الخبر وما وراء الخبر

رسائل الشعب

88

بقلم / علي احمد جاحز


 

في الذكرى الأولى للعدوان على اليمن ، خرج الشعب اليمني بشكل كبير وغير مسبوق لم تتسع له الساحات ولم تستوعبه عدسات الكاميرات ، ليقول للعالم : ها نحن بعد عام من القتل والدمار ، نجسد أسطورة الصمود والتصدي والالتفاف حول قيادة الثورة وخيار الحرية الاستقلال والكرامة والعزة .
الحشد التاريخي الذي نستطيع ان نسميه « المحشر الشعبي « أوصل رسالة واضحة للعالم وخاصة للدول التي شاركت في العدوان وتواطأت معه و دعمته ، بان الهدف الرئيسي لعدوانكم ولحربكم الظالمة والذي كان يتمثل في إخضاع الشعب وتخويفه وثنيه عن خيار الثورة وتركيعه لخيار الوصاية فشل وأخفق بل وأنتج ثمارا إيجابية في صالح الشعب اليمني حاضرا ومستقبلا ، أهمها وأبرزها إحياء روح التحدي والصمود و بعث الإنسان اليمني العظيم الشجاع الغيور بعد أن كانت عقود من الوصاية الخارجية قد عملت على تغييب الهوية اليمنية وفصل الإنسان اليمني عن شخصيته التاريخية .
نستطيع أن نقول أن المحشر البشري الكبير الذي شهدته صنعاء يوم 26 مارس ، اثبت لمن لم يكن يعرف أن العدوان الهمجي على اليمن لم يأت خدمة لليمن ولا تلبية لنداء الشعب اليمني ولا نزولا عند مصلحة الشعب اليمني ولا حرصا على حياة واستقرار اليمنيين ، بل جاء ضدا على مصلحتهم و رغبتهم وقفزا على قرارهم وتوجهاتهم ، وإهانة واستفزازا لكيمياء اليمنيين وطبيعتهم الغيورة والأبية والمتحررة .
كما ان اليمنيين في ذلك اليوم فضحوا تحالف العدوان وحقيقة ما يرمي اليه من وراء كل ذلك القتل والتدمير على مدى عام في اليمن ، بأنه لم يكن سوى قرار همجي عدواني انتقامي بحت، انتقامي من الشعب اليمني الذي قرر في لحظة تاريخية ان يطهر اليمن من أوساخ علقت به لعقود وأن يمتلك ذاته وقراره وهويته ، حين طرد أيادي السعودية وأمريكا وأسقطهم من أبراجهم العاجية ، وحين قرر أن يطهر الأرض اليمنية من وجود الأيادي الشيطانية التي تستخدمها السعودية وأمريكا المسماة القاعدة ،

وهو ما ظهر جليا في الجنوب وبات العالم يشاهده كل يوم .
لو أتيحت الأوضاع الأمنية والعسكرية  لاحتشد الناس بذات القدر وبتلك الصورة في كل محافظات الجمهورية ، في مشهد أكثر تعبيرا عن إرادة هذا الشعب الذي يتعرض لابشع محاولات استلابه وابتزازه وتركيعه ، في الوقت الذي شاهدنا حجم التفاعل الشعبي في المحافظات الجنوبية لدعوة المطرود هادي في نفس اليوم للاحتفال بذكرى « عاصفة الحزم « .
طبعا هناك شاهدنا وشاهد العالم أن المحتشدين لم يتجاوزوا العشرات في مدرجات ملعب عدن ، في مشهد نقيض تماما ، رغم أن الوضع تحت سيطرة العدوان ومؤيديه والمحافظات من وجهة نظرهم محررة ، طيب لماذا لم يخرج الناس للاحتفال كما خرج الناس في صنعاء التي تقصف يوميا والتي تعتبر من وجهة نظرهم محتلة ومستعبدة وجاء كل هذا القتل والدمار لغرض تحريرها .؟
ولن أبالغ حين أقول أن تلك الصورة العظيمة التي رسمتها حشود صنعاء مساء السبت الماضي ، ستساهم في تفكيك التحالف الذي تقوده السعودية وتدعمه أمريكا وإسرائيل ، وقد بدأت مؤشرات معينة تشي بقرب تفككه ، حيث بدأت الكويت تلعب دور الوسيط الآن بعد أن أكدت مرارا أنها لا تشارك في أي أعمال داخل الأراضي اليمنية ، وتهرب بعض الدول من المسؤولية التاريخية عما ارتكبه تحالف العدوان من جرائم بحق اليمن واليمنيين ، إضافة إلى تغير اللهجة واللغة في الخطاب الرسمي للعدوان .
الرسالة الأهم التي وجهتها جماهير مساء السبت ، هي رسالة الشرعية الأقوى والأهم والتي لا يمكن نقضها ولا انتهاؤها بأي حال من الأحوال ، وهي شرعية الشعب وإرادته و خياراته ، وهذه الرسالة موجهة للمجتمع الدولي أولا وللخونة والعملاء المطرودين ثانيا ، ولمن راهن على العدوان وساعده بالصمت والتواطؤ والترقب لانتصاره على بلده وشعبه ، تحت شعار الاصطفاف مع ما يسمونها « الشرعية « ، ليعرف كل هؤلاء الآن أن صاحب الشرعية هو الشعب وهو من يمنحها وينزعها ، وليست السعودية ولا أمريكا .

الشعب :
صاحب الجلالة
والفخامة
والسمو والمعالي ..
وصاحب القرار ..