الخبر وما وراء الخبر

لماذا يصوم الناس شهر رمضان؟!.

13

‏ بقلم// عدنان علي الكبسي

ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك لابد أن يعرف الإنسان أهمية هذا الشهر الكريم، ولماذا شرع الله الصيام؟!، ولماذا صيام شهر رمضان فريضة إلزامية؟!، وماذا نستفيد من هذا الشهر الكريم؟!، وما هو الهدف من صيام شهر رمضان؟!، وما الذي سيتحقق من خلال العناية بالأعمال الصالحة بكل جوانبه في هذا الشهر؟!.
شهر رمضان هو من الفرص التي منحها الله “سبحانه وتعالى”- وما أكثرها- لعباده ليهيئ للإنسان الظروف الملائمة للتربية الإيمانية، لتزكية النفس، للاهتداء بهدى الله “سبحانه وتعالى”.
أبواب رحمة الله “سبحانه وتعالى” هي مفتوحةٌ في كل وقتٍ وحين، ورحمة الله وسعت كل شيء، ومن رحمته الواسعة أن يتيح للإنسان الكثير من الفرص التي يحصل من خلالها على رحمة الله بشكل أكبر، ومنها فرصة شهر رمضان، إذ يهيئ للإنسان الأجواء المتنوعة على المستوى الزمني، وعلى مستوى الأحداث والمتغيرات التي تساعده على الارتقاء الإيماني والأخلاقي من جهة، وعلى اكتساب الأجر والثواب من الله من جهة، ويهيئ للإنسان على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي ليتجه اتجاهاً إيمانياً وفق هدى الله، وأن يحظى من خلال ذلك برعايةٍ واسعةٍ من الله، فيما لذلك من ثمرات ونتائج طيبة وعظيمة في عاجل الدنيا وفي آجل الآخرة.
في شهر رمضان كمحطة سنوية ومع أجواء الصيام وبركاته تتهيأ الظروف للقابلية الكبيرة لهدى الله “سبحانه وتعالى” على نحوٍ متميز، وأيضاً فرصةٌ كبيرة للتذكير، لِنُذكِّر أنفسنا بهدى الله، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، لأن مع الأجواء الروحانية لهذا الشهر الكريم أقرب ما يكون الإنسان إلى الله في شهر رمضان.
كذلك تجلت أهمية شهر رمضان في نزول القرآن الكريم في هذا الشهر، وللصلة الوثيقة ما بين الصيام في الغاية المرجوة منه وهي التقوى، وما بين القرآن الكريم الذي من خلاله ومن خلال الاهتداء به يتحقق للإنسان وللأمة التقوى.
فالله سبحانه وتعالى شرع الصيام وجعلها فريضة إلزامية لأهميته في تحقيق النتائج الإيجابية في واقع الإنسان كإنسان والناس كبشر، في تحقيق ما فيه الوقاية الحقيقية، كإنسان يتعرض لكثير من المخاطر والشرور، ولهذه الفريضة أهمية كبيرة كعامل مساعد في تحقيق التقوى، والذي هو الهدف الرئيسي من صيام شهر رمضان.
الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى الاستفادة من هذا الشهر المبارك الذي يحفل بالعطاء التربوي والتهذيبي للنفس البشرية، ولما فيه من العوامل المساعدة على ترويض الإنسان على تحمل الصعوبات في مواجهة التحديات والأخطار، ومن أهم ما يقدمه لنا شهر رمضان مع تركيزنا واهتمامنا وجدنا ما نحتاج إليه في مواجهة التحديات، ما ذكره السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- حيث قال: (نحتاج في مواجهة التحديات هذه: إلى الصبر، إلى العزم، إلى القوة المعنوية، إلى الطاقة الإيمانية، ونحتاج إلى البصيرة، إلى الوعي، إلى الفهم الصحيح، إلى المعرفة السليمة والصحيحة للعدو، للواقع من حولنا، لمسؤولياتنا، لما علينا أن نعمل، للحلول والرؤى والأفكار الصحيحة التي تساعدنا على التحرك الصحيح والتصرف الصحيح، وهذا بالذات، وهذا في الحقيقة من أهم ما يقدِّمه لنا شهر رمضان المبارك، إذا نحن اتجهنا بتركيز واهتمام وعناية، نكتسب من صيام شهر رمضان المبارك: العزم، القوة، الصبر، التحمل، كذلك الجَلَد والتَّجَلد في مواجهة الشدائد والمحن والمتاعب والصعوبات، نكتسب من شهر رمضان المبارك، من خلال العودة القوية جدًا إلى القرآن الكريم، العناية بتلاوته، العناية بتدبر آياته، الإصغاء لهديه، التركيز على نوره؛ نستفيد الوعي، نستفيد ونكتسب البصيرة النافذة حتى نرى بنور الله، وحتى تزول عنا غشوات العمى، وحتى نرى الأشياء على حقيقتها، ونستهدي بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فيما فيه: من إرشاد، من تعليمات، من تقييم، من تبصرة…إلى غير ذلك).
وثمرة فريضة الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وتأتي مسألة التقوى لتضبط لدى الإنسان أداؤه العملي فيما يقيه من تلك النتائج السيئة، من الأعمال السيئة ومن عواقبها السيئة، لتقي الإنسان من التقصير والإهمال والتفريط في الأعمال الصالحة، في المسؤوليات الكبيرة، في الواجبات العظيمة، والتي تؤدي إلى نتائج خطيرة جدًّا وسلبية، تساعد أولئك الأشرار، والمجرمين، والسيئين، والمفسدين، على أن يعم فسادهم، وظلمهم، وجورهم، وإجرامهم، وشرهم، وآثار ذلك، فتطال جميع الناس، يكتسب الإنسان هذه الثمرة الطيبة والنتيجة العظيمة، التي هي التقوى، ليقي نفسه من عذاب الله “سبحانه وتعالى”، يقي نفسه من الأعمال والانحرافات الخطيرة، التي تخرج به عن خط الإيمان والتقوى.

وتتجلى أهمية التقوى في وعود الله سبحانه وتعالى لعباده المتقين من الخير والرزق واليسر والبركة والتمكين والعزة والكرامة في الدنيا، وقاية من الذلة والهوان والخزي في الدنيا، يحظى المتقون برعايةٍ من الله “سبحانه وتعالى”، ومن عزته، وتأييده، ومن نصره، وتوفيقه، وألطافه، يتحقق للمتقين رضوان الله ورحمته ومغفرته وجنته يوم القيامة.
فالمتقون هم السعداء في الدنيا والآخرة، وهم الذين جسدوا التقى في واقعهم من خلال ما حملوه من عظيم السمات وأجل الأخلاق، وأبوا إلا أن يسلكوا طريق المتقين فحملوا مواصفاتهم وجسدوا أخلاقهم، فحظوا بالمكانة العالية عند الله، فأحاطهم الله بعنايته ورعايته ولطفه في الدنيا وفي الآخرة لهم فضل عظيم ومقام كبير عند الله، ورضوان من الله أكبر.