مهزلة الآسفين على (التفاوض)!
بقلم / أنس القاضي
مَن لم يخوضوا معركةَ الدفاعِ عَن الوطنِ ومقاوَمَةِ العُـدْوَان الإمبريالي الأمريكيّ السعوديّ الإماراتيّ المُشترَك، يَجهلون منطقَ المعركة وحركتَها الموضوعية، واقعها ومضمونها والهَدف منها.
تمترسوا بالخواء، فظلّوا يُصدرون الضجيجَ طوالَ الوقت، مَرّت الأربعون يوماً الأولى للعُـدْوَان وهُم ساخطون؛ لعدم الردّ، وتوغَّــلَ أبطالُنا في الحدود وهُم ساكتون غيرُ آبهين بالردّ، ولا منتمين إلى قضية الـشَّـعْـبِ كما يخوضها المجاهدون، بل متحوصرون خلفَ نزعاتهم التي يريدون لها أن تغدوَ شعبيةً! وما إن حدَثَ اليوم تهدئةٌ في الحدود لأخْذ جثث القتلى من الطرفين، تأجّجوا سَخَطاً كَمَن خُــذِلوا وهُم مَن خذلوا الوطن ولم يُشاركوا في المعركةِ وَاكتفوا باللقاءات الصحفية والوعيدِ والتنظير و(الفسبكة)!
لم يرفعْ قائدُ الثورة شِعارَاً محدداً ليقولوا لم يصدُقْ أنصارُ الله في المعركة، بل رفعوا شِعارَ صَـــدِّ العُـدْوَان الأمريكي السعودي الغاشم بأُفُقٍ مفتوحٍ لخياراتٍ متاحةٍ يُحدِّدُها الميدان، لغايةٍ واضحةٍ هي التحرّرُ الوطني من التدّخلات الاستعمارية الأمريكية الخليجية، والسيادة الوطنية على كامل الأرض الـيَـمَـنية والقرار السياسي، وهذهِ هي أهدافُ الثورة الـيَـمَـنية والحركة الوطنية منذ الخمسينيات، لم يَزِغْ عنها إلا رجعيٌّ انتهازي وعميلٌ، ولا يُطالِبُ بأكثرَ منها إلا مُزايدٌ وكاذب، رجعي بشكل مختلف.
فما بالُ مَن يُطالبون اليومَ أبطالَ الجيش واللجان الشعبية بنهاية لمعركة لم يشتركوا فيها، تماهَـوْا مع الخصم مُرددين شائعاتهُ فيهذون في الإعْـلَامِ عن نزع الأبطال لألغامٍ ليسوا هُم من زَرَعها، فما شأنُهم وإن صَـحَّ الخبرُ العاري عن الصحة أصلاً!.
ليس من فضْــلِ زُنُودهم جبل الدود، ونهوقة نجران، وملحمة جيزان، وربوعة عسير، هل نزَفوا على تلك الدروب مع المُجاهدين، ليشترطوا سياقاتٍ جديدةً ويستنكروا سيناريوهاتٍ معينةً؟!
لا صالح شارَكَ بهذهِ المعركة وما زال يُصرّحُ بأنهُ لم يشتركْ وكبار ضباطه يستلمون الرواتبَ في قصورهم متنعِّمين، ولا مؤيِّدو العُـدْوَان المحتفلون بمجازِره أنفقوا في سبيلِ هذه المعركة شيئاً ولو بحرفٍ في مقيل أَوْ وسيلةِ تواصُل، بل كانوا مع العَــدُوِّ يطعنون الجبهةَ الداخلية، ولا مُفسبكونا الأعزّاء شاركوا بحربٍ غيرِ حربِ (اللايكات والشير والوجوه الضاحكة) ليشعروا بأن تضحياتِهُم تم بيعُها!.
ليس أنصارُ الله من يطمعون (بكبسة) تكرّشوا بها، وقد أكلوا أوراقَ الشجرِ طوال 6 حروب، ولكن أكثر ما يطمعون به ويسعَون إليه هي الحرية والاستقلال، ولو أشاروا بطرَفِ إِصْبَع وقبلوا بالتنازُلِ عن سيادة البلد، واستقلال قراره السياسي لاستجاب لمطالبهم كُلُّ أعدائهم الآن.
وفي الوقت الذي ارتكبت فيه السعوديةُ أبشَعَ مجزرةٍ منذ بداية العُـدْوَان بسوق خميس بمستبا في حجة، والتي راح ضحيتها 120 مواطناً، لم يقم هؤلاءِ بمسئوليتِهم الإنسانية -قبل الوطنية- في فضحِ جرائم العُـدْوَان، بل استغلوها في الطعنِ بأنصارِ الله وقيادتهم وصَوَّبوا سهامَهم باتجاههم باعتبارهم مُفرِّطين بهذه الدماء؛ لتشويههم وتشكيكِ المجتمع بهم، في اصطفافٍ يقدِّمُ خدمةً واضحةً وعلَنيةً للعدو ويوحِّدُ الجبهةَ المعاديةَ للـشَّـعْـب والوطن عن قصدٍ أَوْ غيرِ قصدٍ.
وبالرغم من وُضُوحِ البيان المجلس السياسي لأنصار الله وموقفِه من هذه الجريمة والذي لم يتواطأ معها، بل اعتبرها جريمةَ حربٍ حَمَّــلَ العدوَّ والمجتمعَ الدوليَّ المسئوليةَ، ودعا الـشَّـعْـبَ على رَصِّ الصفوف والاستمرارِ في مواجَهة المعتدي حتى وقف العُـدْوَان والحصار.
أُسَرُ الشُّهداء ورجالُ الله في الميدان والقياداتُ السياسيةُ التي تحمِلُ البُندقية، هُم وفقط الذينَ مِن حقهم أن ينتقدوا وأن يحدّدوا ما يُفترَضُ أن يكونَ، وقيادةٌ ثوريةٌ عَلّمت جماهيرَها المُسلحةَ درْبَ الثورة والرفضَ والحُرية، هي التي تُحدّدُ مساراتِ المعركة.
أُيَّـهَا الآسفون على التفاوُضِ، السياسةُ هي حربٌ بأدواتٍ جديدةٍ، والمعركةُ محكومةٌ بوقائعَ عسكريةٍ سياسية وبمعطياتٍ ميدانية ولا تُحكَمُ بالأمزجة والرغبات الشخصية، ويعرفُها جيداً مَن بدأها من أول طلقة، ويُنهيها بما يخدُمُ الـشَّـعْـب، كيف يشاءُ بتوقيعِه أَوْ بصاروخ قاهر.