الخبر وما وراء الخبر

اليمن في ظل القائد

16

بقلم// هنادي خالد

ذات فجرٍ استيقظ اليمنُ السعيد علىٰ دويّ انفجارٍ غادر أطفأ أُسرةً كاملة كـ إعلانِ بدء حربٍ ظالمة دون سابقِ إنذار، وعند حلول الصباح تصدر نبأُ ‘بدء عاصفة الحزم’ كافة وسائل الإعلام، في ليلةٍ واحدة تجمعت الأحزاب لتنفيذ مُخطط ‘أسلافهم’ بإطباق حصارٍ شاملٍ مُميت علىٰ موطنِ الأنصار بقيادةٍ أمريكيةٍ إسرائيلية، تكالبوا من كل صوبٍ وحدب، وبدؤوا بشن هجومٍ عدوانيٍ جائر، أخذوا يقصفون البشر والحجر في إطار قتلٍ وتدميرٍ مُمنهج لكافةٓ البُنىٰ التحتية والعسكريّة، وحتىٰ السكنيّة، وقد راح ضحية ذلك التصعيد الغادر آلافُ الضحايا من المدنيين الأبرياء، كُلُّ ذلك كان يحدث في ظل صمتٍ دولي لا يقلُ شأنًا عما يقوم به العدوان.

وقف اليمن ومايحويه على امتداد حدوده المُحاصرة كسيرًا مغلوبًا غريبًا وحيدًا، في كُلِّ دقيقةٍ كان الموت يُطفأ روحًا بسلاحٍ يُقصف علىٰ أيدي بشر تجردوا من الإنسانيّة، والمؤسف أن جميع تلك الأرواح التي كانت تُزهق لم تُحرك ضمير مجتمع الصمت الدولي قيد أنمُلة، وفي غمرة تلك الأحداثِ المُتسارِعة شهد اليمن المكلوم إطلالة البدر الذي تجلّت خلاله الألطاف السماويّة مواسيًا مُطمئِنًا للشعب المُحاصر المظلوم، كانت تلك الإطلالة بمثابةِ مُسكّن لذلك الوجع الذي اختلج أفئدة الجميع، بل كانت بمثابةِ الأمل الذي يرقبه المستضعفون، وقف بوجه طواغيت العالم أجمع في مشهدٍ تجلّت خلاله ‘شجاعةُ مُحمّد’ ، ‘وبأسُ عَليّ’ ، لم تُخِفهُ جموعهم وأسلحتهم وعدتهم، بل برزَ مُعلِنًا النفير العام نحو ساحات المواجهة مع العدو، خطابٌ شحذ الهمم ورفع المعنويات وزاد من ارتباط شعب الإيمان باللَّه، وبيّن هدف الأعداءِ من وراءِ كُلِّ هذا التحالف والعدوان، وعلى أثره انطلق جميعُ الأحرار لتلبية نداء السيد القائد نحو جبهات العِزة والكرامة ‘هذا المُسمى الذي ظل يتردد على ألسنة أبناء اليمن المُجاهدون على مدار سبعة أعوام’، من منطلق {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ، وبدأ اليمن يخوض مرحلة الدفاع عن الأرض والعرض، والتي كان فيها السيد القائد المُوجه والمُرشد على امتدادها، خاض غمار الدفاع عن المظلومين والمستضعفين، ولمَّ شملهم، ووحّد صفهم، وجمع كلمتهم، وحدّد مسارهم.

سبعةُ أعوامٍ مرت والشعبُ اليمني يعيشُ أعظمَ مأساةٍ في الوجود، عَمِد خلالها العدو في استخدامِ كافةِ أسلحة الإبادة، أضف إلى ذلك الكمّ الهائل من الأسلحة الحديثة الفتّاكة والمُحرمة دوليًّا بإستثناء بيعها وقصفها على رؤوسِ الأبرياء في اليمن، والتي كانت تقوم دول العدوان بشرائها ممن يصفون أنفسهم دعاة سلام، وتعود فرحة مسرورة لتقيم إحتفالًا دمويًّا بتفجيرها على المناطق اليمنية المحاصرة، مضيفةً عدد إضافيًا من الضحايا إلى عدّادِ المجازر اليومية، كُلُّ ذلك والعالم في سكرته عميهًا، ولكنها لم تطُل تلك السكرة ولا ذلك الإحتفال حتى أنتهيا بمُفاجأة إطلاق صاروخ توشكا والذي أسفر عن سقوطِ مئات القتلى والجرحى في صفوف قوى العدوان ومرتزقتهم، والتي باركها الشعب اليمني العظيم، ورفع أجل عبارات الشكر والثناء للقوة الصاروخية وللقيادة المتمثلة في السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، وفي ذلك الوقت الذي كانت فيه الحربُ في أوج استعارها كان السيد القائد يطل بين الحين والحين موجهًا للشعب باللجوء إلى الله والثقة به، ومواصلة الجهاد لدحر الغزاة والمحتلين، مُعلم وناصح له، يقوده نحو تحقيق العزة والكرامة، واسترجاع السيادة.

مرت الأعوام وانتقل اليمن المحاصر فيها من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، بفضل الله أولًا، ومن ثم بفضل توجيهات وجهود القيادة الحكيمة ثانيًا، وسواعد الأبطال المُجاهدين في الجيش واللجان الشعبية والقوة الصاروخية ثالثًا، فبعد التهديد الذي وجهه السيد القائد بأن كل ضربة من ضربات العدو ستواجه بالرد، أصبحوا يحسبون لكل ضربة من ضرباتهم ألف حساب، ليس هذا فحسب بل كان لعمليات الردع بمراحلها العديدة والمتتابعة؛ أثرٌ عظيم في كسر شوكة العدو، وتدمير لائحة آماله وطموحاته، وكبح جماح ضربات العدوانية الهمجية، فاليمن في ظل الحرب المفروضة عليه أصبح قويًّا ومقتدرًا، بل أضحى يمتلك مهارةً في صناعة الأسحلة بدءًا من صنع الكلاشنكوف وحتى الطوائر المسيرة، التي أربكت العدو وردعته، وأصبح العدو يبحث عن وسيلة للخروج من مستنقع هذه الحرب.

وشهد العام الثامن تدشينًا مميزًا، حيث فُجِئ العدو بصباحٍ مُلبدٍ بسُحبٍ سوداء تُغطي سماء مملكته، وسرعان ماتحولت عنجهية بيانات التأييد للعاصفة إلى بيانات تنديد، وأضحت مملكة العدوان تستغيث عطف العالم لنجدتها وإيقاف الضربات اليمنية على منشآتها، ودون الإلتفات لقرارات النجدة الدولية، جاءها القول الحاسم على لسان قائد الثورة بأنَّ عليها للخروج من مأزقها وقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الإحتلال، وقام الشعب اليمني بتجديد موقف القيادة الثوريّة بالخروج المهيب في العاصمة

صنعاء وكافةالمحافظات في رسالة واضحة للأعداء مفادها أن خلف كل كلمةٍ يقولها السيد القائد جهوزية عالية على كافة المستويات.

وفي ظل هذه الهدنة المزعومة، نشهد أبواقًا من هنا وهناك تحاول زعزعة ثقة الشعب بالقيادة، متناسية أن الشعب يُعي جيدًا أن النصر الذي حظي به إنما كان بفضل الله ثم بفضل توجيهات القيادة الثوريّة الحكيمة.

ففي ظل هذه الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد، والتي شهد خلالها الشعب اليمني تواطئ المرتزقة والعملاء مع دول العدوان التي تسفك الدماء وتدمر الوطن، أصبح يمتلك بصيرةً ووعيًا عظيمين، فالأحداث غربلت الجميع، وميزت الخبيث من الطيب، فالشعب أصبح يعي جيدًا أهداف العدوان، ويدرك أطماع الإحتلال، ويؤمن بأن لا حياة في ظل الإحتلال، وأن لا عيش بدون الكرامة، وفي الخروج الجماهيري العظيم بين الحين والآخر في إطار تلبية نداء قائد الثورة أعظم دليل على مدى ولاء الشعب للسيد العلم، القائد العظيم الذي قاد اليمن في زمن الحرب والصمت نحو العزة والكرامة، والجميع يتطلع من دافع الثقة بالقيادة إلى يمن عزيز قوي مستقل بإذن الله.