الخبر وما وراء الخبر

كربلاءُ غزة

14

بقلم / منصور البكالي

بالتزامن مع ذكرى استشهادِ الإمامِ الحُسينِ -عليه السلامُ- في ملحمةِ كربلاء يشُنُّ كيانُ الاحتلال الصهيوني عدوانَه الغاشِمَ على قطاعِ غزةَ، في صورةٍ معبِّرةٍ عن امتداد واستمرار وتعمُّد سياسة الطغاة والمستكبرين من الكفرة والمشركين في قتل الشعوب والفتك بأهل الحق منها عبر أي زمان وفي أي مكان، واستمرار الصراعِ بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.

العدوانُ الصهيوني -الذي يقتُلُ الأطفالَ والنساءَ في قطاع غزة ويدمّـرُ منازلَهم ويحتلُّ أرضهم- هو امتدادٌ لسياسة الاستكبار العالمي التي يقودُها اليهود والمنافقون منذ القرون الأولى للإسلام وإلى اليوم، بل يجسد بشاعتهم ووحشيتهم، أمامَ ملاحم الفداء والتضحية والإباء الحسيني الذي يسطِّرُه أحرارُ حركات وفصائل المقاومة؛ للانتصار لحقهم المشروعِ وحمايةً لأرضهم وشعبِهم من الأطماع الصهيونية في احتلالِ كامل أراضيهم ومقدساتهم ومصادرةِ كافة حقوقهم.

مواقفُ الفصائل الفلسطينية وحركات المقاومة وتصريحات قياداتها السياسية والعسكرية أمامَ هذا العدوان، تؤكّـد أنهم كربلائيون حسينيون، يُعيدُون إلى الذاكرة مواقفَ الإمام الحسين -عليه السلام- واستبسالَه وإباءَه وقيمَه ومبادئَه الإيمَـانيةَ أمامَ جيش المستكبر يزيد بن معاوية في ذلك الحين.

مواقفُ بعض قيادات حكومات الدول العربية المهرولة نحو التطبيع مع كيان الاحتلال، وطرق وأساليب تغطية وسائلها الإعلامية للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، تعيدُ إلى الذاكرة مواقفَ المنافقين والمخدوعين من أبناء الأُمَّــة الإسلامية الذين خذلوا الإمامَ الحسينَ ومن قبله والدَه الإمام علياً -عليهم السلام-، وتعاطيهم المنحاز للباطل وأهل الباطل، وخذلانهم للحق وأهله.

غزة والقدس وفلسطين المحتلّة وقبلها العراق واليمن ولبنان وسوريا وغيرها من شعوب الأُمَّــة يجمعُهم عدوٌّ واحدٌ وقضيةٌ واحدة وهدفٌ واحد، ويعانون من ذات المعاناة التي عانى منها الإمامُ الحسين في كربلاء، وفي ذات الوقت يحتفظون بقيم ومبادئ وثقافة الإمام الحسين ويتحركون ضد عدوِّهم المشترك لمظلوميتهم المشتركة في مواجهة الطغاة والظالمين، فصيحاتُ هيهاتَ منا الذلةُ تُسمَعُ اليومَ في غزة وتمتدُّ إلى داخلِ الأراضي المحتلّة عبرَ صواريخ المقاومة التي تتوعَّدُ بدكِّ كُـلّ المستوطنات الصهيونية دون تردّد.

حسينُ العصر موجودٌ اليوم وفي هذه الدقائق في دماءِ كُـلّ شهيد وفي أعماق كُـلِّ مقاوم حُرٍّ أبي في قطاع غزة، وحسينيو غزة قَلَّ ناصروهم وكَثُرَ أعداؤهم والخونةُ لهم ولقضيتهم ومظلوميتهم من أبناء أمتهم للأسف.

وكربلاءُ تتجدَّدُ اليومَ في غزة، وتتجدَّدُ معها دماءُ الحسين وإباؤه وتضحيته، كما هي معاني وقيمُ “هيهاتَ منا الذلةُ” متجدِّدةٌ في ثقافةِ كُـلِّ الأحرار من أبناء فلسطين وغيرها من أحرار الأُمَّــة.