الخبر وما وراء الخبر

تزايد مخاطر المواجهة العسكرية بين أمريكا والصين من أجل تايوان

44

لا شك في أن المخاوف بشأن مخاطر المواجهة العسكرية بين الصين وأمريكا في تزايد مستمر لا سيما مع تكثيف بكين للتدريبات العسكرية حول تايوان، وإعلان الولايات المتحدة بدء مرحلة جديدة من الشراكة العسكرية مع تايوان لتعميق العلاقات الأمنية وهو اعتبرته بكين تدخل في الشؤون الداخلية للصين.

وقد أعلنت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بدء مرحلة جديدة من الشراكة العسكرية مع تايوان لتعميق العلاقات الأمنية في مواجهة التهديد المتزايد من الصين، وهو ما وصفته الصين بأنه بمثابة تدخل في شئونها الداخلية حيث يثير المخاوف بشأن النوايا الأمريكية تجاه مصالح الصين في المنطقة.

ووصفت صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية الشهيرة تايوان مرارا بأنها “أخطر مكان على وجه الأرض” لما تحمله من إمكانية إشعال حرب بين قوتين عالميتين في ظل سنوات من المناوشات والتلويح باستخدام القوة.

وتحفز العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا احتمالية دخول الدول في سلسلة من الحروب اللانهائية مع دخول العالم في مرحلة تعدد الأقطاب.

ويرى محللون أن تكثيف بكين لـتدريباتها العسكرية حول تايوان بأنه بمثابة رسالة واضحة، وهي أن الجيش سيدعم مطالب الصين بالسيادة على الجزيرة.

وذلك في تحد واضح للولايات المتحدة الذي من شأنه أن يبقي على تصاعد التوتر ويزيد من مخاطر المواجهة.

ومع تلاشي غبار التدريبات العسكرية الصينية حول تايوان، أصبحت الرسالة واضحة، وهي أن الجيش سيدعم مطالب الصين بالسيادة على الجزيرة.

ووصفت الصين زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الى تايوان، الأسبوع الماضي بأنها دمرت أساس الثقة السياسية بين أكبر اقتصادين في العالم.

ويقول المحللون إن الرحلة أدت أيضا على الأرجح إلى حدوث تحول في الحسابات العسكرية للصين.

وردت الصين فورا على زيارة بيلوسي بالقيام بأكبر تدريبات عسكرية لها على الإطلاق حول تايوان حيث أجرى جيش التحرير الشعبي الصيني لأول مرة تدريبات على عمليات تهدف إلى حصار الجزيرة، وهي خطوة ربما تكون الأولى على طريق القيام بغزو.

ولأول مرة أيضا، حلقت صواريخ فوق الجزيرة وعبرت السفن الخط الفاصل غير الرسمي، الذي يقسم مضيق تايوان، والذي حددته الولايات المتحدة في الخمسينيات لكن بكين لم تعترف به رسميا أبدا.

ويتوقع محللون أمنيون أن تواظب القوات الصينية، لا سيما البحرية، على تسيير دوريات مكثفة حول تايوان، والدفع باتجاه الخط الفاصل وبسط هيمنة طويلة الأمد على الممر المائي.

وحتى قبل التدريبات، كانت الصين تقول إن لها حق السيادة على المضيق، الذي تقول الولايات المتحدة وتايوان إنه ممر مائي دولي.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي، حددت الولايات المتحدة سياستها الخارجية تجاه تايوان وفقا لمبادئ الغموض الاستراتيجي أي أنها غير ملزمة رسميا بالدفاع عن تايوان ضد الأخطار الخارجية، على الرغم من الأهمية الاستراتيجية لتايوان بالنسبة لها.

ولكن في ظل الظرف الدولي الراهن المرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية، سارعت بعض الدول لتغيير محدداتها الأمنية.

وفي الآونة الأخيرة، يبدو أن الولايات المتحدة تعيد تقييم تموضعها العسكري، حيث شكل تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ”نعم”، عندما سئل عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للتدخل عسكريًا في حالة غزو تايوان.

ويعتبر هذا تطورا خطيرا في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين وتايوان معا، وهو تحول ربما يعكس تحولا من الغموض الاستراتيجي إلى ما قد يجوز تسميته بوادر وضوح استراتيجي.

ويدعم هذا الاتجاه الجديد أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تحدد شكل التعاون أو التدخل مع تايوان في حالة حدوث غزو صيني، إلا أن إعلان الشراكة العسكرية بين البلدين منذ أيام، يحمل رسالة واضحة برغبة الولايات المتحدة في دعم تايوان إزاء التهديدات الصينية.

وقد لاقى هذا التوجه دعمًا كبيرًا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونجرس الأمريكي.

كما أكدت رئيسة تايوان “تساي إنج ون” ايضا أن التعاون بين الحرس الوطني الأمريكي وجيش تايوان صار يشكل ضرورة في الوقت الراهن لتعزيز العلاقات الأمنية. في مواجهة الضغوط المتزايدة في ظل فارق القدرات العسكرية الهائل بين تايوان والصين.

وإعلان الشراكة العسكرية بين البلدين منذ أيام. يحمل رسالة واضحة برغبة الولايات المتحدة في دعم تايوان.

ورفض البيت الأبيض فرض أي وضع جديد، وتعهد بأنه سيعبر المضيق جويا وبحريا في الأسابيع المقبلة.

وتقول حكومة تايوان إنه بما أن جمهورية الصين الشعبية لم تحكم الجزيرة قط، فلا يحق لها المطالبة بها أو تقرير مستقبلها.

مع انتهاء التدريبات يوم الأربعاء، أصدرت الصين أول تقرير حكومي لها عن تايوان منذ عام 2000، مؤكدة من جديد تفضيلها “لإعادة التوحيد السلمي” مع تايوان.

لكنها تراجعت عن تعهدها بعدم نشر قوات في تايوان بعد توليها السيطرة.

لكم مع ذلك حافظت الصين على رغبتها في إعادة التوحيد السلمي مع تايوان، والالتزام بمبدأ “الصين الواحدة”، وذلك في ظل تصاعد التهديدات المحلية والدولية الفترة الأخيرة.

ويرى بعض المراقبين أن بكين أصبحت أكثر إصرارا في التأكيد على مبدأ الصين الواحدة، وزادت الصين من حدة خطابها وضغوطها العسكرية على تايوان وتكثيف المناورات البحرية.

كما تمارس الصين ضغوطًا دبلوماسية كبيرة على الدول الأخرى لعدم الاعتراف بتايوان رسميا أو ضمنيا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “وانج وين بين” ردا على تصريحات بايدن، “تعرب الصين عن استيائها الشديد ومعارضتها الشديدة لتصريحات الجانب الأمريكي”.

كما أكد وانج أن قضية تايوان شأن داخلي حيث لا ينبغي لأحد أن يقلل من العزيمة القوية للشعب الصيني في حماية السيادة الوطنية وسلامة أراضيه.

وعلى الرغم من أن تأكيد الصين على التوحيد السلمي مع تايوان يُظهر أنها لا تخطط لغزو وشيك، فإن تعليق بعض قنوات الاتصالات العسكرية بعد زيارة بيلوسي أضعف وسائل منع نشوب صراع غير مقصود مع الولايات المتحدة، مما زاد من المخاطر العسكرية طويلة الأمد.