الخبر وما وراء الخبر

صندوق النقد الدولي.. الوجه الآخر للعدوان

11

تقرير || عباس القاعدي

تواصل دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، العبث بتبديد أموال الشعب اليمني والاستيلاء على الاحتياطي من القروض الخارجية والأرصدة المجمدة التي تخص اليمن في الخارج والسحب من الحقوق الخاصة واستمرار المضاربة بالعملة وعمليات غسيل الأموال التي تتم بتواطؤ أممي وبتوجيهات من أمريكا وحلفائها لصندوق النقد الدولي.

وتسمح دول العدوان لحكومة المرتزقة وبنكها في عدن بالسحب من الحقوق الخاصة، حيث يأتي ذلك بالتوازي مع تطبيق استراتيجية الجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية والطيران المسير حماية الثروة السيادية ووقف مسلسل النهب المنظم لثروات اليمن السيادية من النفط والغاز والذي أحرج السياسات الأمريكية أمام المجتمع الدولي والإقليمي وكشف الأطماع الأمريكية في السيطرة على ثروات اليمن وركائزها الاقتصادية.

وفي هذا الشأن يقول الكاتب والباحث في الشأن الاقتصادي ووكيل وزارة المالية الدكتور يحيى علي السقاف: إن الحرب والعدوان وفرض الحصار الاقتصادي الأمريكي السعودي، على اليمن منذ ثمان سنوات ما هو إلا مبرر وحجـة لأمريكا في السيطرة على مواقع اليمن الاستراتيجية وتدمير اقتصادها الوطني ونهب ثرواتها السيادية من النفط والغاز والتي تعد جريمة حرب وجريمة إنسانية وأخلاقية يعاقب عليها القانون المحلي والدولي والإنساني واتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان.

ويتساءل السقاف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” عن دور مجلس الأمن والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، ومبعوثي الأمم المتحدة من جرائم أمريكا وحلفائها في تدمير اليمن أرضاً وإنساناً وفي نهب وسلب أموال الشعب اليمني.

وبخصوص مبادئ وقوانين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وأنظمتها الأساسية التي أنشئت؛ من أجلها، يوضح السقاف أن صندوق النقد الدولي يعتمد على اتخاذ إجراءات غير قانونية لتسهيل عملية نهب وسرقة معلنة مع فرع البنك المركزي في عدن بغلاف دولي وأممي وتحت العباءة الأمريكية للسماح بالسحب من الحقوق الخاصة بمبلغ 300 مليون دولار وتسهيل الإجراءات للاستيلاء عليه والذي يعد جريمة جسيمة لا تسقط بالتقادم وتضاف للجرائم الاقتصادية السابقة التي تسببت في انهيار الاقتصاد اليمني وتدمير العملة المحلية وكانت لها آثار ونتائج كارثية في زيادة المعاناة المعيشية والإنسانية للمواطن اليمني.

كما يعد قرار صندوق النقد الدولي في هذا الخصوص مخالفة صريحة وواضحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وجميع القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالجانب الاقتصادي التي تمنع الطرف المعتدي من الحصول والسيطرة على الاحتياطيات النقدية الخارجية للدولة المعتدى عليها وتمنع السحب من الحقوق الخاصة التي لدى صندوق النقد الدولي، خاصةً وأن حكومة المرتزقة في بنك عدن تستخدم تلك المبالغ في تمويل عدوانها على اليمن وفي المضاربة بالعملة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وأيضاً في تمويل حسابات بنوك دول العدوان في الخارج، وتستخدمها أيضاً في شراء عقارات وإنشاء شركات في تركيا ومصر وعدة دول أخرى.

سيناريو أمريكي جديد

وحول ما يترتب على السماح لحكومة المرتزقة في السحب من الحقوق الخاصة، يؤكـد السقاف أن ذلك يحمل الشعب اليمني أعباءً مالية مستقبلية تتمثل في زيادة معدل الدين العام الخارجي وفوائده الربوية وما يترب عليه من تدمير الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي إلى زيادة البطالة والفقر وتآكل الطبقة الوسطى لتهبط إلى طبقة الفقراء وعدم قدرتهم على مواجهة متطلبات الحياة اليومية والمعيشية نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية.

مبينًا أن هذا الإجراء الباطل وغير القانوني في السماح بالسحب من الحقوق الخاصة، يأتي ضمن سيناريو دول العدوان وعلى رأسها أمريكا وحلفائها في الضغط بالورقة الاقتصادية والإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها في المفاوضات وفي الجبهات العسكرية والأمنية ويعتبر هذا دليل قاطع على أن الحرب الاقتصادية على بلادنا حرب أمريكية بامتياز.

كما يأتي ذلك بالتزامن مع مطالبة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ بصرف رواتب الموظفين من ثروات اليمن من النفط والغاز، حيث كان من المفروض أن يتم توجيه مبلغ 300 مليون دولار لتغطية مرتبات الموظفين والتي تكفي لصرف المرتبات لأكثر من ستة أشهر وليس في تمويل الفاسدين وغسيل الأموال في فرع البنك المركزي بعدن.

وفيما يخص قرارات صندوق النقد الدولي في دعم السياسات النقدية الفاشلة لبنك عدن وتسهيل السحب من الحقوق الخاصة، يؤكـد الدكتور السقاف أن ذلك مخالفاً للأهداف والمهام المزعومة التي تم إنشاؤه؛ من أجلها وهي استقرار النظام النقدي العالمي ومنح القروض لمساعدة الدول النامية على إنشاء المشاريع لتحقيق التنمية الاقتصادية وتطوير برامج وسياسات لحل مشكلة ميزان المدفوعات للدول الأعضاء، وليس لغرض السرقة والنهب والمضاربة بالعملة ودعم الجماعات الإرهابية وإغراق الدولة بديون ذات فوائد كبيرة جـداً.

وأوضح أن تلك القرارات الخاطئة تترتب عليها نتائج كارثية أخرى تتمثل في زيادة نسبة الفوائد المستقبلة على الدين العام وحصول انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض كبير في معدل نصيب دخل الفرد وزيادة في معدلات التضخم في أسعار السلع الأساسية والخدمات الضرورية فلا يوجد فرق بين طباعة العملة المزورة أو نهب الاحتياطات الخارجية من القروض فأضرارها الكارثية تكمل بعضها البعض.

ولمواجهة قرارات صندوق النقد الدولي، يقول وكيل وزارة المالية السقاف: “يجب علينا مواجهة مثل تلك القرارات لصندوق النقد الدولي إضافةً إلى إجراءات الجانب الرسمي التي اتخذها البنك المركزي بصنعاء ضرورة قيام الجانب الشعبي والمدني المتمثل في المنظمات المدنية والإنسانية ونقابات موظفي القطاع العام والخاص وجمعيات الصرافين والبنوك التجارية والقطاع الخاص في اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ورفع الدعاوي وإثبات كـل وسائل الاعتراض لدى كـل الجهات الدولية المختصة”.

مضيفاً بأنه يجب أيضاً: “إثارة الرأي العام الخارجي عبر الناشطين والحقوقيين وتوكيل المحاميين في الخارج وتوضيح الحقيقة في أن مثل تلك القرارات المتخذة في الجانب الاقتصادي غير قانونية ومن المفترض أن تكون تلك الهيئات الاقتصادية الدولية أداةً للبناء وليست للهدم وأن تكون محايدة في ظل الحروب والصراعات وخاصة في ظل ما تمر به اليمن من عدوان غاشم وحصار اقتصادي جائر”.

شرعنة اللصوصية والفساد

وعن قيام البنك الدولي بمنح حكومة المرتزقة حوالي 300 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة، يؤكـد الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور إبراهيم عبدالقدوس مفضل، أن البنك الدولي جزء من المنظومة الشاملة للهيمنة الرأسمالية الصهيونية التي يديرها رأس المال اليهودي عبر العديد من المنظمات الدولية ويأتي في مقدمتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبحماية الأمم المتحدة والقوة العسكرية الأمريكية، وما اليمن إلا أحد ضحايا تلك الهيمنة العالمية التي تنهب الشعوب المقهورة.

ويوضح الدكتور مفضل في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن العدوان العالمي على اليمن كشف كـل ما كان يغطي عورات تلك المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مؤكـداً أنها أبعد ما تكون عن الحياد وعن دعاويها الكاذبة بأنها تساهم في تنمية البلدان وتساعدها في مواجهة الأزمات الاقتصادية؛ لأنه تأكـد للجميع أنها مجـرد أدوات أمريكية صهيونية، وعلى سبيل المثال فقد أصدر البنك الدولي دراسات متعددة عن اليمن حول أهمية التنمية الإدارية والبشرية وتفعيل المراجعة الداخلية لمكافحة الفساد بما يمكن من الاستغلال الأمثل للموارد والقروض التي يقدمها، لكن ها هو يساهم بشكل مباشر في الفساد من خلال تقديم 300 مليون دولار لمجموعة من اللصوص غير القادرين على المكوث في مساحة ربع كيلومتر مربع في الأرض اليمنية، وتم تعيينهم من قبل السفير السعودي كحكام على اليمن في أسوأ مهزلة عرفها العالم المعاصر، ويعلم هو والصغير والكبير أن تلك الأموال لن يستفيد الشعب اليمني من دولار واحد وستذهب إلى جيوب أولئك الفاسدين الذين وضعهم العدوان كأدوات حقيرة لتمرير مشاريعه الإجرامية في حق اليمن.

وفي إطار ذلك يقول مفضل: إن إحدى الصحف الأجنبية نشرت قبل أيـام أن ابن رئيس وزراء المرتزقة من ضمن العشرة الأطفال الأكثر ثراءً في العالم، ونشرت إحصائيات الاستثمار في تركيا ومصر ودول أخرى أن العديد من المرتزقة المعينين من قبل العدوان يأتون في مقدمة المستثمرين في تلك الدول.

وأكـدت تقارير سابقة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ممارسات الفساد الكبيرة من قبل المرتزقة في البنك المركزي مثل غسيل الأموال، ومع كـل ذلك يتم منحهم أموال إضافية لزيادة الفساد تحت لافتة دعم اليمن وشعب اليمن، ولهذا يؤكـد الدكتور مفضل أن البنك الدولي أثبت اليوم أنه جزء من عصابة عالمية مهمتها شرعنة اللصوصية والإفساد والفساد والإجرام في العالم.

وبحسب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء الدكتور إبراهيم عبدالقدوس مفضل، فـإن تلك القرارات التي يقوم بها البنك الدولي وصندوق النقد والأمم المتحدة لن تمر مرور الكرام، وسيأتي اليوم الذي يتم تأديب ذلك البنك، لن يعترف الشعب اليمني بأية مبالغ يتم منحها باسم اليمن؛ كون اليمن في وضع استثنائي وأن ما يتم تسليمه للمرتزقة لا علاقة للشعب اليمني به كونهم لا يمثلون إلا أنفسهم ودول العدوان، وأنهم أبعد ما يكونون عن الشرعية، وسوف يتم إعادة النظر في قروض البنك الدولي السابقة لليمن، وليعلم هذا البنك وغيره أن الظلم الدولي العالمي لن يدوم وأن العدالة ستطال كـل من ساهم ويساهم في تدمير اليمن ونهب حقوق شعبه المشروعة بإذن الله.

أموال اليمن تنهب بإيعاز أمريكي

وعن الدور الأمريكي في الحرب الاقتصادية، يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: إن الدور الأمريكي واضح منذ البداية والأمريكان هم من يديرون هذه الحرب ضد الشعب اليمني، لذلك ضلوع سفارتي أمريكا وبريطانيا وراء إقناع صندوق النقد الدولي بمنح حكومة المرتزقة سحب ٣٠٠ مليون دولار من إجمالي ٤٢٠ مليون دولار تمثل وحدات سحب خاصة قدمت من صندوق النقد الدولي كدعم للاقتصاديات للتغلب على حالة الركود الناتجة عن تداعيات كوفيد ١٩.

ولذلك هذه الأموال حقوق للشعب اليمني وليس من حق صندوق النقد الدولي منح أي طرف من أطراف الصراع هذه الحقوق وكان الأحرى به كمؤسسة مالية دولية أن يشترط أن يتم تخصيص وحدات السحب الخاصة للإسهام في الحد من معاناة اليمنيين كشراء أدوية أو سداد ديون مستحقة على اليمن، أو صرف جزء منها لمستحقي الضمان الاجتماعي، وما حدث يأتي في إطار السطو على حقوق عامة للشعب اليمني، مؤكـداً أن تلك الأموال لن يكون لها أي أثر إيجابي على الاقتصاد اليمني ولن تحقق هدفها بإنعاش الاقتصاد، بل سوف يتم إنفاقها على مخصصات كبار حكومة المرتزقة، الذين أصبحوا عاجزين عن توفيرها؛ بسبب قرار القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في صنعاء لوقف نهب وسرقة النفط اليمني من المحافظات المحتلة.

ويضيف الحداد قائلاً: “لو عدنا إلى التصريحات الأمريكية بشأن نقل البنك المركزي من قبل السفير الأمريكي ماثيو تيلر ومن بعده الخارجية الأمريكية التي أكـدت أنها وقفت وراء طباعة العملة سنجد أن أمريكا أيـضاً تقف وراء نهب النفط الخام وكذلك منح صندوق النقد حكومة الارتزاق هذه الحقوق لطرف من أطراف الصراع بإيعاز أمريكي، وهذا يؤكـد أن صندوق النقد غير مستقل ويمارس مهامه وفق توجـهات السياسة الأمريكية.