(مع الشعار منذ الصرخة الأولى) الحلقة الــ(4).
بقلم // فاضل الشرقي
وفي المقابل كان الغضب الأمريكي من تنامي العداء الديني في المساجد اليمنية يزداد يوما بعد آخر, فيما السلطات تحاول إستخدام كل الأوراق في سبيل الحد من الشعار وإنهائه, بما فيها الورقة الدينية, حيث دفعت ببعض العلماء للإفتاء بحرمة ترديد الشعار في المساجد, واستقدمت عدداً من العلماء والدعاة والخطباء إلى السجون بإسم محاورة الشباب لإقناعهم ببطلان الشعار وثنيهم عنه, مستعينة بعلماء ودعاة من خارج اليمن, أمثال الداعية المصري/ عمر خالد, لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل مرّة تلو الأخرى, عندها قررت السلطات الإفراج عن المعتقلين مقابل التوقيع على تعهدات خطية بعدم ترديد الشعار واتباع السيد حسين ونشر الثقافة القرآنية, إلاّ أنها اصطدمت برجال أقوياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه, وظل الشباب على موقفهم يصدحون بالشعار ليل نهار داخل السجون والمعتقلات, فقررت السلطات التضييق عليهم داخل السجون وتعذيبهم معنوياً وجسدياً, والتقليل من الغذاء ومنع الدواء والزيارة, واستخدام العنف المفرط والقنابل الغازية, إلّا أنّهم بقوا على عهدهم ووعدهم رغم كل الضغوط والتحديات.
وعلى أرض الميدان كان الشعار يكتسح الساحة بخطوات حكيمة ومتسارعة, والمكبرون يتواجدون بكثرة بما في ذلك العاصمة صنعاء, وأخذت الصرخة منحاً تصعيدياً آخر, فانتشر ت اللافتات فوق أسطح البيوت, وبدأ الشباب يعتلون أسطح المنازل الساعة التاسعة مساءَ كلّ يوم ليصرخوا بالشعار دون خوف أو وجل.
التهديد والوعيد:
لم تقتنع الولايات المتحدة الأمريكية بخطوات النظام في اليمن, وكل ما قام به في سبيلها محاولاً إنهاء الصرخة وتكميم الأفواه, لذا صعّدت من لهجة احتجاجها مع الحكومة اليمنية, وقد نشرت مجلة المجلة اللندنية في حينه في عددين متتابعين أخبار الشعار, وذكرت أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدمت بمذكرتي احتجاج للحكومة اليمنية تشكو فيها من تنامي العداء الديني في المساجد اليمنية, وفي بداية العام 2004م عقدت وزارة الأوقاف دورة تدريبية لخطباء المساجد في محافظة صعدة, محذرةً من الغلو والتطرف الديني, وحرصت على تضمين فريقها بعضاً من علماء الزيدية, فيما كان الغرض شيئاً آخر, وعقد وزير الأوقاف حينها لقاء خاصاً مع قيادة المحافظة, وعلماء الزيدية بمحافظة صعدة حضره من حضره منهم, وطلب منهم التوقيع على بيان إدانة للسيد/ حسين بدر الدين الحوثي تحت عنوان النقد والتبيين وغرّهم واستدرجهم إلى ذلك, ليطير بعد التوقيعات مباشرة إلى العاصمة صنعاء, معرّجاً على بعض العلماء في صنعاء ليضيف توقيعاتهم إلى ورقة البيان المزعوم أو أنّه كان قد بدأ بهم, ليتفاجأ موقعوا البيان بنشره في الجريدة الرسمية, وقراءته من إذاعة صنعاء تحت عنوان علماء الزيدية يعلنون برآءتهم من الحوثي وأتباعه, ويحذّرون من أفكاره, فَهمَ من فَهم أنّ هذا بمثابة إعلان الحرب على السيّد التي باتت إرهاصاتها تلوح في الأفق, وفي الميدان أرسل الرئيس رسله للقاء السيد/ حسين وإبلاغه رسائل التهديد والوعيد بالحرب إذا لم يعلن توقفه عن الشعار وممارسة النشاط الديني القرآني, إستعان السّيد بالله وتوكل عليه, ولم تأخذه في الله لومة لآئم, وقرر مواصلة السير واثقا بالنصر والتأييد من الله المعين, وكانت اللجان تعود بقناعة تامة بصحة موقف السيد وسداد رأيه وحكمته, لكن للأسف لم يكن أحد منهم يجرؤ على قول الحقيقة وكشفها للعيان, فيما الرئيس يستبدل رسلاً بآخرين, ثمّ بعث الرئيس رسالة عبر أحد معاونيه موجهة إلى علماء الزيدية يبلغهم فيها غضب الرئيس وانزعاجه ممّا يقوم به السيد/ حسين بدرالدين وترديد أنصاره للشعار في المساجد وبالذات الجامع الكبير بصنعاء, ويطلب منهم سرعة التحرك لإقناع السيد بضرورة التوقف, وسيكون هذا زيادة لهم في رصيدهم لدى السلطة, ما لم فإن الدولة ستوقف السيد/ عند حده وستضرب بيد من حديد وقد أعذر من أنذر هكذا كان فحوى الرسالة, يومها أذكر أني كنت في زيارة مع بعض الإخوان للسيد العلامة/ بدر الدين الحوثي (رحمه الله) بمنطقة آل الصيفي, وبينما نحن جلوسًا عنده إذ دخل علينا أحد أقاربه وسأله هل وصلتك الرسالة الموجهة من الرئيس لعلماء الزيدية؟ ثم استدرك قائلاً لكن صح أنت ما هم معطين لك شيء وأخرجها من جيبه, قال له العلامة الراحل اقرأها فقرأها علينا, فقال: السيد الراحل رضوان الله عليه ينزلوا يلتمسوا الهدى والنور بدلاً من الصد عن الحق.
علم الجميع بخبر الرسالة وبيان العلماء وتحضير السلطة للحرب والعدوان, وتحرك المرجفون في المدينة في كل مكان, وأعدوا العدة, وبقي السيد على ما هو عليه ومعه من معه من المؤمنين الصادقين الواثقين بالله رب العالمين…. للقصّة بيقيّة،