الخبر وما وراء الخبر

كيف نتعلم من النمل أسرار وأساليب محددة للنجاح

72

بقلم المهندس// هلال الجشاري

من منا لم يتعرض لضغوط نفسية أثناء العمل أو الدراسة أو في البيت … وكم مرة أحسسستَ بالفشل والإحباط …وكم مرة شعرت بأنك لا تستطيع أن تفعل العمل الذي تريده أو العمل المطلوب منك ، وغالباً ما يشعر الإنسان بعدم التوازن وفقدان القدرة على التأقلم مع الظروف المحيطة ، وهنا نستعرض أسرار النجاح لدى النمل وكيف يعتمد أساليب محددة تجعله من أهم المخلوقات في التعاون والنجاح …إذاً يمكن أن تجد حلولاً عملية عند عالم النمل!! فمع أن الدراسات أثبتت وجود أكثر من 11000 نوع من النمل وملايين المستعمرات التي تحوي مليارات النمل ، إلا أنها جميعاً تعمل بدقة وكفاءة وتعاون وتنظيم حتى من دون وجود ملكة للنمل أو وجود قائد يقود المجموعة وكل فرد من أفراد النمل يعرف ما عليه القيام به ومن التقنيات التي يستخدمها النمل في حياته لتحقيق النجاح بدًا بإياك واليأس كقاعدة مهمة جداً مبرمجة مسبقاً في دماغ كل نملة تخلق حديثاً ، فالله تعالى أودع في دماغها برامج معقدة تجعلها لا تفقد الأمل من النجاح، فهي تكرر المحاولة إثر المحاولة حتى تحقيق النجاح ، فقد تحاول النملة الحصول على الرزق والإمساك بالحبة أو ورقة الشجر وحمل اضعاف حجمها ووضعها في المسكن وتبقى تحاول أكثر من مئة مرة، ولا تترك هذا العمل ولا تمل ولا تيأس، وهذا هو أحد أهم تقنيات النجاح في الحياة ، وكذلك التعاون في عالم النمل من أهم طرق النجاح في العمل من خلال التواضع والعمل بجد ونشاط وتقنية الإخلاص لدرجة أن النمل مخلص في عمله ويتقن أداء واجباته من دون أن يُطلب منه ذلك؟ وكل نملة تقوم بالعمل على أكمل وجه، فلا غش ولا كذب ولا تلاعب … بل عمل جاد مخلص، وهذا هو أساس نجاح أي عمل ، بل هو أساس النجاح في الآخرة أيضاً ،بإلاضافة إلى التخطيط وتحديد الأهداف والتعاون الجماعي للحصول على الرزق ، كذلك تقنية التضحية والإيثار! حيث أن النمل يضحي بنفسه وحياته من أجل حماية الآخرين وتأمين الراحة والغذاء لهم (سبحان الله ) كما ان النمل مهندس بارع في صناعة الجسور الحية على الرغم من الألم والتحمل والموت في سبيل بناء المستعمرة فالتضحية من أهم أسرار النجاح في العمل ولعظمة ذلك ذكر بالقرآن الكريم وادي النمل كما أن هناك دراسات تتحدث عن إكتشاف العلماء لمدينة نمل ضخمة تحت الأرض تحتوي مساكن خاصة بالنمل وملايين الغرف بنيت بطريقة هندسية متقنة (سبحان الخالق ) في حين أنه لا يمكن أن نرى بالسطح سوى فتحات صغيرة أو بوابات الدخول والخروج ولكن ماذا يوجد تحت الأرض؟! إنه وادي ضخم جداً تبين بعد الحفر أنه أكبر مما يتصور العلماء، فقد تم تصميم المساكن بحيث تؤمن التهوية اللازمة للنمل، وفيه قمة النظام والدقة، يحوي المساكن والغرف والممرات السريعة وطرق لنقل المواد الغذائية وطرق أخرى للتنقل هناك شبكة متكاملة من أنظمة المرور حيث يبني النمل الغرف على شكل حجرات شبه كروية ، ويجعل بينها ممرات ضيقة ولكنها تصل الغرف بطريقة متسلسلة يسهل التنقل فيما بينها حيث اثبتت هذه الدراسات والأبحاث أن النمل يختار الطرق الأسرع بحيث أن الطريق يمر من عدة غرف في نفس الوقت وأكثر شيء أثار دهشة العلماء فملايين النملات تقوم بالحفر، ولكن كيف تنسق هذه العمليات وكيف تتصل مع بعضها… إنها قدرة الله تعالى ، وقد صور بعض العلماء والباحثين وادي من النمل أخيراً وتبين أنه مذهل في تصميمه وبناء غرفه، ولذلك وردت كلمة (مَسَاكِنَكُمْ) لتدل على وجود بيوت وغرف داخل هذا الوادي… ويضاف إلى تقنيات واساليب النجاح لدى النمل الحرب والهجوم والمقاومة وإبعاد الأعداء عن المستعمرة أحد أساليب النجاح والفوز والانتصار ، بإلاضافة إلى تقنية التخطيط الجماعي والتعاون! فكثير من الناس يفشل بنتيجة الانفراد بالقرار وعدم التعاون مع الآخرين أو استشارتهم، وقد أثبت العلماء أن النمل لا يعمل أبداً بشكل فردي بل بشكل جماعي والعمل الجماعي والتعاون هو أحد أهم مبادئ النجاح في كل عمل ، كذلك حب العمل والتعاون والإيثار بين الكبار والصغار ضروري جداً للنجاح والاستمرار ، كذلك تقنية واسلوب(تحديد الهدف )وهو أهم أساليب النجاح في الحياة، فمن دون وجود هدف واضح لن تحقق النجاح ، كما أنه أثبتت دراسات من خلال تتبع حياة النمل أنه يضع استراتيجية ويحدد أهدافاً قبل القيام بأي مهمة ، ويوزع العمل حسب الاختصاص فهذه النملة تقوم بالحراسة، وتلك تقوم بالمراقبة والتحذير من وجود خطر، ونملة أخرى تربي الصغار، ونملة رابعة تدافع عن المستعمرة وهكذا … يعتمد النمل على توزيع الاختصاصات في كل أعمالها ، كما أن النمل يختار الأقوياء منه ليجندهم كجيش يدافع عن المستعمرة (النملة القوية تستطيع حمل 50 ضعف وزنها)، ويقوم النمل بتشغيل الأفراد وفق تخصصات دقيقة، كل حسب مهاراته، البعض يقوم بالتربية والاهتمام بالبيوض، البعض الآخر يقوم بالحراسة والتحذير من المخاطر المحتملة…

وتأمل قول الله تعالى ((حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: 18 ، فكيف جاء التحذير على لسان (نملة) مؤنثة، فمن كان يعلم أن النملة المؤنثة هي التي تتولى الدفاع عن المستعمرة في ذلك الزمن؟ حيث أثبت العلماء أن النمل يتكلم بلغته الخاصة، وأثبت كذلك أن النملة المؤنثة هي التي تقوم بالتنبيه لأي خطر قادم، ولذلك جاءت صيغة الخطاب في القرآن على لسان (نملة) ، كذلك تعمل النمل على التخلص من العناصر الضارة في المستعمرة أحد أساليب النجاح في العمل ، أخيرًا … هل تعلمتم معي شيئاً من أسرار وأساليب النجاح من هذا المخلوق الصغير الضعيف ، ولكنه كبير وعظيم بعمله وقوي بإرادته وعزيمته، وبالفعل هو مثال نحتذي به فهو مخلوق محكم الصناعة ويتجلى فيه إبداع الخالق ويستحق أن ينزل الله تعالى سورة باسمه ألا وهي سورة النمل التي قال الله تعالى في آية منها: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88]
صدق الله العظيم …