الخبر وما وراء الخبر

الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)…شهيد المحراب

17

بقلم// علي عبد الرحمن الموشكي

عندما نحيي ذكرى إستشهاد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام), ليس فقط مجرد إحياء فعاليات وأنشطة فقط, ولكن يجب علينا أن نتعرف أولاً على شخصية الإمام علي (عليه السلام) , ومكانتة وصفاتة ومناقبة وعلمه ومبادئة ولماذا إختاره الله ولياً للأمة الإسلامية من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله), وأكد الله في القرآن ولايته والتمسك به, كقائد يوصل المنهج القرآني ولكي تستمر الرسالة الإلهية على ماهي عليه ولتصل للعالم, وماهي الأسباب التي أدت الى الإنحراف عن ولايته وكيف أصبح واقع الأمة من بعد الإنحراف وماهي الأسباب التي أدت الى إستشهاده في محرابة بسيف محسوب على الأمة الإسلامية.
إن الله إصطفى محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله) رسولاً للعالمين, وقد تحرك برعاية إلهية في إخراج الناس من الظلمات الى النور في مرحلة وصل الظلال ذروته والفساد ذروته , ولقد إستطاع في غضون سنوات هداية الناس وإخراجهم من الظلمات الى النور, وكون نواة من المؤمنين الصادقين الذي تحركوا وفق منهجية الله وخلال مرحلة هداية الناس , كان هنالك مواقف تميز الخبيث من الطيب وإختبار تجلى فيه واقع المؤمنين في كل مرحلة تحرك فيها , حبيبنا محمد (صلى الله عليه وعلى آله) , وكان الله يكشف النفسيات ويؤدب الذين يخرجون عن خط الله وعن أخلاق المشروع القرآني, وخلال مرحلة البناء تجلى منهوا القائد الذي يستطيع إدارة واقع الأمة بسبب التمسك الصحيح والإتباع الذي لايشوبه أي عملاً من خارج المنهجية الإلهية, كواقع فرضت تلك الصعوبات والمراحل مدى الحنكة والذوبان في الله والطمع فيما أعده الله من نعيم دائم, وكان أصحاب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يدركون ذلك وتيقن أنفسهم ذلك , لكن هنالك من تنامى في نفسه الإيمان وزداد إيمانة وتسليمه لله ولرسول الله (صلى الله عليه وعلى آله), وهنالك من تنامى في نفسه الكبر والإنانية والبحث عن أطماع الدنيا ومنتظر لكي ينتهز الفرصة , لنيل والظهور على حساب دين الله, مثلهم كمثل الملائكة الذين وضعهم الله تحت إختبار فكان نتيجة ذلك غربلة إبليس الذي كان يعبد الله ولم يكن يزداد إيمان بل إزداد كبر وأنانية وحسد وغل, فلم يسلم لتوجيه الله , فكانت النتيجة هي الكفر بالله وعداوته لآدم (عليه السلام), كذلك أصحاب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) , وضعهم الله في محك ولاية الإمام علي (عليه السلام) من بعد رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله), منهم من سلم لتوجيه الله ورسوله, ومنهم من عصى توجيهات الله ورسوله, فكانت النتيجة محاربة الحق بدافع الكبر والأنانية والحقد والحسد وإدعاء الإيمان , فأدى ذلك الى تفكك الأمة الى جماعات ومذاهب وطوائف, ولأن مسألة ولاية الأمام علي (عليه السلام) , أمر مهم وضروري لكي يستقيم وآقع الأمة وتستمر وفق منهجية الله.
الإمام علي(عليه السلام), كان قد ذاب في الله وعرف بنزاهتة وصدقه وأخلاقة وتعاملة الحسن, ومواقفة التي تثبت مدى ثقته بالله وإيمانة القوي بالله, وله مواقف كثيرة جداً في العديد من المعارك الذي تخلف عنها الجميع وكان الإمام علي (عليه السلام) , برز للكفر كله, فنال منزلة هارون من موسى, وبين رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله) , أحقية الإمام علي (عليه السلام) ووقوفة مع والحق وكأنه كان يطلع على نفسيات الجميع وماتخفي صدورهم, فكان يقول “علي مع الحق والحق مع علي” , وكان تلميذ الرسول ورفيق دربه وفدائي الرسول وكان يعلمه الأسرار الكونية ليعمق إيمانة ويقربة أكثر من الله فقال الرسول (صلى الله عليه وعلى آله) , ” أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة يأتها من بابها” , شرط ولاية أثناء حياة رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله), لا يحتاج المسلمون الى آية تنزل من الله لكي يوضح أحقية الإمام علي (عليه السلام), بالولاية من بعد رسول الله, ولكن لضرورة ذلك, يحتاج الى تأكيد من الله للرسول (صلى الله عليه وعلى آله) أن يوضح للأمة من هو وليهم من بعده, فكان ذلك في حجة الوداع حيث قال ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم والي من ولاه وعادي من عاده ونصر من نصره وخذل من خذله ” , لكن الكبر والغرور إعتلى أصحاب النفوس الشيطانية والذي تمكن منها, فكانت النتيجة, الخذلان والذل والهوان والتنازع والفتنة والخزي في الدنيا وفي الآخرة.
لم يلتزموا بتوجيه الله ورسوله وتناسوا مكانة الإمام علي (عليه السلام) , ولم يستفيدوا من علم الإمام علي (عليه السلام) , لتسموا نفوسهم وتزكوا ويتطهرون من نجاسات الشيطان بولايته, فقد خذلوا وذلوا وأصابهم الوهن, وتمكن الباطل ومتد نفوذه, بسبب من حرفوا خط ولاية الله ورسوله عن الإمام علي (عليه السلام) , فكانت النتيجة أن إستحوذ الباطل بقيادة معاوية بن أبي سفيان من الشام , ومد نفوذه وجيش على الباطل جيش ضد الحق وضد ولي الله, فعندما تولى الخلافة الإمام علي (عليه السلام) ,

كان الباطل قد أستشرى في واقع الحياة وقد تمكن الشيطان من تجييش باطلة في واقع المسلمين, ورغم من وجود الإمام علي (عليه السلام) , في أوساط الأمة إلا إن الباطل والإنحراف قد وصل ذروته, رغم خطب الإمام علي (عليه السلام) , كان المنافقين يطورون نفاقهم وباطلهم بإسم الدين, فماذا تحقق للأمة تفككت وتنازعت وقتلت الإمام علي (عليه السلام) في محراب مسجده بسيف محسوب على الإسلام , وأستشهد من قبله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) , فكان قد دعاهم يريد أن يوضح لهم من هو إبليسهم عندما قال لهم (آتوني بدواة وقلم أكتب لكم كتاباً لن تظلوا من بعده أبدا) , فقال عمر بن الخطاب (دعوه فإنه يهجر) , بمعنى أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله), قد بيخرف , يهذي باللهجة العامية , والعياذ بالله من إصطفاه الله رسولاً للعالمين, كانت المخالفة وآضحة , فمات رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله) , أسفاً وكمداً على واقع الأمة من بعده.
الإمام علي (عليه السلام) , كان رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله) , قد أخبره حيث قال ” ياعلي ستخظب هذه من هذا ..فكان رد الإمام علي (عليه السلام) ” أفي سلامة من ديني يا رسول الله ) قال رسول الله ” نعم ” فقال الإمام علي (لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليا) , لو أن شخص يخبرك بأنك ستموت في يوماً ما بسبب تمسكك بالحق لإرتعبت والإنتظرت موت هذا اذا أنت متمسك بالحق, وأما الأغلبية فسيكون واقعهم بترك الحق الذي يهدد حياتهم, هذا الأمام الأعظم شهيد المحراب, الذي جسد معنى حياة لله والممات لله , لم يكن يطمع بمنصب ولا بجاه ولم تغره الحياة الدنيا, ولم يذهب حسرات, على مستقبلة, لقد تحرك وأسس مبادئ الدولة الإسلامية , وبنى نماذج قرآنية من أعلام آل البيت (عليهم السلام) , الذين سقطوا شهداء في ميادين العزة والكرامة دفاعاً عن المنهجية الحقة وخروجاً في وجه الظالمين والمستكبرين, كالإمام الحسين بن علي (عليه السلام) والإمام الحسن بن علي (عليه السلام) , سيدا شباب أهل الجنة, وكثير من أعلام آل البيت (عليهم السلام).

عندما نبحث عن سر إصطفاء أعلام هدى, إن الله لا يترك الأمة بدون قيادة وبدون علم وموجه لكي يرشد الناس ويوجههم الى السراط المستقيم, لا بد من قيادة قرآنية تلتف حولها الأمة وحتى لا يقودهم اليهود والنصارى وأتباع الشيطان وجنودة, هم منزهون ويحضون بالرعاية الإلهية , من لا يتولون أعلام الهدى من آل البيت (عليهم السلام) , سيتولون اليهود والنصارى دون شك , فالواقع اليوم يشهد بذلك.

إن الإمام علي (عليه السلام), كان النموذج القرآني الأمثل الناتج من تربية وبناء رسول الله , له العديد من الرسائل والخطب والمخطوطات جمعت في عدة مؤلفات, منها نهج البلاغة وأنوار العقول من أشعار وصي الرسول و كتاب نهج البردة وكتاب غرر الحكم ودرر الكلم و ثلاثة مصاحف بخط يدة في صنعاء والهند والعراق, الأخرين يعرفون من هو الإمام علي (عليه السلام) , فالقد كان للعالم وليس لفئة معينة, يستفاد من مؤلفاته في كافة بلدان العالم في مختلف المجالات ,وقد قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان: «قول علي ابن أبي طالب يا مالك إن الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، هذه العبارة يجب أن تعلَّق على كلّ المنظمات، وهي عبارة يجب أن تنشدها البشرية» وبعد أشهر اقترح عنان أن تكون هناك مداولة قانونية حول كتاب علي إلى مالك الأشتر. اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، بعد مدارسات طويلة، طرحت هل هذا يرشح للتصويت؟ وقد مرّت عليه مراحل ثم رُشِّح للتصويت، وصوتت عليه الدول بأنه أحد مصادر التشريع الدولي.

ثم كيف كان إستقبال الإمام علي (عليه السلام), للشهادة في سبيل الله, قال عليه السلام ” فزت ورب الكعبة ” ..ما أعظمها من كلمة خلدها التاريخ, نعم إن الشهادة في سبيل الله فوز عظيم ونعمة من الله كبيرة على الإنسان , قال تعالى ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).