فنعم عقبى الدار
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
8 ديسمبر 2023مـ -25 جماد الاول 1445هـ
بقلم// كوثر العزي.
رجالا صدقوا ماعهدوا الله عليه ، أشاوس في المعارك ، أبطال في ساعات اللقاء ليوث الوغى ، أسود للوغى ، وأعاصير تعصر بالعداء ، وزوابع ترميهم للبعيد ، تنكيل بتنكيل ، حصون حصينة ، قلاع منيعة ، كالأوتاد بل أشمخ ، كالبحر وأعصى ، توكلٌ على الله ، و تصديقاً بوعد الله ، ولقد هبوا تاركين متاع الدنيا خلفهم ، ارتضوا الوديان مسكنا ، والسماء لحافاً ، شربوا الصعاب من إناء ماهو صعباً سيهون في نصرة دين الله ، وكل ما هو في الدنيا فانٍ ،ويبقى وجه ربك ذُو الجلال والإكرام ، خلفهم دعاء أم ، شوق أطفال ، حنين زوجة ، بكاء اخت ، أصدقاء ينتظر فيمن ينعوا ، وعلى من تقرأ على أرواحهم زيارة متبوعة بالفاتحة ، هناك وطن يرتجي منهم الوفاء المسلوب ، والكرامة التي تلاعب فيها المعنيون ، وأن تعود الأرض يمانية وتزاح الوصاية الأمريكية ، أن تعيش صعدة بقرب صنعاء وتحتضن البيضاء مأرب ، ويعود جنوبنا والشمال موحدا ، أن يكون دستورا جمهوري ،وسيادة علوية ، تعيد الأنسان إنسان ، وتجعل من الغازي عبرة لمن يعتبر، وتجعل من الحدود نارا سرادقها جيشًا يحمي الحمى ويصون العرض والأرض ، أن تكون اليمن هي اليمن منذ الف عام ، ويكون الأنصار كالسابقون انصارا للدين ، واتسغاثة لـ نداء المظلوم ،أن تبقى ” عليكم باليمن إن اشدت بكم المحن ” أن يبقى النبي وكتاب الله وعترته بيننا ، إننا مازلنا ومازل أحاديث الرسول تروينا ، مازلنا لم نزول دام القيادة بيد حفيد الأطهار.
تقرع الحرب طبولها ، وتتعال أصوات الرصاص وتنهمر كزخات المطر ، خصمان على أرض المعركة أحدهم غازي والأخر حرا مدافعا ، نموذجان هناك ،نموذج ضُربت عليهم الذلة والمسكنة ،ونموذج أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ، قوتان إحداهن تملك دعماً عسكريا وترسانة حرب متمكنة ، وقوة تحمل سلاح الإيمان الجازم بوعد الله ، فشتان بين من يتوكل على الخالق ، ومن يتوكل على المخلوق ، ما أن تكون المعركة في أشد وطيسها ،هنك حتى يرتقي شهيدا ليكن النصر محتوما للفئة المناصرة للحق ، فمامن شهيد يرتقي إلا وهناك نصرا يُتلى من بين تلك الدماء الطاهرة ، بكل استبسال يقاتل الأعداء ، ويقدم دروساً حسينية في الشجاعة ، ينكل بالقوات المدربة والقوية ويجعلها صغيرة أمام العالم ، يحرق معداتها العسكرية بالولاعات ويدوس عليها حافي القدمين ،ليخبر العالم أن اليمن عزيزة برجالها مُصانة بدمائهم ، إن شهدائنا عظماء ،فرحين بما أتاهم الله من فضله ، محفوظ الوطن بهم و في قلوبهم، وهم لن يبيعوا ولو شبرا واحدا من أراضيهم ، أو يساوموا في شرف وعرض شعبهم ،فسلام على جيشنا واللجان ،وعلى قاداتنا والأفراد.
ما أن يرتقي الشهيد مودعا دارً راحلة زائلة ، ليحيا في الملكوت الأعلى ، جوار الأنبياء والصالحين ، ينعم ويفوز بدار الخلد والنعيم ، حيث تزف السماء نباء الوصول ، بأن هناك نجماً جديد يزين السماء يرشد الناس إلى طريق الحق ، يكون ضوء في أخر ذلك النفق ، والأرض بدورها تنعي خبر الشهيد ، والأهل بمحطة الشهداء يودعوا قرة العين ، ومهجة الفؤاد ، وفي لحظة الوداع الأخير ، تقشعر الأجسام من ثبات وقوة الأم الصابرة ، وصبر وتحمل الزوجة ، وفخر الأبناء ، وأن كان هذ يرضيك يارب خذ منا حتى ترضى تحكيها الأخت ، الأب يهيأ الأخوان ، للذهاب ، والأصدقاء يزفون الصديق كعريساً ل روضة الشهداء ، رغم لوعة الفراق وبشاعة الانتظار ، والعيش معهم بصورا معلقة ، وذكريات تمر ، حركاتهم ضحكاتهم ضجاتهم ، قصصهم ، بطولاتهم ، أماكنهم على سفرة الطعام ، وأطفال لايعون ماذا يعني سفر طويلا لاعودة فيه ، وزوجة تقاوم لتكون هي العمود لهولاء الصغار ، يأتي الوقت المحدد لعودة بطلهم من المعركة ، لـيأتي ينتظرون على حافة الباب ، أن يرتموا في حضن السلام والأمان كالعادة ، لكن هذه المرة لم يأت ولن ياتي ، الطريق فارغ مظلم باهت ، الممر عبارة عن أوراق خريف متناثرة أوراق الشجر في الأزقة ، فيحملون خيباتهم ،بخطوات بطيئه جدا ،تتبعها التفاتت للطريق التي بهتت فيها الألوان ، ويشكون للجدة ، فتكتم غصتها وتداري دمعاتها ببسمة حنونة تحكي أن أبوكم اليوم بات من سكان السماء سيزوركم ليلا ، ويقبل رؤوسكم ويطبطب على قلوبكم ، يغطيكم جيدا من البرد ، والدكم تاجر مع الله ، والله قبل تجارته ، أنتم اليوم أبناء الشهيد ، لترفعوا رؤوسكم عالية ،
فهنيئا لمن تاجروا مع الله فربحوا التجارة ، وتجاوزوا البوار والخسارة ، سلامً على من شُرفت بهم مسيرتنا القرانية ، أنتم من أنرتم لنا طريق الحرية ، فنعم عقبى الدار وهنيئا لكم هذ الشرف العظيم ، سنحكي للعالم بطولاتكم ، وسنكتب حتى يجف المداد ، وترتقي الأنفس وإنا بإذن الله منكم لطالبون الشفاعة ، فسلام عليكم ماتعاقب الليل والنهار ..