عبدالسلام: مخاوف السعودية من استقرار اليمن غير منطقية ومصلحتها في إنهاء العدوان
أكد رئيس الوفد الوطني، ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام، أن مخاوف السعودية من نهوض اليمن القوي والمستقل، ليست منطقية ولا أحد يستطيع أن يضمن للرياض التخلص من هذه المخاوف؛ لأن ذلك يعني بقاء اليمن مستباحاً، مشيراً إلى أن المرتزقة يعملون على تضخيم هذه المخاوف لاستثمارها على حساب أمن ومصلحة البلد.
مخاوف غير منطقية
وفي حديث نشره منتدى (مجال) ضمن ورقة حملت عنوان (هل يمثل اليمن الجديد تهديدا للسعودية؟)، قال عبدالسلام إن: “مخاوف السعودية من وجود دولة يمنية قوية مستقلة هي مخاوف غير واقعية وغير منطقية؛ لأنه من المفترض أن تكون هناك رؤية لدى الجانب السعودي لأن يكون اليمن دولة قوية”.
وأضاف: “نحن نعتقد أن مخاوف الجانب السعودي؛ باعتبار أنها أمر واقع تعود للموقع الاستراتيجي لليمن والكثافة البشرية الهائلة والموارد الكبيرة التي لا زالت بكراً، وأيـضاً العلاقات التأريخية التي كانت تصاب بكثير من التذبذب والإشكالات”.
وأشار عبدالسلام إلى أنه حتى في السياق التاريخي كان الجانب السعودي هو من يعتدي على اليمن ومن يتجاوز الحدود التأريخية، وقد شن الكثير من الحروب على اليمن الذي كان في موقف المدافع.
وأوضح أن “النظام السعودي يخشى حتى من دول في مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول في المنطقة أن تكون مستقلة وقوية فكيف باليمن الرقعة الأكبر بعد المملكة في شبه الجزيرة، من حيث المساحة والكثافة البشرية والإمكانات والموقع الاستراتيجي”.
وتابع: أن وجود دولة قوية مستقرة في اليمن معناه الاستغناء عن وصاية أو حاجة لأية دولة أخرى، وأن اعتبار هذا الأمر مصدر قلق يعبر عن قراءة غير صحيحة؛ لأن “المصلحة الحقيقية للسعودية هي أن يكون في اليمن دولة مستقلة ومستقرة ومزدهرة أيضاً”.
ولفت عبدالسلام أنه “لا يوجد أي طرف يستطيع أن يقدم ضمانات لمخاوف المملكة من وجود دولة مستقلة وذات سيادة في اليمن؛ لأن معنى هذا أن يبقى اليمن مستباح السيادة والاستقلال، وهذه من العوامل الرئيسية لانهيار أو لعدم وجود دولة حقيقية؛ لأن الدولة إذا لم تكن تدار من الداخل وفقاً لمصالحها الاستراتيجية والتزاماتها أمام شعبها، فهي بذلك ستجعل من حاجة أو مطالب الخارج مصلحة أكبر من مصالح الداخل، وهذه كانت مشكلة الأنظمة الأخيرة التي كانت ترتهن للخارج؛ كونها لم تستطع أن تحقق لليمن أية مصالح استراتيجية”.
وأردف بقوله: “لذلك من الصعب تقديم ضمانات لمثل هذه المخاوف التي تمس السيادة والاستقلال، لكن إذا كان هناك مخاوف أخرى متعلقة بالحدود والجوار والأمن فمن الطبيعي أن يكون هناك التفاتة لنقاش مثل هذه القضايا بين البلدين كما يحصل بين أية بلدان أخرى”.
وتوضح هذه القراءة استحالة تحقق أهداف العدوان على اليمن؛ لأنها مبنية على هذه المخاوف غير المنطقية التي لا سبيل لتأمينها إلا بإبقاء اليمن تحت الوصاية، وهو أمر لن يقبل به الشعب اليمني مهما كان الثمن.
المرتزقة يضخمون المخاوف السعودية لاستثمارها
في سياق الحديث عن المخاوف السعودية أيـضاً، أوضح رئيس الوفد الوطني أنه “إلى جانب الرؤية غير الواضحة من الجانب السعودي تجاه اليمن، هناك دور لبعض المرتزقة الذين يقفون إلى جانب السعودية في تضخيم الكثير من المخاوف واستجرار الكثير من الصراعات الإقليمية للساحة اليمنية”.
وأوضح أن هذا الدور الذي يقوم به المرتزقة “يجعل السعودية لا تنظر إلى فرص السلام”.
هذا ما تؤكـده بوضوح أيـضاً مساعي المرتزقة لتفجير الأوضاع منذ بدء الهــدنة وخطابهم المعبر بشكل واضح عن قلقهم من صرف المرتبات ورفع الحصار.
معالجة الملف الإنساني لها الأولوية والكرة في ملعب الرياض
وحول ملف التهدئة، أكـد رئيس الوفد الوطني لمنتدى “مجال” أن انتهاء الهــدنة جاء كنتيجة لنهاية الاتفاقات السابقة التي تمت برعاية الأمم المتحدة؛ باعتبار أنها استكملت أو استنفذت خياراتها، وأصبح صرف المرتبات مطلباً أساسياً.
وأشار إلى أن الكرة في ملعب النظام السعودي؛ لأن “العلاقات بين صنعاء والرياض ترتبط في الأساس بموقف الأخيرة وطريقة تعاطيها، فصنعاء في موقف الدفاع وهذا أمر واضح”.
ويحمل هذا الحديث تأكيدًا جليا على ثبات الموقف الوطني واستحالة تغيير استحقاقات تجديد الهــدنة المتمثلة بصرف المرتبات ورفع الحصار، وهي الأمور التي تحاول دول العدوان ورعاتها الدوليون الضغط على صنعاء للتخلي عنها أو لتجزئتها وفقا لرغباتهم.
ولتعزيز هذا التأكيد، أوضح رئيس الوفد الوطني أن “الرياض هي من تقود تحالفاً دولياً كبيراً، وهي من تعمل في الأروقة الدولية لاستمرار الحصار على اليمن، واستمرار الضغط الدبلوماسي، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا”.
وحول التفاهمات والزيارات المتبادلة الأخيرة للوفود، أوضح عبد السلام أنه “من الطبيعي أن تحصل لقاءات وزيارات بين الأطراف على المستوى الإنساني أو السياسي وما شابه ذلك”.
وأضاف: “نحن ندعم هذه التوجـهات، والأهم أن يكون هناك اتجاه لكل الجوانب الإنسانية وليس فقط ملف الأسرى الذي يعتبر من الأساسيات، بل أيـضاً فتح المطارات والموانئ وإزالة القيود على البضائع ورفع الحصار الظالم عن اليمن” مؤكـداً أن “هذه العوامل الإنسانية هي المحطة الأولى التي يجب أن تكون عنواناً لأية تفاهمات أو زيارات أو لقاءات مع الجانب السعودي”.
المستجدات الدولية تمثل فرصةً لإدراك ضرورة إنهاء العدوان
وفيما يخص المتغيرات على الساحة الدولية والإقليمية وعلاقتها بالملف اليمني، أكـد رئيس الوفد الوطني أنه “قد يكون لأية مستجدات دولية أو إقليمية أو تباينات معينة مع النظام السعودي أو غيره تأثير معين على الملف اليمني أو على اليمن، لكن نحن نعتقد أنه ليس ذلك التأثير الكبير؛ لأن الزاوية التي ينطلق منها الأمريكي والبريطاني وكذلك للأسف السعودي والإماراتي لا تبتعد كثيراً عن الرؤية المشتركة بين الأطراف والتي تتقاطع فيها المصالح المختلفة، ولكن هذا يعود إلى مستوى ما يمكن أن يدرك فيه الجانب السعودي أن الحرب والعدوان على اليمن لم يعد فيه مصلحة للنظام السعودي ولا للعلاقات القادمة بين البلدين ولا لمستقبل الشعبين”.
ووجه رئيس الوفد الوطني النصح بقوله: “نتمنى أن تكون مثل هذه المستجدات فرصةً لإعادة التقييم للوضع في اليمن؛ لما فيه السلام والاستقرار”، مؤكـداً أن مصلحة البلدين هي التفاهم والتعايش والحوار وإزالة الإشكاليات.