الخبر وما وراء الخبر

المبادرات المجتمعية وأهميتها في تعزيز الصمود وتحقيق الاكتفاء …

38

بقلم المهندس// هلال محمد الجشاري

ثمة مؤشرات كثيرة تدل على قدرت المجتمع على النهوض والاستجابة للتحديات التى تواجهه وتعزيزا للصمود ، ومن أهم هذه المؤشرات ما ينبثق عن المجتمع من “مبادرات” تكون عونًا على الارتقاء بشرائحه المتعددة ، لاسيما الأكثر احتياجًا سواء فيما يتعلق بالرقى المعنوى أو الرقى المادى ، وتأتي اهمية المبادرات المجتمعية لأنها من ناحيةٍ تدل على تماسك المجتمع ، وتلاحم فئاته وطبقاته ، ومن ناحية أخرى تسد ثغرات قد لا يكون بوسع الحكومة ممثلة بمؤسساتها المختلفة القيام بها بسبب القصور المادي (قلة الامكانيات ) أو عدم الالتفات والاهتمام الكافى لهذه الثغرات ، الى ذلك فإن المبادرات المجتمعية تكون لها فاعلية واهمية كبيرة لما يتمتع به القائمون عليها من وعى وروح المبادرة الذاتية التى تدفعهم للتحرك بقصد النفع العام (المصلحة العامة )وليس بقصد أداء وظيفى أو إحراز مغنم شخصى.

فـ”المبادرات المجتمعية” فضيلة حث عليها الإسلام وتنفيذها يرتقي الى الفلاح على مستوى الفرد والمجتمع لأنها داخلة ضمن “فعل الخير” ، وهنا نلاحظ أن القرآن الكريم قَـرَنَ فى آية واحدة بين الأمر بالركوع والسجود والعبادة من جهة، وفعل الخير من جهة أخرى، وجعل ذلك من دلائل الفلاح وموجباته فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الحج: 77). وقد ورد الأمر بفعل الخير مجملاً ، فشمل كل أنواع الخير المعروفة ، ماديًا ومعنويًا ، وفى هذا الصدد نشير إلى أهمية الثورة والجبهة الزراعية والتنموية التي اطلقت خلال العام 2020 من قبل اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية برعاية واهتمام من قبل القيادة السياسية والثورية والحكومة وبمشاركة كل الجهات ذات العلاقة وبدرجة رئيسية مشاركة المجتمع والتي اتت في الوقت المناسب تعزيزا للصمود ومواجهة استهداف العدوان لهذا القطاع الحيوي الهام وقطعت الطريق نوعا ما أمام رغبات وعبث الانظمة والحكومات والمؤسسات الخارجية في إبقاء اليمن تابعا لها مثل السابق لأنها كانت تجد انظمة ومؤسسات محلية تلبي هذه الرغبات والاهداف العدوانية وفي المقابل إهمال القطاع الزراعي لجعل اليمن بلدا مستهلكا ومعتمدا على الاستيراد من الخارج وعلى ما تقدمه المنظمات تحت مسميات متعددة وللأسف بدلاً من تشجيع المزارعين على إنتاج محاصيل القمح والحبوب واستغلال المقومات الزراعية المتوفرة في الكثير من المحافظات اليمنية لتوسيع دائرة الإنتاج تجندت تلك الأنظمة لتنفيذ توجيهات البنك الدولي ودول الهيمنة والنفوذ ومخططاتها التآمرية الرامية لإبقاء اليمن بلدا مرتهناً للخارج وغير قادر على توفير قوته وأمنه الغذائي ، بما يمكنها من سلب إرادته وضمان تبعيته وخنوعه منتهجة سياسات عدوانية من خلال القروض والاعتماد على الاستيراد من الخارج للمنتجات الزراعية بالاظافة الى المساعدات عبر المنظمات وإجهاض أي توجه للتوسع في المشاريع الزراعية الاستراتيجية التي توفر مخزنا قوميا من الحبوب والمحاصيل الاقتصادية المتنوعة .

لكن تلك السياسات الخاطئة سرعان ما تتبدد وتتلاشى بمجرد انطلاق الثورة والجبهة الزراعية خلال العام 2020 والتي كان عنوانها معا نحو الاكتفاء الذاتي متوكلين على الله ومعتمدين على انفسنا ومواردنا المحلية رافضين كل أشكال الوصاية الاقتصادية التي كانت تمارسها قوى الهيمنة على اليمن متحدين كل الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن نتيجة العدوان والحصار وتدمير مقدراته وبنيته التحتية.

والحمد لله منذ انطلاق الثورة الزراعية والتنموية حدثت تغيرات وانتصارات كبيرة بالجانب الزراعي والتنموي واسطيع انتشال القطاع الزراعي من التيه والعبث الذي كان فيه واخراجه من سباته واعادته للساحة كأهم قطاع تعزيزا للصمود في مواجهة العدوان ، بداية بتوعية المجتمع وحشد موارده وتوجيهها التوجيه الصحيح وتنفيذ العديد من المبادرات المجتمعية في جميع المجالات والاهتمام بالزراعة واحياء العادات والتقاليد اليمنية التي كادت تندثر واحياء مبدأ التعاون والتكافل المجتمعي والاهتمام بالانتاح المحلي وتوجه القطاع الخاص للاستثمار والتصنيع المحلي فتجد الكثير من رؤوس المال والاعمال وابناء المجتمع صغار وكبار تفاعلوا وتغيروا وتوجهت رغبتهم في الزراعة والعمل وفعل الخير والمشاركة فى نهوض المجتمع وفى تقديم نموذج حضارى للعمل الصالح جنبا الى جنب الحكومة فلا يكاد يمر يوم الا ونسمع عن تنفيذ العديد من المبادرات في جميع المجالات بالاظافة الى توقيف عبث العديد من المنظمات في الجانب الزراعي التي كانت تأتي على اساس مساعدات كبذور فاسدة او مساعدات محدودة لا تسمن ولا تغني من جوع هدفها فقط جعل المجتمع متسول وراء فتاتها ونشر الامراض في المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والبطالة بين افراد المجتمع والاهم من كل هذا خلقت الثورة مجتمع

واعي قوي يعمل ويعتمد على نفسه و لا يعرف المستحيل يأبى الخضوع والتسول والارتزاق .

كما لا يفوتنا ذكر أهمية البرامج والانشطة التوعوية والدورات التدريبية والثقافية التي نفذتها اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية وتشكيل اعداد كبيرة من ابناء المجتمع كلجان زراعية وفرسان تنمية في العديد من المجالات ومن مناطق مختلفة شملت اغلب مناطق اليمن لرفد المجتمع بكادر مؤهل من ابنائه لضمان وديمومة لاستمراية في تقديم الخدمات والاسهام السريع بنشر الوعي المجتمعي بأقل التكاليف وتوجيه ومشاركة المجتمع في تنفيذ العديد من المبادرات المجتمعية والتوسع الزراعي ، الى ذلك ساهم تدريب وتشكيل فرسان التنمية والمرشدين المحليين إعطاء القدرات الذاتية للمجتمع الأولوية في ابتكار الحلول وإنتاجها بأيديهم وبجهدهم الخاص ، بما يضفي استمرارية وإمكانية لديمومتها ، كونها حاجتهم هم ومعاناتهم المنعكسة على حياتهم اليومية.

كما سيساهم ذلك في تأهيل أشخاص متمكنين وتطوير إمكاناتهم في نقل تجربتهم إلى مجتمعاتهم بعد التعافي من الوضع الحالي وبالتالي تحويلهم إلى أشخاص رائدين في تسليط الضوء على حاجات الناس ، ومن ثم تطوير لجان مجتمعية تلعب دورًا مساندًا للجهود الداعمة لتحسين الواقع اليومي المعاش عبر استثمار القدرات والإمكانات المحلية وتشجع المجتمع على الخروج من الاتكالية والاعتماد على الذات في تصميم حلول ومبادرات للمشاكل التي تواجهه وتطبيق هذه الحلول بالاضافة الى بناء وتعزيز العلاقات بين افراد المجتمعات المستهدفة حسبةً لله تعالى ، ورغبة فى فعل الخير ، ومشاركةً فى نهوض المجتمع ، وفى تقديم نموذج راقي للعمل ، تعزيزا للصمود وسعيا من قبل الجميع لتحقيق الاكتفاء الذاتي .