من اليمن إلى لبنان.. السودان ترضخ لأموال السعودية
متابعات../
على الرغم من توتر الأوضاع بشكل غير مسبوق في الساحة العربية، ومع محاولات بعض الدول لملمة الأمور؛ لتجنب المزيد من التفكك والتفتيت للمنطقة العربية، الذي لا يستفيد منه سوى العدو الصهيوني، يأتي غضب السعودية من توسع النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ليصم آذانها ويطمس أعينها عن المخاطر المحدقة بالمنطقة العربية، وتصر على تصعيد الموقف السياسي مع إيران، الذي بات الشغل الشاغل للقيادة السعودية، حتى إنه امتد في الأيام الأخيرة إلى السودان.
محاولات القيادة اللبنانية استجداء العطف السعودي من خلال الخطابات الرنانة التي تشير إلى العلاقات القوية بين بيروت والمملكة لم تُجدِ نفعًا مع الأخيرة، حيث تسير السعودية في نهجها الذي رسمته، مستهدفة حزب الله الذي يعتبر أحد مكونات المجتمع اللبناني؛ ليعم الضرر على الدولة بأكملها.
محاولات حشد عربية وخليجية
حاولت السعودية كعادتها حشد التأييد والإجماع العربي في صفها مثلما فعلت خلال أزمتها الدبلوماسية مع إيران، حيث اتجهت أولًا للدول الخليجية التي من الصعب أن تعصي أمرًا للشقيقة الكبرى، وبالفعل سارت معظم الدول الخليجية على النهج السعودي، حيث حذرت الكويت وقطر والإمارات والبحرين رعاياها من السفر إلى لبنان، ودعت المتواجدين في لبنان إلى مغادرتها.
لم تكتفِ السعودية بالحشد الخليجي، بل اتجهت إلى الجامعة العربية، حيث كشفت مصادر سياسية رفيعة المستوى أن النظام السعودي بدأ اتصالاته الدبلوماسية بعدد من الدول العربية؛ لاستكشاف إمكانية عقد جلسة طارئة لمجلس وزراء الخارجية العرب؛ بهدف إصدار قرار يدين حزب الله؛ بسبب دوره في الحرب السورية واليمنية، واعتباره تنظيمًا إرهابيًّا. وبحسب المصادر فإن السعودية تريد قرارًا بالإجماع، وهي تسعى إلى ضمان موافقة الدول الخليجية كافة، وبينها عمان أولًا ومصر ثانيًا والجزائر والعراق ثالثًا.
المال السعودي وسيلة ابتزاز
وصول السعودية إلى هدفها في الجامعة العربية وحشد أكبر دعم عربي لموقفها يلزم جمع تفاصيل مشينة لحزب الله، تكون الحائط الذي تستند عليه المملكة في موقفها لإقناع الدول العربية به، الأمر الذي دفع النظام السعودي إلى البدء في إعداد ملفات بشأن حزب الله؛ لتقديمها إلى جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي. وتلفت مصادر سياسية إلى أن حكام المملكة سيطرحون ملف حزب الله على طاولة القمة العربية المرتقب انعقادها في إبريل المقبل؛ بهدف إدانته من جانب الرؤساء العرب.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الملف يحوي تفاصيل عن عمل حزب الله في سوريا والعراق واليمن، إضافة إلى ما سبق وأثاره الرئيس الأسبق حسني مبارك عن خلية حزب الله الشهيرة، التي كانت تتولى دعم المقاومة في قطاع غزة.
وبحسب المصادر فإن النظام السوداني باع للرياض معلومات عن حزب الله، تتعلّق بطريقة عمل الحزب عندما كان يستخدم الأراضي السودانية لإيصال السلاح إلى فصائل المقاومة في غزة، وهو ما يؤكد أن السعودية قد ورطت السودان في أزمتها مع لبنان.
هذه الأنباء سبقتها تقارير إعلامية نُشرت في السعودية والسودان، تؤكد أن الرياض بعدما أوقفت مساعداتها للجيش اللبناني، قررت تحويلها إلى الجيش السوداني، حيث قررت المملكة منح مساعدات للجيش السوداني تصل قيمتها لـ 5 مليارات دولار، وهو ما جاء في أعقاب زيارة قصيرة قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى الخرطوم، الاثنين الماضي، والتقى خلالها الرئيس عمر البشير.
وأكدت التقارير أن الجبير أبلغ القيادة السودانية ما يفيد بمنح المساعدات العسكرية.
الهبة السعودية للسودان لن تمر بدون مقابل، وهو ما أكدته تصريحات وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، في أعقاب زيارة نظيره السعودي للخرطوم، حيث قال إن مشاركة السودان في العمليات العسكرية البرية في سوريا ممكنة طالما تشارك بلاده في التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب. فعلى ما يبدو أن المليارات السعودية ستكون في مقابل معلومات سودانية عن حزب الله، وتورط عسكري في سوريا على غرار التورط في المستنقع اليمني.
توريط السعودية للسودان في خلافاتها وأزماتها مع باقي الدول لم يكن وليد الأزمة مع لبنان، بل سبق أن ورطت المملكة الخرطوم في عدوانها على الأراضي اليمنية، فقد حصلت السودان على وعود سعودية بالدعم السياسي والاقتصادي مقابل المشاركة في عاصفة الحزم، وبالفعل حصلت الخرطوم على وديعة استثمارية بقيمة 4 مليارات دولار من السعودية لدعم احتياطي العملات الأجنبية، وأودعت السعودية مليار دولار في البنك المركزي السوداني، وهو ما أعقبه تصريحات خرجت عن الرئيس السوداني عمر البشير تؤكد مشاركة السودان في عاصفة الحزم إلى جانب القوات السعودية.
وعقب المشاركة الفعلية وقع البلدان أربع اتفاقيات من بينها اتفاق إطاري بشأن تمويل مشروعات سدود كجبار والشُّريك ودال في شمال السودان، واتفاقية أخرى لزراعة نحو مليون فدان من الأراضي التي يوفرها سد أعالي نهري عطبرة وستيت، بل وتعهدت المملكة بضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الزراعي السوداني.
خلال السنوات القليلة الماضية انضمت السودان إلى المعسكر السعودي، بعد أن كانت تربطها علاقات قوية مع إيران، استمرت حوالي ربع قرن، لكنها تبددت فور مغازلة السعودية للسودان باستعدادها تقديم أكبر دعم مالي، في الوقت الذي كانت تحتاج فيه الخرطوم إلى مساعدات مالية عقب انفصال جنوب السودان في عام 2011، وخسارة الخرطوم لثلث أراضيها ومعظم مواردها النفطية.
المغازلة السعودية دفعت الخرطوم إلى الانقلاب على العلاقات الإيرانية، وتحولت من محور المقاومة إلى المحور السعودي الذي تتدفق منه الثروات المالية، وفي عام 2014 قدمت السودان أول دليل على الدخول تحت العباءة السعودية، حيث أخذت العلاقات بين السودان والسعودية منحنى جديدًا، حينما أغلقت السلطات السودانية أكثر من 70 مركزًا ثقافيًّا إيرانيًّا في بلاده، تحت مسمى تهديد الأمن القومي والاجتماعي.