سفن الوقود.. الاحتجاز جريمة والإطلاق فضيحة
بقلم// علي الدرواني
انقشع غُبارُ الحَملةِ الإعلاميةِ التي شنتها وسائلُ إعلام العدوان عن جريمةٍ عظمى وفضيحةٍ كبرى وصَمَتْ جبينَ تحالف العدوان ورباعية الشر بقيادة أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات، وتحملت وزرَها بكثيرٍ من الذل والمهانة حكومة المرتزِق العميل رشاد العليمي وفرقة الثمانية حرامية المدعومة من تلك الرباعية.
مع بداية شهر أغسطُس آب، بدأ تحالفُ العدوان بمنعِ سفن الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة، رغم تمديد الهُــدنة لشهرين إضافيين، حَيثُ أعلنت شركة النفط عن احتجاز تحالف العدوان لسفن الوقود المخصصة لتوليد الكهرباء في الحديدة، ثم تلاها احتجاز سفن البنزين والديزل والغاز، حتى وصل العدد صباح، أمس الجمعة، إلى 13 سفينة، قبل أن تعلن دول العدوان عن الإفراج عن أربع منها.
لقد تفاعلت جريمةُ الحصار ومنع سفن الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة، على مختلف المستويات، وخلقت حالة من الغليان في الشارع اليمني، في اتّجاهين:
الأول يؤكّـد على نوايا الشر التي لا تزال تكنها صدور قادة العدوان، وعدم التزامهم بتعهداتهم، ولا بالاتّفاقات ولا احترام المواثيق الدولية والإنسانية، وارتكابهم جريمة الحصار دون أن يرِفَّ لهم جفن؛ اعتماداً على الدعم الغربي، والصمت الأممي.
والاتّجاهُ الثاني صَبَّ جامَ غضبه على الهُــدنة وطالب بإنهائها والبدء بالرد على هذه الجريمة التي لا يجوزُ السكوتُ عنها، خُصُوصاً أن اليمن أصبحَ قادراً على أن يرُدَّ الصفعةَ بأعظمَ منها، سواءٌ بالضربات الصاروخية أَو الطيران المسيَّر، أَو بالقوات البحرية، وما زاد من هذا التوجّـه هو العروضُ العسكرية الأخيرة التي أظهرت التقدم الحاصل في القوات المسلحة اليمنية ومستويات الجهوزية في هذا الإطار، والأسلحة المعروضة في العرض العسكري في الحديدة (وعد الآخرة).
القيادةُ اليمنية السياسية والعسكرية وضعت هذا المِلف على طاولة البحث والدرس الدقيق، محكومةً بأمرين:
الأول هو الوفاءُ بالاتّفاقات المبرمة في الهُــدنة المؤقتة، والقاضية بوقف إطلاق النار والحد من القيود على واردات الوقود عبر ميناء الحديدة، والتنقل عبر مطار صنعاء، والتطلعات لتوسيع تلك البنود لتشمل توسيعاً في الرحلات الجوية عبر المطار وإزالة قيود إضافية عن ميناء الحديدة، إلى جانب صرف رواتب الموظفين المنقطعة منذ أكثر من خمس سنوات، وما ينتج عن هذا الأمر من تحميل طرف العدوان المسؤولية الكاملة أمام الشعب اليمني أولاً، وأمام المجتمع الدولي، وفضح المعرقل للسلام، والمنتهك للقوانين الإنسانية، والاتّفاقات المعلنة والمؤيدة دوليًّا، وإكمال الحجّـة أمام الجميع، في حال انتهت الهُــدنة.
الأمر الثاني هو الحاجة الإنسانية لأبناء شعبنا، حَيثُ لا يمكن السكوت عن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة، والتفرج على تضاؤل فرص التوصل إلى انتزاع حقوق الشعب، ولو تدريجيًّا، كما لا يمكن السماح بضعف أَو تراجع الثقة الكبيرة بين الشعب وقيادته في هذا الإطار تحديداً، لا سِـيَّـما أن العدوانَ وكثيراً من مرتزِقته وبعضاً من ضِعافِ النفوس في الداخل قد بدأوا فعلاً بحملاتٍ تركِّزُ على هذا الاتّجاه.
بناءً على كُـلّ ما سبق كان موقف القيادة الذي أعلنه الرئيس المشاط أكثر من مناسبة، بأنه: (لن يتم القبول بأي إخلال بالهُــدنة) وأن (المعطيات أمام تحالف العدوان تحتّم عليه إطلاق السفن المحتجزة) مع التأكيد على تطمين الشعب (بأننا قادرون على انتزاع حقوقنا، وأن هذه الأزمة التي افتعلها تحالف العدوان ستزول قريباً)، وكان الرئيس المشاط قبل ذلك قد أكّـد على أن المسألة قيد البحث في المجلس السياسي الأعلى، لاتِّخاذ القرار اللازم.
مع اقتراب انتهاء التمديد الثالث للهُــدنة، كان هناك اجتماع لمجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن الخميس 8 سبتمبر “أيلول”، عقدت الجلسة بشكل مغلق لمزيد من المكاشفة، والتي يرجح أن سببها احتجاز سفن الوقود، والتداعيات المحتملة إذَا ما تحَرّكت القوات المسلحة اليمنية للرد على تلك الجريمة، في اليوم التالي للجلسة تم الإعلان عن بدء إطلاق السفن المحتجزة، تحت عنوان الموافقة الاستثنائية من (الحكومة) على طلب الأمم المتحدة، السماح بدخول عدد من سفن الوقود إلى موانئ الحديدة.
هذا الإعلان أسقط كُـلّ أوراق التوت عن فضيحة مدوية في الدور المهين الذي ظلت حكومة المرتزِقة تمثله بعدم وجود أي قيود على واردات الوقود، فظهرت عورتها وذلها، ووضعتها الرياض وواشنطن في وجه العار، لتحمل كُـلّ المسؤولية عن الحصار والنكوص على الاتّفاقات المعلنة، والمواثيق الإنسانية، وهو عار لا تمحوه عبارات الشكر المتضمن في بيانات منفصلة من السفارات الأمريكية والبريطانية.
المسؤولية التي تتحمل جزءاً كَبيراً منها الولايات المتحدة، ورباعية الشر، وليست الأمم المتحدة بعيدة عن الجرم المشهود، فقد كانت تصدر التصاريح بعد تفتيش سفن الوقود في جيبوتي وتشترط عليها الذهاب إلى نقاط الاحتجاز في عرض البحر قبالة سواحل جيزان، لأخذ الموافقة من (التحالف).
مع سقوط البروبغاندا الخبيثة وانقشاعِ الغُبار عن جلبة التخبط السعوديّة وتبين حقيقة فرض الحصار والنكوص على اتّفاق الهُــدنة، يقف الشعب اليمني أمام انتصار جديد، حقّقه بفعل تروي القيادة، والعمل المتكامل مع الشعب لفضح العدوان وإجباره على إطلاق السفن المحتجزة، بسلاح الصبر أولاً، وإشهار السلاح العسكري، ووضع اليد على الزناد، وإظهار القوة والإرادَة والتصميم على انتزاع حقوق الشعب، أولاً وثانياً وعاشراً.