أهمية اغلاق اليمن لباب المندب على كيان العدو الإسرائيلي وتداعيات الإغلاق على المنطقة
لقي قرار صنعاء اغلاق باب المندب في وجه سفن الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، تفاعلا واسع في الأوساط العربية، فكيف نظر للقرار؟
بدأ الحديث يدور عن مضيق باب اليمن والدور المؤمل في مواجهة العدو الصهيوني كما حدث في 1973 خاصة مع استمرار الكيان في حرب الإبادة التي يمارسها ضد أبناء فلسطين بدعم من القوى الدولية.
حتى لحظة كتابة التقرير، لم تتوقف تغريدات الناشطين والخبراء والمحللين على مواقع التواصل الاجتماعي، من الحديث عن اغلاق باب المندب، ذاك القرار الذي اقر قائد الثورة، السيد عبدالملك الحوثي اتخاذه في خطابه الأخير مساء الثلاثاء كخطوة تصعيدية ضد الاحتلال، وطال انتظاره عقود من الزمن.
كان الكثير من هؤلاء يتحدث عن قناعة باستحالة اتخاذ مثل هكذا خطوة لم تتخذ سوى في سبعينات القرن الماضي بينما كانت أمريكا والغرب اقل هيمنة على الشرق الأوسط، بينما انغمس اخرين في تحليل تبعاته ومدى تأثيره في المعركة الدائرة في الأراضي الفلسطينية في حين كرس اخرين لتسليط الضوء على شجاعة الحوثي وقدرته باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
بالنسبة لصنعاء وكما يرى العميد عبدالله بن عامر، نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي، فإن قرار اغلاق باب المندب في وجه الاحتلال لم يتخذ حتى في ذروة العدوان وحصار اليمن على مدى اكثر من 8 سنوات، وهو يرى بان التاريخ سيخلد القرار الذي قررت صنعاء اتخاذه نصرة للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وقال العميد والباحث عبد الله بن عامر نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي ” في حرب 1973م قامت مصر بالتعاون اليمن (الشطرين) بإغلاق باب المندب امام السفن الاسرائيلية (المتجهة من والى ايلات) وخلال ايام الحرب (الايام الأولى) كان الاسرائيلي يُكابر ولا يتحدث عن اية اضرار حتى لا يمنح الطرف الآخر انجاز في حين ان اقتصاده كان يتكبد خسائر بشكل يومي لدرجة ان بعض المصانع توقفت ولم يكشف الاسرائيلي عن خطورة اغلاق باب المندب الا اثناء مفاوضات وقف الاشتباك او وقف اطلاق النار ولم يطرحها الاسرائيلي بنفسه بل الامريكي.
وكان كيسنجر يلح على الجانب المصري انهاء اغلاق باب المندب وهنا شعرت مصر بأنها اتخذت خطوة مهمة كان لها دور في اخضاع الاسرائيلي اثناء تلك المفاوضات لدرجة ان الاسرائيلي اشترط انهاء اغلاق باب المندب مقابل فك الحصار على الجيش المصري الثاني وهذه النقطة تحدث بها اكثر من كاتب مصري قبل أن تتكشف للعالم الخسائر في الاقتصاد الاسرائيلي ويمكن غداً نشر ما كتبه هيكل عن تلك المرحلة واهمية البحر الاحمر في المعركة”.
وأضاف بن عامر في تغريدة له “اتحدث بهذه المعلومات حتى لا يتأثر البعض بما سيقال غداً او بعد غد لأن هناك من لا عمل له الا التشكيك والاستخفاف ولهذا يجب ترك كل هؤلاء جانباً وقراءة الخطوة من زاويتها الاسترايتجية وتأثيراتها على المعركة في غزة لاسيما وقد بدأ بعض الخبراء المصريين يحذرون من تداعيات الخطوة اليمنية ويتخذونها دليلاً على ضرورة وقف اطلاق النار في غزة”.
وتابع ” ولهذا تجاهلوا أي حديث يقلل من شأن هذه الخطوة لأن السفن المتجهة من والى ايلات بدأت بالفعل تتخذ مسارات اخرى وهي مسارات مكلفة مادياً او توقفت عن المرور في البحر الاحمر اضافة الى القطع الحربية الاسرائيلية وبمعنى اشمل ان مثل هكذا خطوات تؤثر حتى لمجرد الاعلان فقط فكيف سيكون عليه الامر والقرار بات خاضعاً للتنفيذ العملي وسيدرك الجميع اهمية هذه الخطوة في الضغط ليس على الاسرائيلي فقط بل والامريكي والاوروبي والعربي ايضاً من أجل التوجه نحو وقف اطلاق النار واذا ما كان هناك وقفا لاطلاق النار فسوف يطرح الاسرائيلي شرطاً يتضمن انهاء الاجراءات اليمنية بمعنى اننا امام معادلة باتت حاضرة وقوية ومؤثرة”.
فعليا لم يكن اغلاق باب المندب السلاح الوحيد الذي تتخذه صنعاء في دعمها الإنساني والأخلاقي، كما يصفه الحوثي، للمقاومة الفلسطينية ومواجهة المجازر الصهيونية اليومية بحق سكان غزة، فقد سبق لها وأن نفذت العديد من الهجمات الجوية في عمق الأراضي المحتلة، ولن تتوان عن استهداف الاحتلال فوق أي ارض وتحت أي سماء، لكن القرار الأخير سيكون مفصلا في الحرب الحالية فهو لن يخنق الاحتلال اقتصاديا، كما يرى الخبير المصري سامح عسكر، فقط بل سيجبره على الإذعان لوقف الحرب او مواجهة امر واقع باتساع رقعة الحرب إقليميا وهو ما تخشاه أمريكا وإسرائيل المتعثرتان في اطراف قطاع غزة منذ اكثر من شهر رغم الة القتل اليومية.
عسكر وهو واحد من عدة خبراء مصريين، ابدوا ارتياح من القرار فهم يرون انه انعكاس لتوسع المواجهة التي تم التحذير من تبعاتها في ظل الملف الصهيوني في وجه الدعوات لوقف اطلاق النار، ومثله خبراء اردنيون اشادوا بموقف الحوثي وقراراته التي ستنتصر بكل تأكيد للامة، وهؤلاء جزء من طيف عربي واسلامي واسع برز بمواقع التواصل يثني على قرار اغلاق باب المندب وعلى راسهم الكاتب
الفلسطيني البارز عبدالباري عطون وقائمة طويلة من الناشطين في فلسطين والخليج وغيرها من الدول العربية التي تفاعلت مع الخطوة وتمنت لو كانت من اصل يمني.
مثل قرار الحوثي التوغل في مواجهة الاحتلال وحلفائه في واشنطن والغرب انعاشا للامة وشعوبها التواقة للتحرر والتي تعاني من ضعف القيادة خصوصا وانه جاء في اعقاب اجتماع قادة نحو 57 دولة في السعودية لخرجوا ببيان يندد بالعدوان الإسرائيلي ويطالب على استحياء بوقف الحرب ليصبح بنظر الاحتلال مجرد سخرية واستهتار بالأمتين العربية والإسلامية.