الخبر وما وراء الخبر

المعادلة اليمنية تواصل نسف اقتصاد الاحتلال وتقييد الحركة الأمريكية بالمنطقة

8

تقرير|| حلمي الكمالي

لا شك أن تداعيات وانعكاسات المعادلة اليمنية التاريخية التي فرضتها قوات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ستبقى مؤثرة ومدوية لسنوات طويلة في خاصرة الكيان الصهيوني وكل القوى الغربية المرتبطة بهذا الكيان المؤقت؛ في وقت تمهد العملية النوعية لمرحلة جديدة ومغايرة من التوازنات الإقليمية والدولية.

منذ إغلاق اليمن، البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية، تغفو “إسرائيل” على كارثة اقتصادية وتصحو على أخرى، وهذا ما تصرخ به بيانات الاحتلال ووسائل إعلامه، التي تواصل حصد خيبات العدو، وتوثق لحظات ترنح الاقتصاد الإسرائيلي تحت تأثير المعادلة اليمنية التاريخية، في وقت تقف حكومة الكيان عاجزة عن مجابهة هذه المعادلة أو مواجهة تداعياتها المؤثرة والخطيرة.

فعقب ارتفاع أسعار السلع الواصلة إلى الموانئ الإسرائيلية بعد رفع تكلفة الشركات التأمينية أجورها إلى أكثر من 300%، وإعلان الشركات الملاحية توقيف شحناتها من وإلى الاحتلال لمدة شهر، فقد سجلت أسهم شركة ZIM، وهي كبرى شركات الشحن الإسرائيلية، أدنى مستوى لها منذ أعوام، وذلك بعد تلويح قوات صنعاء باستهداف سفن الشركة.

وكانت شركة زيم الإسرائيلية قد أعلنت تحويل مسارها عن قناة السويس بسبب ما قالت إنه الوضع الخطير ببحر العرب والبحر الأحمر، وبعدها سارعت شركة MSC ثاني أكبر عملاق شحن في العالم، وواحدة من أبرز الشركات الناقلة للبضائع الإسرائيلية، بتوقيف نقل البضائع عبر قناة السويس، خوفاً من تعرضها للهجوم بالقرب من اليمن، ما يرفع من تكلفة الشحن وأسعار البضائع.

من الواضح أن تداعيات المعادلة اليمنية على الاقتصاد الإسرائيلي، شكلت ضغطاً قوياً على الاحتلال للقبول بالهدنة وتجديدها للمرة الثالثة، وذلك إلى جانب الصمود الأسطوري لأبطال المقاومة الفلسطينية في غزة، وكذلك العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة الإسلامية على الجبهة اللبنانية، بل وتجاوزت هذه التداعيات لتضرب القوى الغربية المدافعة عن الكيان الصهيوني، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

أمريكا، هي أول وأكثر هذه القوى التي جن جنونها من المعادلة اليمنية والتي دخلت منذ لحظة فرض هذه المعادلة، مرحلة جديدة من الهستيريا والاستنفار والاضطراب على كافة المستويات السياسية والعسكرية، وهو ما اعتبرها الإعلام الإسرائيلي، عجزاً أمريكياً عن مواجهة المعادلة اليمنية، مشيراً إلى أن القوات الأمريكية فشلت في حماية “إسرائيل” من الضربات اليمنية.

هذا الفشل الأمريكي تعكسه الساسة والجنرالات والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية، التي باتت في حالة استنفار غير مسبوقة منذ فرض المعادلة اليمنية، ولعل ذلك ما دفع الأمريكي لاختراع المسرحية الهزيلة باتهام صنعاء باستهداف سفينة “سنترال بارك” في خليج عدن، قبل أن يتراجع عن اتهامه بعد ساعات قليلة.. ولكن ما الذي استجد ليتراجع الأمريكي عن اتهامه؟!

لا شك أن الأمريكي كان يسعى من خلال اختلاق هذا الحادث المفبرك لتحقيق عدد من الأجندات أهمها، إرسال حاملات الطائرات أيزنهاور إلى خليج عدن كنوع من التهديد والضغط على قوات صنعاء، وإشغالها عن فرض المعادلة ضد السفن الإسرائيلية، تمهيداً لاستئناف العدوان الإسرائيلي على غزة.

لكن الأمريكي تراجع في اللحظات الأخيرة عن هذه الخطوة بعد سحب اتهامه صنعاء باستهداف السفينة، وذلك تخوفاً من الصدام المباشر مع المعادلة اليمنية في البحر الأحمر وباب المندب، وما سينتج عن هذا الصدام من تداعيات قاصمة على الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة بشكل عام، خصوصاً في ظل ما تملكه قوات صنعاء من قدرات عسكرية عالية وعلى رأسها وحداتها البحرية.

بالتالي، يمكن القول بأن المعادلة اليمنية التاريخية، قد نسفت اقتصاد الكيان الصهيوني، في وقت عرت هشاشة القوات الأمريكية وقطعها العسكرية المتناثرة في المنطقة؛ وقيّدت حركتها البحرية، وحولتها من مصدر قوة للأمريكي إلى نقطة ضعف، ما قد يدفع أمراء الحرب في البيت الأبيض في الوقت القريب، إلى التراجع والتنازل رسمياً وميدانياً لحساب المعادلات الجديدة التي تفرضها شعوب وقوى هذه المنطقة.