمة العربية ستواصل صمتها وخذلانها لتطلعات شعوبها في الوقوف الجاد إلى جانب الأشقاء الفلسطيني، لتثبت بذلك أنها مجرد دمى وأدوات بيد الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية يحركها متى شاء لخدمة أجنداته ومخططاته الخبيثة لاحتلال البلدان العربية وقتل شعوبها ونهب خيراتها.