الخبر وما وراء الخبر

أمثال هؤلاء ليسوا بحاجة إلى تكريم

171

بقلم / عبدالباسط الحبيشي


 

يُعتبر الأستاذ عبدالباسط الشرفي علامة فارقة في العمل الإعلامي الوطني والعربي والدولي. وبدون أي مبالغة، لا يوجد إعلامي على الكرة الأرضية قام بأدوار بطولية في مجال الإعلام الحربي مثل عبدالباسط الشرفي الذي خرج مراتٍ عديدة من تحت الأنقاض والركام جراء القصف وهو ممسك بآلة الصوت.

لا أستطيع أن أوفيه حقه مهما حاولت التعبير ببعض الكلمات لأنه بات سابقة فريدة رغم وجود العديد من الإعلاميين اليمنيين الرائعين الذين شقوا طريقهم بتفوق نادر بالفطرة الوطنية خلال العدوان السافر على بلادنا دون تلقيهم أي دورات تدريبية مثل ما يحدث في بقية دول العالم.

إن الإعلاميين اليمنيين نابغون بفطرة ارتباطهم بالأرض وانتمائهم للوطن.

ولمن يريد التأكد عليه القيام بزيارة مكتب قناة المسيرة في بيروت، سيرى شبابا صغير السن وفي مقتبل العمر أبهروا كل المتخصصين الإعلاميين في لبنان ثم أبهروا العالم من اليوم الأول.

هناك أيضاً العديد من الإعلاميين اليمنيين الرائعين المبدعين المجهولين أعجز عن التعبير في إعطائهم حقهم من الوصف أمثال الجُندي المجهول (توفيق عيضة هزمل) والجُندي المجهول (بديع الزمان اليماني، نور العالم).

هؤلاء والعديد من أمثالهم لا يمتوا للتخصص الإعلامي بصلة ولكنهم وضعوا بصماتهم الإعلامية الإبداعية الثورية بما لا يوصف.

المشكلة هي أن بعض القيادات مع الأسف الشديد ورثت جينات القصور في كيفية دعم الإبداع والعمل على تنميته وتطويره.

القصور الذي كان دأب السلطات المتعاقبة في يمننا الحبيب التي لم تُقَدَّر يوماً العمل الإبداعي أو المبدعين الحقيقيين وكأن هؤلاء المبدعون يشكلون خطراً على استمرار حياة هذه القيادات، ولهذا تقوقعت مجتمعاتنا بشكل عام بسبب الخوف من فكرة (زق المهرة) التي ترسخت بالثقافة اليمنية والعربية بشكل عام.

لذا فإني أقطع بأن الإعلامي المبدع حميد رزق على سبيل المثال الذي برز من صفوف الثورة واستطاع بفترة قصيرة جداً أن يصنع لنفسه وللثورة مكانة رفيعة جداً في السلك الإعلامي والسياسي من خلال مثابرته التي لا تكل ولا تمل بأنه وأمثاله لم يتلق يوماً الحافز المناسب لقاء ما يبذله من جهد متعاظم في المجال الإعلامي بأنواعه.

صحيحٌ أن مناسبة تكريم الإعلاميين كانت لفتة رائعة ونتمنى أن تتكرر وتستمر بيد أننا نتمنى أيضاً أن تبتعد هذه المحطات المتباعدة عن الانتقائية والمناسباتية.

نريد هذا التكريم أن يتحول إلى سلوك رسمي وشعبي على كل المستويات والمجالات لحقن المجتمع بديناميكية التقدم والتطور لكل المبدعين والمخلصين في المجتمع اليمني لكي يشعر الفرد بالرضى عن نفسه وعن ما يقدمه وما يبذله لمجتمعه.

لذا نؤكد بأن الأستاذ عبدالباسط الشرفي وهؤلاء الأبطال جميعاً على الساحة الإعلامية الثورية ليسوا بحاجة إلى تكريم لما أنجزوه من انتصارات محلية وعالمية في وقتٍ قياسي وبأبسط الإمكانيات بل حتى وبدون إمكانيات او حوافز مادية لاسيما في مثل هذه الظروف، لأن أمثال هؤلاء يمتلكون القناعة الذاتية النابعة من حبهم وإخلاصهم وواجبهم الوطني الذي يتجسد دائماً في كل انتصار يتحقق على الخطوط الأمامية من جبهات الدفاع عن حياض وكرامة اليمن وشعبه، إنما هم بحاجة ماسة الى تقييم مستمر لما يقومون به من عطاء وإنجاز ما يؤهلهم للارتقاء والتدرج لتحمل مسؤوليات أكبر حتى يتركوا أماكنهم لمن بعدهم لكي تنشأ لدينا حالة من صيرورة التطور المتواصل للمجتمع والوطن ككل وبشكل عام بعيداً عن حالة التشرنق المتكلسة التي اتسمت بها مجتمعاتنا العربية.