الخبر وما وراء الخبر

” حزب الإصلاح ” في مرمى العدوان… نهاية حتمية للارتزاق

16

اليوم وبعد فشل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في عدوانه على اليمن وخروجه من المعركة خالي الوفاض، وبعد نفاذ كل مخططاته العسكرية والسياسية لإخضاع اليمن في شمال الوطن، وهو الأمر الذي يُعد وبامتياز فشلا ذريعا في تحقيق ولو 1% من هدف واحد من أهدافه الباطنة أو الظاهرة طيلة سبع سنوات خلت، ومع تضارب مصالح الأطراف المتحالفة في المناطق الجنوبية المحتلة، وتنامي الصراعات بين فصائل المرتزقة، لم يعد لدى تحالف العدوان السعودي الإماراتي، من خيارات بديلة لجمع شتات فصائله هناك، سوى السعي لتصفية هذه الفصائل والتخلص منها الواحدة تلو الأخرى مستخدما تلك الفصائل نفسها.

وقائع التصفية تلك تجلت في الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة شبوة في الأيام القليلة الماضية، خلال قيام الاحتلال بالدفع بالفصائل المدعومة إماراتيا في الجنوب المحتل بشقيها ( مليشيات طارق عفاش – مليشيات الانتقالي) لاجتثاث تواجد أذرع المملكة السعودية “حزب الإصلاح” هناك والقضاء على سيطرته بشكل نهائي وبسط سيطرة فصائله على محافظة شبوة الغنية بالنفط، ليس حباً في المليشيات وإنما سعيا للسيطرة على حقول النفط بالمحافظة، وهو الأمر الذي تحقق له بالفعل ولو كان ذلك من وجهة نظره يشكل انقلابا على الشرعية المزعومة التي ظلت ماكنته الإعلامية تتشدق بها طيلة سنين العدوان.

الصورة القاتمة للاقتتال الرهيب والدموي التي رسمها الاحتلال في شبوة بين فصائل مرتزقته المتناحرة، أظهرت جزءً بسيطا فقط من الصورة العامة والمرعبة التي ستشهدها المناطق الجنوبية مستقبلا بالتزامن مع استحواذ الاحتلال على منابع النفط والغاز بعد تخلصه من حزب الإصلاح الذي بات يشكل عبئا ثقيلا عليه ليس في شبوة فقط وإنما في بقية المحافظات التي يتواجد فيها كمأرب وحضرموت وأبين وأجزاء من تعز.

ويرى محللون من خلال ما حدث مؤخرا في شبوة وغيرها أن الاحتلال يدفع لسلخ مثلث الثروة شبوة، حضرموت، المهرة عن عدن بعنوان جنوبي مناهض للإخوان كشماليين، ولسلخ مأرب عن صنعاء شمالا وأنه يسعى لفرض المرتزق ” طارق عفاش” كخيار إجباري على الإخوان كما في تعز المحتلة، لتكون محصلة هذا المخطط (جنوب ضد شمال – شمال ضد شمال – جنوب ضد جنوب)!.

ولعل استهداف مليشيات الإصلاح من قبل قوى الاحتلال في الجنوب قد جاء من واقع انتهاء صلاحيته وهو الاستهداف الذي سيصل في نهاية المطاف إلى إحراق الورقة بشكل تدريجي، فاليوم في شبوة وغدا في مأرب وبعد غد في غيرهما، وهو ما سبق لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وأن حذر منه في بداية العدوان.

ويبدو جليا أن هذا الاستهداف ليس بالاكتشاف الجديد، حيث سبق لقيادات وناشطي “الإصلاح ” أن اعترفوا وأكدوا عدة مرات بأن انخراط الحزب في صفوف العدوان جاء لتجنب استهدافه وسحقه، ما يكشف بوضوح حقيقة أهداف الحرب العدوانية على اليمن حيث جاءت لإضعاف كل القوى السياسية لكي تبقى كل ثروات البلد تحت قبضة المعتدين ناهيك عن السيطرة على أهم طرق الملاحة المتمثلة في الموانئ والجزر اليمنية.

ما يثير الاستغراب هو موقف الإصلاح من هذه الحرب التي تستهدف وجوده وبقاءه فيما تبقى من المناطق، وهو الموقف الذي لا يرقى إلى مستوى المواجهة، ولم يتجاوز حدود الصمت وتجلى فقط في التباكي من تصرفات دول العدوان تجاهه، وتبرير هزيمته في شبوة كما هي عادته بعد كل هزيمةٍ يتلقاها من خصومة تارةً بضراوة قصف طيران العدوان على مواقعه وتارةً أخرى بتهاون دول التحالف في ضرب خصومه حد زعمه، وقد كان الأحرى به أن يتخذ موقفا أكثر حزما وجراءة.

وفعليا فإن سر صمت الإصلاح يتضح في أنه لم يعد قادرا حتى على المناورة طيلة سنوات الحرب التي استنزفته أكثر من غيره، إذ ظلت قواته تتعرض لعملية تنكيل وتدمير غير مسبوقة من قبل الجيش واللجان الشعبية إضافة إلى استهدافه من قبل طيران العدوان في أكثر من جبهة، وعلى المستوى السياسي كانت إقالة كبيرهم الذي علمهم السحر المدعو “علي محسن الأحمر” ، بمثابة الضربة القاصمة له، ناهيك عن أن عودة التقارب السعودي الإماراتي مع تركيا، الملجأ الأخير لقيادات الإصلاح، أنهت أي طموح له بالاعتراض وجعلت قياداته حبيسة أوهام الثروات التي جمعتها وهربتها من اليمن.

بعد انهيار منظومة ” حزب الإصلاح ” العسكرية في شبوة وهروبها إلى مأرب، لم يتبق الكثير من الخيارات للإصلاح لاستمرار وجوده في اليمن، إذ يرى مراقبون سياسيون أن نهايته باتت وشيكة، ولكي يحافظ على ما تبقى له من وجود فيتوجب عليه أولا أن يتخذ قرار قطع تدفق الغاز من مأرب إلى شبوة ثم يتجه بعدها إلى إعلان تحالفه مع صنعاء لمواجهة العدوان، لأن كل المعطيات والوقائع تشير إلى مرحلة جديدة من الصراع الدموي بين فصائل العدوان السعودي الإماراتي، وأنه يقود إلى فنائها جميعا من المشهدين السياسي والعسكري، في ظل جملة التناقضات القائمة في صفوفها، بالإضافة إلى المُتغيرات التي استطاعت أن تفرضها صنعاء على واقع المواجهة في السلم والحرب، وهو الأهم، ولكن هل ستقبل صنعاء بعد ما فعله الحزب بالشعب اليمني من جرائم جسيمة لا تسقط بالتقادم.

وبما أن “الإصلاح” بات على شفير السقوط أكثر ضعفا مما كان عليه في السابق، فإن وقوفه في مواجهة التحالف سيضعف قدرته في مواجهة صنعاء والعكس صحيح، الأمر الذي سيسهل من القضاء عليه ليقال بعد ذلك كان الإصلاح هنا.