لماذا ٢١ سبتمبر ؟!!!
بقلم / عبدالفتاح علي البنوس
لم تأت ثورة ٢١سبتمبر اعتباطا أو مجازفة أو صدفة ، بل كانت محصلة لحراك ثوري قادته مجموعة من القوى والمكونات الوطنية الثورية بقيادة أنصار الله ، حيث فرضتها المتغيرات الميدانية على الساحة السياسية التي سعت القوى المتناغمة مع المبادرة الخليجية لتثبيتها كأمر واقع بمعزل عن التوافق الوطني الذي كان شرطا أساسيا لإنخراط القوى والمكونات السياسية اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني ؛ وفي مقدمة ذلك تمرير مشروع الأقلمة والتشظي وجعل المبادرة الخليجية أشبه بالدستور والمرجعية التي تنظم شؤون البلاد ، وتحويل اليمن إلى أقاليم متناحرة في إطار دولة إتحادية هشة ، مسلوبة القرار والسيادة والإرادة ، دولة لا استقلال لها ولا سيادة لها على أراضيها ، دولة مستعمرة تخضع للوصاية والتبعية الأمريكية السعودية ، دولة يديرها السفيران الأمريكي والسعودي من داخل سفارتي بلديهما في العاصمة صنعاء .
حيث تعاملت سلطة المبادرة الخليجية برعونة في إدارتها لشؤون الدولة ، ونهجت سياسة عقيمة ، تسببت في زيادة الاحتقان لدى الشارع اليمني ، الذي وجد نفسه أمام عصابة حولت مقدرات وثروات وممتلكات البلاد إلى فيد تتقاسمه الهوامير الكبيرة التي انسلخت غالبيتها من السلطة الحاكمة وتدثرت بعباءة الثورة والثوار عقب إندلاع أحداث ما تسمى بثورات الربيع العربي ، وتحولت مؤسسات الدولة إلى بؤر للفساد ، ومسرحا للفوضى والنهب والفيد والتسلط ، وهو ما فاقم من معاناة المواطنين الذين توقعوا تحسن الأوضاع عقب الإنتخابات الشكلية التوافقية التي أوصلت عبدربه منصور هادي المرشح الوحيد للرئاسة .
كان الغالبية ينتظرون قيام السلطة بخطوات وإجراءات عملية تصب في جانب محاربة الفساد وترشيد الإنفاق والحفاظ على المال العام ، وتحسين أوضاع المواطنين وتطوير مستوى الخدمات الأساسية المرتبطة بحياتهم ومعيشتهم ، باعتبار ذلك من البديهيات التي تتصدر أولويات أي سلطة أو حكومة تأتي خلفا لسلطة غارقة في الفساد ، سلطة عملت على مدى عشرات السنين على بناء ذاتها وتحسين مستويات قياداتها وزيادة ثرواتهم وتعزيز نفوذهم ، لكن حماقة وغباء سلطة المبادرة وسياستها الإقتصادية الرعناء دفع بها للذهاب نحو إقرار جرعة سعرية جديدة رفعت بموجبها أسعار المشتقات النفطية بحج وذرائع واهية لا أساس لها من الصحة ، حيث كان الهدف منها التغطية على الفساد الذي أزكم الأنوف ، و الانفاق المهول على الصرفيات الحكومية العشوائية لحكومة باسندوة ، وخصوصا في جانب السفريات ، وهو ما جعل الكثير من المتابعين حينها يطلقون عليها حكومة السندباد .
قائد الثورة حذر السلطة من مغبة السياسة الرعناء وقدم لها النصائح ، ولكنها لم ترعوي وأصرت على فرض الجرعة مما دفع نحو تفجير شرارة ثورة ١٢سبتمبر والتي تمكنت بفضل الله وعونه وتأييده من إسقاط نظام المبادرة الخليجية وقطعت أذرع وأيادي السعودية الممتدة في الداخل اليمني ووضعت نهاية للوصاية السعودية والهيمنة الأمريكية ، وبدأ اليمنيون يتنفسون الصعداء ، وهو ما أزعج الأعداء وأصابهم في مقتل ، وبدأوا بالتفكير العملي للقضاء على هذه الثورة ووأدها في مهدها ، في محاولة منهم إعادة عجلة الزمن إلى الوراء ، ولكن الله خيب ظنونهم وأفشل مخططاتهم ، فذهبوا نحو شن العدوان على بلادنا وفرض الحصار على أبناء شعبنا ، بهدف العودة بالوطن إلى نظام الوصاية والتبعية ، وإجبار الشعب اليمني على الخنوع والخضوع والتسليم والقبول بالوصاية الأمريكية السعودية .
بالمختصر المفيد ثورة١٢سبتمبر هي امتداد لثورة ٦٢سبتمبر ، من حيث كونها ثورة تصحيحية ، جاءت لتحقيق أهداف ثورة ٦٢سبتمبر ، ومخطئ من يعاديها أو يحاول التقليل من شأنها ، وتكييفها على أنها ثورة خاصة بجماعة أو سلالة أو مكون سياسي معين ، فهي ثورة وطن وإنجاز شعب ، أسقطت الطواغيت والفراعنة ، وقضت على الوصاية والتبعية ، بها تحرر القرار اليمني ولم تعد اليمن حديقة خلفية لآل سعود ، وبات القرار اليمني بيد اليمنيين ، لا وصاية ولا تبعية ، وما يزال وهج الثورة متقدا حتى يتحقق النصر المبين وتستكمل الثورة أهدافها التي حال العدوان الغاشم والحصار الجائر أمام تنفيذها بالشكل السليم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .