المراكز الصيفية وأساس العلاقات الأخوية
بقلم// أم وهيب المتوكل
ما يصرف البعض عن تقوى الله – سبحانه وتعالى- هو شهواتهم، ورغباتهم وآمالهم وطموحاتهم وأهواؤهم، التي مهما بذلوا من أجلها ومهما فرَّطوا في التقوى من أجلها؛ لن يصلوا فيها – نهاية المطاف- إلى مبتغاهم بشكلٍ تام ، هناك الكثير من المنغصات والكثير أيضأ من العوائق في نهاية المطاف يتحمَّلون التبعات عندما يفرطون في التقوى وهم يسعون وراء رغبات أنفسهم ،وأهواء أنفسهم ويعتمدون على أهواء أنفسهم.
دور للأصدقاء في الانحراف أو الالتزام بالتقوى، ما يصرف البعض عن تقوى الله -سبحانه وتعالى- أيضأ هو أخلاَّؤهم وأصدقاؤهم، الذين لهم بهم علاقة وثيقة، ويتبادلون فيما بينهم المحبة القوية وتربطهم صلة الصداقة القوية لها أهميتها الكبيرة في التأثير فيما بينهم، نتيجةً لما يكون بين الصديق وصديقه والخليل وخليله من محبةٍ من تأثير وجدانيٍ ونفسي ، من ثقةٍواعتماد ولها أهميتها في الاتجاهين:
اتجاه الانحراف عن التقوى والابتعاد عن التقوى ، أو التفريط بالتقوى.
وأهميتها أيضاً يمكن أن تكون في تعزيز حالة التقوى .
ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( الأخلاءُ يومئذٍ بعضعهم لبعض عدو إلا المتقين) الأخلاء الذين كانت تربطهم في هذه الدنيا صداقة وثيقة ومحبة قوية وعلاقة حميمية، يتأثرون ببعضهم البعض يقفون مع بعضهم البعض في مختلف النوائب والشدائد يتضامنون مع بعضهم في حالة المحن والأزمات والهموم والمشاكل ، يرتاحون لبعضهم يُسرَّون ببعضهم البعض يفرحون ببعضهم البعض.
في يوم القيامة يتغير حالهم تماماً تلك المحبة القوية تلك العلاقة الحميمية تلك الصلة والقرب فيما بينهم تتبدل بشكلٍ تام إلى عداءٍ شديد وكرهٍ وبغضٍ شديد وكل منهم يكره الآخر يبغضه يعاديه يمتلئ حقداً ينفر منه لماذا؟ لأنه يراه سبباً في انحرافه عن التقوى يراه سبباً فيما وصل إليه من الشقاء؛ هو سبباً في اعراضه عن هدى الله ، من قال لا تلتحق بالمراكز الصيفية لاني بدونك اموت والأنصار سوف يأثرون عليك ووووو إلى خ ، وبالتالي يغضب منه ويستاء منه، ويحقد عليه ويكرهه ويبغضه ويتبرأ منه ويلعنه ويعاديه.
إلا المتقين فحالهم مختلف تماماً، من كانت خُلَّتُهم في الدنيا، صداقتهم في الدنيا علاقتهم الحميمية في الدنيا روابطهم في هذه الدنيا قائمةُ على أساس التقوى والإيمان ، إذاً هنا في المراكز الصيفية يتم فيها بناء النفس بمفاهيم صحيحة، وأفكار نيّرة ، على الالتزام بهدى الله والحفاظ على علاقة الإتباع والاهتداء والتمسك والتقبل والالتزام في ميدان الحياة ، حتى لايخذل و يسلب الانسان التوفيق من الله سبحانه وتعالى ، فيكون البديل عن هدى الله الذي هو النور: يكون البديل شيطاناً من شياطين الانس أو الجن ، لقوله تعالى – ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو لهُ قرين – فنحن في زمن بلغ شياطين الإنس ذروته المتمثل بأمريكا وإسرائيل واساليبهم الشيطانية.
فعندما يكون اهتمام القيادة والدولة بهذه المراكز التي من خلالها يتم تحصين أبنائنا وبناتنا من التضليل والمضلين ، تبنيهم جيلاً حراً، واعياً، مسؤولاً يتخلق بمكارم الأخلاق وثقافة القرآن ، والتي على أساسها تبناء أساس العلاقات الأخوية والفوز بالسعادة الأبدية.
فهذا مظهر من مظاهر تكريم الله للإنسان بشكل عام ، من مظاهر تكريم الله لهذا الشعب وهذه الأمة بشكل عام أن يصطفي أول شيء : لأهمية هداه وسعة هداه وعظمة هداه ولقيمة هذا الإنسان الله خلق الانسان وكرمه فعلاً من تكريمه: أن يصطفي له على أرقى مستوى من يكونون هداة له بمعنى من يكونون أقدر أقدر من أي أحد منهم لإيصال هداه إليهم.
فلذلك يحرص الإنسان على ألَّا يصرفه شيءُ عن تقوى الله سبحانه وتعالى ، يتحرك الإنسان مثلما قال الله : (الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين) وفق آيات الله يهتدي بهدي الله يقبل بهدى الله، يقبل بتوجيهات الله يقبل بأوامر الله سبحانه وتعالى، فيلتزم ويطيع لا يصرفه شيء، لا أخلاء الهوى ولا رغبات وأهواء النفس.