السعودية والحقد على حزب الله
عقيل الشيخ حسين*
إتهام حزب الله بأنه “تنظيم إرهابي”، من قبل السعودية وسائر عرب الخيانة، يعكس حقدَهم على هذا الحزب؛ لأنه حول وجودهم إلَى كوابيسَ مرعبة عندما حطم أسطورة التفوق الإسرائيلي بما هو شرط لبقاء أنظمتهم وعروشهم.
لا فائدة من حشد الأدلة على أن حزب الله ليس “تنظيماً إرهابياَ” على ما يقوله مجلس التعاون الخليجي وبيان عدد من وزراء الداخلية العرب الذين يبيعون مواقفهم للسعودية بخسيس المال.
ولا جدوى من الرد بأن الإرهاب الحقيقي هو اختصاص جميع الأطراف التي تتهم حزب الله وغيره من حركات المقاومة والتحرر بالإرهاب.
فالحقيقة أن مفهومَ الإرهاب قد أصبح مرذولاً بما يكفي لطرده من ساحة الاستخدام واستبداله بمفاهيم أكثر دلالة على ممارسات محور الاستكبار والهيمنة، لأن غموض مفهوم الإرهاب واستخداماته التعسفية قد جعلت منه سلاحاً يستفيد منه المحور الإجرامي في طمس الطبيعية الحقيقية للمواجهات التي تشهدها المنطقة والعالم.
ضربات قاتلة
فالأولى والمفيدُ هو التشديد على أن حكام الخليج يكرهون حزب الله ولا يترددون عن الكيد له بكل السبل الممكنة. وهذا طبيعي تماماً، لأن حزب الله، بالأصالة عن نفسه، وبوصفه طرفاً أساسياً في محور المقاومة والتحرر، يقف بشكل فاعل في وجه مشروع الاستكبار والهيمنة الذي يخدمه حكام الخليج بكل إمكانياتهم.
ولا يكتفي حزب الله بذلك، بل يتجاوزه إلَى توجيه ضربات قاتلة لذلك المشروع. تكفي الإشارة إلَى أنه هزم الكيان الصهيوني وأجبره على الانسحاب من لبنان عام 2000، ثم هزمه وحطم أسطورة جيشه مرة أخرى عام 2006، في وقت كانت فيه معظم الأنظمة العربية، وفي طليعتها أنظمة السعودية والخليج، قد اصطفت علناً أَوْ بشكل سري أَوْ شبه سري، في الصف الإسرائيلي، لتعمل بكل إمكانياتها في خدمة مشروع الاستيطان والتوسع الصهيوني.
فالكيان الصهيوني هو، بالنسبة لحكام الخليج وغيرهم من عرب الخيانة، الضامن لبقاء أنظمتهم وعروشهم ومعايشهم بقدر ما هم وكلاء لذلك الكيان، يحيون بحياته ويتحول وجودهم إلَى كوابيس مرعبة إذا ما برزت بين العرب فئة، كحزب الله، توقفه عند حده وتضعه قاب قوسين أَوْ أدنى من نهايته المحتومة.
خلال فترة الانهزام العربي، لم يكن يضير آل سعود وأضرابهم أن يتظاهروا باحتضان قضية العرب والمسلمين المركزية، أي القضية الفلسطينية. ولم يترددوا في تقديم دعم سخي لا للثورة الفلسطينية، بل لفصائل تلك الثورة التي كان سقف تطلعاتها لا يتجاوز أوسلو وشبه الدويلة والاعتراف بالكيان الصهيوني الذي كانت السعودية قد أقامت معه أوثق الصلات منذ ما قبل نشأته. فمكرمة عبد العزيز آل سعود على “اليهود المساكين” عندما أعلن أنه لا يمانع في إعطاء فلسطين لهم معروفة للجميع.
ومعروفٌ للجميع أَيْضاً أن السعودية وغيرها من بلدان الخليج التي تصف حزب الله بأنه “منظمة إرهابية”، هي التي كانت تمول بأشكال مباشرة وغير مباشرة حروب الكيان الصهيوني على البلدان العربية، وذلك في الإطار نفسه الذي مولت فيه حرب صدام حسين على إيران، وبعدها حرب الولايات المتحدة على العراق. وهي نفسها التي تمول الآن، وتقدم كُلّ أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق واليَمَن وليبيا. بالمشاركة مع قوى أخرى في طليعتها الكيان الصهيوني.
جهد سعودي ضائع
كما تبذل كُلّ جهدها من أجل تمكين هذه التنظيمات من إيجاد موطئ قدم لها في لبنان على أمل أن يؤدي ذلك إلَى الفتنة الطائفية التي يأمل المعسكر الإسرائيلي-السعودي أن تلحق الضرر بحزب الله.
لكنه جهد ضائع رغم ما يرسل إلَى لبنان من سفن تحمل أسلحة الفتنة؛ لأن حزب الله، كما عودنا طيلة الفترة التي كانت السعودية وحلفاؤها يدفعون باتجاه إشعال الفتنة الطائفية، سيعرف الآن، كما عرف في السابق، كيف يوظف صبره وحكمته وحرصه على سلامة لبنان واللبنانيين، في وأد الفتنة قبل استفحالها.
وإذا ما حدث ونجح مشروع السعودية وحلفائها في إشعال الفتنة، فإن الأكيد أن نيرانها ستلتهم، بشكل حصري، أتباع السعودية في لبنان. والمؤسف أنها ستلتهم أَيْضاً كثيراً من أهل السنة الذين ستحولهم عصابات المرتزقة إلَى دروع بشرية. والأكيد أن السعوديين يعلمون ذلك جيداً؛ لأن مثل هذه الأمور لا تخفى على أجهزة استخباراتهم أَوْ أجهزة استخبارات حلفائهم الأميركيين والإسرائيليين وغيرهم.
لكن علمهم لا يردعهم عن المضي قدماً نحو المقامرة بأتباعهم وبأهل السنة وإلقائهم في أتون الفتنة.
لقد فعلوا ذلك بأتباعهم وبأهل السنة في سوريا والعراق وليبيا واليَمَن دون أن يردعهم عن ذلك كون أهل السنة الذين تزعم السعودية حمل قضيتهم والدفاع عنهم هم أول المتضررين من السياسات السعودية.
أما أهل السنة في فلسطين، وما يفعله فيهم الصهاينة من أفاعيل، فالواضح أن حكام السعودية يعتبرونهم إرهابيين تماماً كحزب الله، لأنهم يقاومون الكيان الصهيوني الذي يشكل قرة عينهم وعين أضرابهم من عرب الخيانة. والأكيد أنهم يفرحون عندما يشاهدون، على سبيل المثال لا الحصر، صبية فلسطينية تنزف حتى الموت تحت رصاص الجنود الإسرائيليين، حلفاء آل سعود الاستراتيجيين.
* موقع العهد الإخباري