السفير الأمريكي في مهمة إنعاش نهب الثروة.. تحركات مريبة من حضرموت إلى عدن
تقارير || عباس القاعدي
كثّـف السفير الأمريكي إلى بلادنا من تحركاته خلال الأيام الماضية، في مشهد يؤكـد حقيقة التدخل الأمريكي السافر في الشأن اليمني.
وبعد أيـام من الحديث عن ترتيبات أمريكية بريطانية فرنسية لحماية الموانئ الجنوبية المحتلة من ضربات القوات المسلحة، وصل السفير الأمريكي ستيفن فاجن إلى مدينة عدن، في زيارة اعتبرها اقتصاديون محاولةً منه لشرعنة بقاء القوات الأمريكية في حضرموت ومنحها شرعية البقاء.
ويأتي هذا كذلك في ظل الحديث المتزايد بشأن حماية أمريكية محتملة لميناء الضبة، جراء قرار صنعاء بإيقاف تهريب النفط، والعمليات المستمرة.
وجاءت زيارة السفير الأمريكي -بحسب وسائل إعلامية تابعة للمرتزقة- بطلب من حكومة المرتزقة، لإجراء ترتيبات أمريكية في ميناء الضبة ليتم خلالها إبرام اتفاق يمنح القوات الأمريكية في الريان شرقي المكلا حق حماية ميناء الضبة، وهو ما سبق أن حذر منه ناشطون جنوبيون.
وكثر مؤخراً التواجد الأمريكي في المناطق اليمنية الجنوبية والشرقية المحتلة، في مؤشر واضح على التدخل الأمريكي السافر في الشأن اليمني بخضوع مذل من قبل مرتزقة العدوان.
ويقول الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي: إن زيارة السفير الأمريكي إلى عدن جاءت كمحاولة أخيرة ومستميته، بعد أن قاموا بتزويد المرتزقة بـ 300 مليون دولار من وحدات السحب الخاصة، لانتشال حكومة المرتزقة وتأمينها من السقوط وتامين احتياجاتهم.
ويضيف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الزيارة أيـضاً جاءت بعد لقاء المرتزق رشاد العليمي بسفراء الدول العشر؛ كونه أطلق قبلها نداء استغاثة بأن حكومة المرتزقة لم تستطع الصمود وأنها على وشك الإفلاس جراء قرار صنعاء وقف عمليات نهب النفط، وأنه يجب مساعدتهم، الأمر الذي جعل أمريكا وبريطانيا تتخذ قراراً بتزويد حكومة المرتزقة بـ300 مليون دولار من وحدات السحب الخاصة، وهذه الوحدات هي عبارة عن قروض على الشعب اليمني وبفائدة أسبوعية.
ويواصل قائلاً: “ما يثير الاستغراب أن مرتزقة العالم يبيعون أوطانهم نقداً كمرتزقة أوكرانيا، أما مرتزقة اليمن الرخاص فهم يبيعون أوطانهم بالقروض.
نهج إجرامي
من جهته، يقول عضو المكتب السياسي علي القحوم: إن زيارة السفير الأمريكي إلى عدن تثبت النهج الإجرامي تجاه اليمن والتناقضات المفضوحة تجاه السلام.
ويضيف أن هذه الزيارة ترسخ حقيقة التوجـهات الأمريكية الخطيرة والسلوك العدواني المستمر في ظل تدفق القوات والبارجات الحربية إلى باب المندب والسواحل اليمنية وبناء القواعد العسكرية في حضرموت وسقطرى وميون والمهرة.
ويشير القحوم إلى أن هذه الزيارة تأتي كذلك كمحاولة منه لتطمين الناهبين ودول العالم التي تنهب الثروات النفطية بأن أمريكا متواجدة وأنه لا يوجد قلق حتى ولو تواجد الطيران المسير اليمني وسوف نقوم بردع هذه الطائرات.
ويتفق القحوم في هذه الجزئية مع طرح سليم الجعدبي الذي يقول: إن السفير الأمريكي ظهر في حضرموت قبل الضربة الثانية في ميناء الضبة بأيام، ليعطي التطمينات لدول العدوان ومرتزقتها، لكنه بمجـرد مغادرة حضرموت دخلت السفينة إلى الميناء ولكن صدها الطيران المسير للجيش واللجان الشعبية وبالتالي لم يتحقق مرادهم.
ويؤكـد الجعدبي أن العملية الثانية جاءت في نفس اليوم الذي تواجد فيه السفير الأمريكي في عدن المحتلة، وفي نفس اليوم الذي دخلت فيه السفينة لميناء الضبة، وهذه تعد المحاولة الأخيرة لأمريكا لإعطاء التطمينات لعملية النهب الفاشلة.
وبحسب الجعدبي فـإن عملية النهب هذه المرة عبارة عن عملية قرصنة بأوسع مفهومها وهي دخول سفينة نهب تجارية برفقتها ست سفن حربية عليها عتاد حربي وبالتالي كان مخططهم هو إفشال تواجد الطيران المسير والذي بفضل الله تعالى نفذ العملية ومنع محاولة عملية النهب الثانية، موضحًا أن السفينة التي حاولت دخول الميناء وتم منعها تتبع شركة “شيفرون الأمريكية”، واستأجرتاها شركة “اوكس دينتال” النفطية، التي تعمل في قطاع عشرة وهي شركة أمريكية.
ووفق السكرتير الإعلامي للجنة الاقتصادية العليا، إبراهيم السراجي، إن حكومة المرتزقة حاولت تهريب 2.1 مليون برميل من النفط الخام بقيمة تقديرية 174 مليون دولار، عبر ميناء الضبة بالاستعانة بشركات تهريب دولية تمثلت باستقدام ناقلة النفط (براتيكا-PRATIKA) وعدد 2 لنشات و6 قطع حربية مجهولة الهــوية، عبر شركات تهريب مقابل مبالغ باهظة حصلت على عمولات ورشاوى.
مؤشرات خطيرة في أوروبا
ومن خلال التحركات الأخيرة فقد ظهر الأمريكي جليا وبصورة واضحة؛ لأنهم يحاولون باستماتة تأمين احتياجاتهم من النفط والغاز، خصوصاً أنهم مقدمون على فصل الشتاء التي بدأت فيه ظهور مؤشرات خطيرة في أوروبا، حيث شاهدنا الرئيس الفرنسي يصفع من قبل امرأة، وشاهدنا الطوابير في أنحاء فرنسا وكذلك المظاهرات في أنحاء أوروبا؛ ولهذا فـإن أمريكا مجبرة على تأمين مرتزقتها من احتياجاتهم من النفط والغاز خصوصاً مرتزقتها من زعماء أوروبا لمن خضعوا للهيمنة الأمريكية والآن أصبح موقفهم مخزياً أمام شعوبهم؛ وخوفاً على مصالحها أصبحت أمريكا تبحث عن حـل لمشكلة النفط حتى يكون الزعماء في مأمن من المظاهرات والثورات التي ربما قد تحدثت خلال فصل الشتاء وربما نشهد انقلاب أنظمة سياسية وتغير أخرى في أوروبا، بحسب الجعدبي.
وحول الأبعاد السياسية من قرار صنعاء بإيقاف عملية النهب، يؤكـد الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي أنه كان له الأثر الرئيس لكل المجريات في أوروبا وكل دول العدوان؛ ولهذا فـإن فاتورة الحرب أصبحت كبيرة ولن تستطيع السعودية ولا أمريكا ولا مرتزقة العدوان القيام بتمويل فاتورة الحرب كون إيرادات النفط المنهوب كانت تذهب إلى البنك الأهلي السعودي في الرياض، واليوم توقفت، وبالتالي فـإن المبالغ التي نهبت إلى نهاية شهر أكتوبر فقط 22 مليار دولار وهذه كانت كافية بدفع مرتبات الشعب اليمني لأكثر من 15 عاماً وبالتالي الآن أصبح إلزاماً أن يعرف الشعب اليمني من هو عدوه ومن هو الذي يمنع مرتباته.
وفي الوقت الذي يطالب فيه 25 مليون يمني بمرتباتهم، يقول الجعدبي: “لا تهتم دول العدوان ومرتزقتها على الإطلاق بالشعب اليمني، وإنما يقومون بإطلاق 300 مليون دولار للمرتزقة لانتشالهم كونهم كانوا سيسقطون سقوطاً مدوياً؛ بسبب قرار منع نهب النفط، ولهذا يجب أن يعرف الشعب اليمني من هو عدوه، خصوصاً بعد أن ظهر السفير الأمريكي وقال إن المطالبة بالرواتب يعتبر تطرفاً بينما ثرواتنا تنهب ولا ينبس ببنت شفه.
لكن بإذن الله تعالى لن تسمح قواتنا المسلحة بنهب حتى برميل واحد من النفط، ولن تسمح بنهب حتى بقية الثروات أبرزها الثروة السمكية والمعدنية التي أصبحت تنهب من مناجم حضرموت ونهب كثير من الذهب وتشحن عبر قاطرات وشاحنات وسفن إلى دبي التي أصبحت اليوم تتربع على عروش الدول المنتجة للذهب.
تحركات استخباراتية
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد: إن تحركات السفير الأمريكي تجري تحت لافتة اقتصادية رغم أن هذه التحركات استخباراتية ومخالفة للعرف الدبلوماسي؛ لأن السفير يقدم نفسه كطرف رئيسي من أطراف الصراع ويتدخل في شؤون داخلية ليست من مهامه الدبلوماسية.
ويؤكـد الحداد في تصريح لصحيفة “المسيرة” أن حديث السفير الأمريكي عن تداعيات قرار حماية الثروات الوطنية ومزاعمه، تؤدي إلى عجز حكومة المرتزقة عن صرف رواتب موظفيها، وفي المقابل وقوف واشنطن وراء إعاقة مساعي تمديد الهدنة واعتراضها، على موافقة الطرف الآخر على المطالب الإنسانية التي قدمتها صنعاء كضرورة وفي نفس الوقت كشرط للقبول بتمديد الهدنة، وهذا يؤكـد أن الولايات المتحدة لاعب رئيس في الحرب الاقتصادية في اليمن، خاصةً وأن ستيفن فاجن تولى هو وتيم ليندركينج مهمة إقناع صندوق النقد الدولي بصرف 300 مليون دولار من وحدات حقوق السحب الخاصة باليمن لحكومة المرتزقة بعد أكثر من عام على تجميدها بطلب من صنعاء، وهذا يأتي في إطار الدعم الأمريكي اللازم بما يضمن استمرار وبقاء حكومة المرتزقة التي تواجه تهديداً بالسقوط بعد إيقاف عمليات نهب النفط من قبل صنعاء.
في هذا الإطار يقول الحداد: إن السفير الأمريكي لعب أكثر من دور خلال الأسابيع الماضية في محاولة منه شرعنة بقاء القوات الأمريكية في حضرموت ومنحها شرعية البقاء، في ظل قرار صنعاء بإيقاف تهريب النفط، المتزامن مع تصاعد وتيرة استهداف القوات المسلحة السفن النفطية ومنعها من الوصول إلى الميناء لنهب النفط الخام.
وكون زيارة السفير الأمريكي ستيفن فاجن لمدينة عدن تشير إلى ترتيبات جديدة لحماية الموانئ وتعزيز الوجود الأمريكي في الساحل الشرقي جراء قرار صنعاء، فقد حذر محافظ حضرموت المعين من قبل حكومة صنعاء لقمان باراس، من مغبة إقحام الموانئ الشرقية في الصراع وتحويلها إلى قواعد عسكرية لقوى الغزو والاحتلال.
ويؤكـد باراس أن دعوات عسكرة ميناء الضبة التي يقف وراءها الأمريكان والفرنسيين، تشكل تهديداً للبنى التحتية في المحافظة، وقد تحولها من ميناء نفطي إلى هدف عسكري مشروع في حال تم تسليم الميناء للغزاة الأمريكيين وأعوانهم الفرنسيين.
ويدعو باراس كافة عقلاء المحافظة إلى وقف العبث بمقدرات حضرموت، مؤكـداً أن أبناء المحافظة في الوادي والصحراء والساحل أول من طالبوا بإيقاف نهب وتصدير الثروة النفطية من منشأة المسيلة النفطية التي تعرضت لأبشع استنزاف على مدى السنوات الماضية دون أن يستفيد منها أبناء المحافظة الذين يعيشون ظروفاً اقتصادية وإنسانية صعبة، مشيراً إلى أن قرار حماية الثروات السيادية جاء مكملاً وملبياً لمطالب أحرار حضرموت الذين تعرضوا للترهيب باستخدام القوة من قبل القوات الغازية المحتلة في الميناء.
وحيا المحافظ باراس تأييد أبناء حضرموت وتعاونهم الكبير مع القوات المسلحة في الإبلاغ عن كافة المحاولات الرامية لنهب ثروات المحافظة التي حرمت من أدنى الخدمات على مدى السنوات الماضية ولم يلمس أبناؤها أية آثار إيجابية لتصدير مليوني برميل من خام المسيلة.
وجدد التأييد للضربة الثانية التي أحبطت ثاني محاولة لنهب مليوني برميل من النفط الخام، محملاً سلطات الاحتلال في المحافظة مسؤولية أية مخاطر يتعرض لها الميناء النفطي.
وأكـد أن الميناء بكافة مرافقه والطاقم العامل لم يتعرض لأية أضرار خلال العمليتين التي أفشلت محاولات آثمة لتهريب النفط الخام، داعياً سلطات الميناء إلى الامتثال لقرار صنعاء القاضي بوقف تهريب النفط الخام وعدم استقبال أية سفن ناهبة حتى تتجنب أية مخاطر، مشيراً إلى أن مساعي تسليم ميناء الضبة للقوات الأمريكية من قبل حكومة المرتزقة يؤسس لبقاء الاحتلال في سواحل المحافظة، ويعد تفريطاً بالسيادة الوطنية وتوطيناً للاحتلال في محافظة حضرموت وهو ما يرفضه كـل أحرار المحافظة.