مًن سيُحرّر الجزر السعودية المُحتلّة من إسرائيل؟
عبد الله بدران ـ مراسل قناة الميادين في العراق
ليس حديثاً عابراً ذاك الذي رفع به العراق صوت دبلوماسيته الخافت، قضية حق أبعد من الدبلوماسية وأبعد من رِهان المواقف وأصعب من حرب الثبات، لأن الراعي لا يترك والقومية لا تضيع والمبدأ ثابت برغم التجديد ودعواته، وغبار الخيانة لامس قلوب من أرادوا استنشاقه وجسّ النبض لعبة قديمة، بعدما كشف الكل أوراق اللعب وصارت المبدئية على المِحك.
أعلن وزير الخارجية العراقي موقف بلاده من الجامعة العربية ومقرّرات لم تطرحها بعد لجهة حزب الله، اندفع بموقف التحالف الحاكم، استند فيه العراق إلى موقف عربي تُحاكيه الجزائر وتونس وفاتها لمصر وغابت عنه قسراً سوريا وحرب وقضية، واندفع بتساؤلات عراقية وعربية إجاباتها مرّة، كواقع عربي مُرّ أما وأن البعض يؤمن أن المال يُغيّر رجالاً ويبيح دماً ويحدد شرفاً، فكيف لمن يؤمن هكذا أن تُترك له ناصية الأمور يُحدّد مَن المجرم ومًن الإرهابي، ومَن يملك حقاً في أن يُحدّد شريفاً من خائن، وكيف تكون الصلاة بإمامة من شك في سلوكه وما هو مقياس الشرف وأبعاده، وكيف آمن الإسلاميون العرب يوماً إن حرب السنّة والشيعة هي ما أراده نبيّهم ومن حدّد ترك قتال المُحتلّ.
تلاعَب الوزراء العرب ومن التف لعباءتهم بالالفاظ في تكتيكٍ لجسّ نبض الشارع العربي وردود الفعل، وكان للعبة المصطلحات أن أوهمت كثيرين أنهم ماضون حتى النهاية، فيما قدم للشارع العربي على أنه “تصنيف” وفيما كان هو حقيقة “توصيف” باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، ونجحوا لأيام في لعبةٍ نجح غيرهم في كشفها، وما مرّ من خدعة لأيام أضحى أضحوكة لمَدَيات أوسع بعد كشفه، ولأن القاعدة تقول لا شيء سلبي سلبي حتى النهاية، فإن ما أُريد له أن يكون جساً لنبض الشارع والفعاليات والمواطنين وحتى الدول، كان الرد عليه رسمياً وواضحاً ومدوياً بل وصادماً للاّعبين.
ولأن العراق يُدرك إن ما أريد للمقاومة اللبنانية يُراد عكسه في عراق ما بعد داعش، على قاعدة ذات السيرة لذات الفكر والحركات، تداعى سريعاً مدفوعاً بقاعدة كبيرة رافضة للتوصيفات والتصنيفات ولمنع انحدار الأمور أكثر وفلتان مكانه من عصا التحكم العربية أو ما بقي منها، ولأن لعبة الألفاظ كارثية لأنها ببساطة تترجم دماً بين الأخوة، استبق العراق لعبة الألفاظ من حيث لا يدري إنها خديعة، فأصاب كبد الحقيقة وحدد خياراته لجهة مقاومين رفعوا سلاحاً بوجه اسرائيل كعدوٍ محتلٍ للأرض ومهدّد للوجود وغامر لكسب رهان صعب إطاره كرامة الامة، ولحفظ ما تبقّى لها من عروبة تغنّى بها الأطفال والكبار يوم كنا نسمع أناشيد الثورة الفلسطينية.
لعبة الألفاظ تدل بمفهوم السياسة على عدم القدرة وصعوبة المواجهة وتخوّف من رد الفعل، لكنها تدل أيضاً على خطر أكبر يُراد له أن يكون مخططاً عملياً لمرحلة صعبة من تاريخ العرب والعروبة والمقاومة، يا لصعوبة موقف مَن سيعيش هذا الامتحان ويا لبطولة مَن سينجح فيه في حرب يُراد لها إيمان بقضية ومبدأ من دون شك، حرب ببساطة لن يكسب حلفاء واشنطن منها كثيراً، لأن واشنطن لن تدفع ثمناً بدل أحد في موضع فلتان اللعبة وتشابك الخيوط، ولن تسند ظهر حليف أبعد من مَديَات المعقول والرئيس المصري الأسبق خير مثال.
لعبة الألفاظ ليست جديدة لكنها في ما سبق كانت عبر وسائل ورسائل لا مباشرة وإن كانت لم تمر في ما سبق، فلن تمر اليوم وإن كانت اللعبة قد مرّت لأيامٍ وانتبه لها مَن أراد أن ينتبه فلن يُكتب لها أن تنجح، اخدعني مرة عار عليك واخدعني مرتين عار عليّ، وليتذكر مّن درس علوم اللغة والفقه وأغلبهم إسلاميون يوم اجتمعوا في مبنى الجامعة في القاهرة ما جاء في القرآن ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”، ليس خطاب مشاعر بل لأن لعبة الألفاظ قد تنجرف وراءها شعوب وتتمزّق بها أوطان، وتلعب دوراً في مصائر الشعوب قطعاً ليس ايجاباً.
دعوا المقاومة لأهلها ودعوا الشعوب تتحالف مع من تريد، واتركوا للقومية العربية أن تنهض من كبوة أنتم مَن أعدّها حُفرة قبل السد العالي في مصر وبعد ناصر، ويوم واكبتم الحرب بين العراق وإيران تحريضاً وتأجيجاً، وتذكروا فلسطين وقدسها، ولا تنسوا جزر تيران وصنافير الحجازية المُحتلّة، لأنكم إن وأدتم المقاومة فلا أمل لكم بإعادة أي أرض مُحتّلة بلا سلاح، لأن الجامعة العربية لن تُعيدها.
المصدر : قناة الميادين