شيءٌ يدمي الفؤاد ويزيغ العقل إن بُحِثَ في تفاصيله..
بقلم// غازي منير
في فرحة الاستقبال المهيب لأحرار اليمن الأسرى المحرّرين شاهدنا شيئاً يدمي الفؤاد ويزيغ العقل إن بُحث في تفاصيله.
مشاهدة عناق الأسرى لأهاليهم والدموع تملأ وجناتهم شيء مؤلمٌ ويبكي كُـلّ إنسان عند مشاهدته لهم، ولكن الشيء الذي شاهدناه يتعدى هذا في ألمه وحزنه ومأساته، شيء مهول في فظاعة مرارته والكثير لا يعلمونه ويجب على الجميع الالتفات إليه والبحث عن حلول مجدية له، لا سِـيَّـما الجهات الرسمية، وإذ إننا نناشد ونرجو من سماحة قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وفخامة الرئيس المشير مهدي المشاط، واللجنة الوطنية للأسرى، ونحن نعلم مدى حرصهم على الأسرى ونشكر جهودَهم المبذولة ولكن ما شاهدناه يحتاج إلى جهود أكثر لحل هذه المشكلة الجسيمة والمهولة.
ما شاهدناه وأدمى فؤادنا هو أُمٌّ تمسك بيديها صورة ابنها الذي ودّعته في يوم من الأيّام أثناء ذهابه إلى جبهات العزة والكرامة للدفاع عن البلد والشعب ولكنه لم يعد منذ سنين طوال، لم يأتها نبأ يقين باستشهاده ليرتاحَ بالُها وتزُفُّه شهيداً بقناعة على أنه شهيد حي يُرزق في جنات الخلود، وفي الوقت ذاته لم يأتِها نبأٌ يقينٌ بأنه أسيرٌ فتنتظره بصبر حتى يُفرَجَ عنه كباقي الأسرى.
هذه الأم نموذجٌ فقط وهناك الكثير، شاهدنا من يحملون صورَ مفقودين يبحثون في أوساط الأسرى المحرّرين إن كان هناك من رآهم فيعطيهم خبراً عنه، هذه الأم وكل أُمهات المفقودين يعانين كُـلّ ليلة من قلق المصير ونار الشوق وحرقة القلب ولوعة الحنين وهن في حيرة من أمرهن لا يعلمن أين أبناؤهن وماذا يعملون، هل أحياء هم في الدنيا أم عند ربهم، وإن كانوا في الدنيا هل بخير هم أم لا، هل مرضى؟ عطشى؟ جياع؟… إلخ؟
ولكن لا إجَابَة يجدنها، ومع كُـلّ طرقة باب يفز قلبهن إن كان فقيدهن أَو من يحمل خبراً عنه، ولكن تمر السنون دون جدوى، كم زوجات ضاع صباهن لا يعلمن أين أزواجهن!
كم أسر مفقودين تتكبد ويلات أسئلة أطفال صغار يسألون أين والدي!
تظلُّ هذه الأسر في حيرة وفي غُصة خانقة عند النظر إلى الأطفال وحدسهم الذي وهبهم إياه الله والذي يقولون: هل أبي أسير؟ الأسرى جاؤوا لماذا لم يأتِ أبي؟!
التعمق في الموضوع وأبعاده يصيب بالجنون ولكن هنا نقول: يجب الضغط على العدوّ بكل ما يمكن حتى يفصحَ عن جميع الأسرى الذين لديه في سجونه السرية، التي لا يخفى على أحد أنه يمتلكها وأن يعطيَ بالأقل بجثث من ينكر وجودهم أَو بمشاهد فيديو توضح أنهم استشهدوا وأين تم دفنهم؟!
كُلُّ من يملك في قلبه ذرةً إنسانية يجب عليه أن يسعى إلى هذا وإن لم يكن صاحب قرار أن يطالب بهذا، ونسأل من الله أن يعجل بعاجل فرجِه عن أسرانا الأحرار.