الخبر وما وراء الخبر

سواء كنت تعلم أم لم تعلم .. فالمصيبة أعظم !

29

بقلم// عبدالملك سام

أكبر جناية على الإسلام والأمة تمثلت بالفكر الوهابي النفطي السعودي ، والسبب هو التركيز على قشور العبادات مع إهمال جوهرها ، والنتيجة هو ما نشاهده اليوم من مسلمين بلا إسلام ، لتتحقق بذلك نبوءة النبي (ص) عندما قال أن المسلمين سيصيرون “غثاء كغثاء السيل” ! ورغم ما نراه من مظاهر الحرص على التجمع في المساجد ، والالتزام المفرط في أداء العبادات أمام الناس فقط ، والإقبال على الفتاوى المستوردة ، ولكن الحقيقة أن الدين لا يطبق كما هي الغاية منه ، بل أصبح الناس قابلين للإختراق بسهولة أمام انتشار الفساد كما هو حاصل اليوم في السعودية وغيرها من البلدان التي أنتهجت الفكر الوهابي ! فأين يريد هؤلاء أن يذهبوا بنا ؟!

لنعي جيدا خطورة هذا الفكر دعونا نرى آثاره الهدامة في الأمة ؛ فالدين كما يفترض به جامع للناس ، بينما ما نشاهده في الساحة الإسلامية هو المزيد من الفرقة والتشرذم ! وأنتشر الغش والكذب بشكل غير مسبوق حتى بات الناس يتغزلون بصدق وأمانة النصارى والبوذيين وغيرهم في تعاملاتهم ! وأنتشر الربا في جميع البلدان الإسلامية ، والأدهى أنه تم تشريعه تحت مسميات (إسلامية) ، فذهبت البركة وحل الفقر والمعاناة ! وأنتشر الفساد الأخلاقي لتحل البلدان الإسلامية في مقدمة الدول التي تعاني من الفساد والقذارة ، وهناك إحصائيات مرعبة في هذا الباب ، فمثلا هناك إحصائيات تتحدث عن الجرائم الجنسية والتي تتصدر بلدان إسلامية كالسعودية وأفغانستان ، ناهيك عن السجل الأسود في مجال حقوق الإنسان !

يرافق هذا السقوط مساهمة هذا الفكر – بريطاني المنشأ – في تشويه الدين ، وبعد أن كان الدين الاسلامي يتصدر باقي الأديان من حيث عدد الملتحقين به في أوروبا ، إلا أن هذا الأزدهار بدأ بالتراجع مع ظهور التنظيمات والأحزاب التكفيرية ، ويكفي أن تشاهد ما يفعله بعض المنتمين لهذا المذهب على الهواء من ذبح وسحل وجرائم لتفهم لماذا يفر الأخرون من الإسلام ! لقد قدموا الدين بأبشع صورة ممكنة خدمة لأعداء الدين ، واليوم نشاهد هؤلاء أنفسهم هم من يتسابقون ليتبرأوا من قضايا الأمة ، ويرتموا عند أقدام أعدائها !

بدايتهم كانت في محاربة الشعائر ، فجعلوا الصلاة مسابقة على التظاهر والنفاق ، والزكاة وسيلة لإكتساب المصالح والدعم بحسب الإنتماء ، والفتاوى مرتبطة بالجنس والعورة والاختلاف والبدع ، وتم تقنين ثم منع الحج وإفساح المجال لسياحة العهر ، والجهاد تم تقديمه كجريمة وفي أفضل الأحوال ضد المسلمين أنفسهم ، وتولي الأعداء أصبح فضيلة ومنطقي وعقلاني وإعتدال ، والفساد حرية والعفة مرض نفسي ، والعبودية والعمالة وجهة نظر … وغيرها من القضايا التي تدمي القلب والتي شملت كل مناحي الحياة . وليسأل كل واحد منا نفسه ، هل ساهم هؤلاء في نهظة بلد إسلامي واحد ؟! هل أستطاع هؤلاء أن يخرجوا عالما واحدا إستطاع أن يقدم شيئا نافعا واحدا للبشرية ؟! على العكس تماما ، ويكفي أن ترى فتاويهم لتعرف ماذا قدموا ، فمثلا هناك فتوى لأبن باز يؤكد ويصر فيها أن الأرض ليست كروية !!

نحن في اليمن عانينا منهم أيضا ، ودائما ما كنا نرى هؤلاء أحباب السلطان وشركاؤه ، وترعرعت تجارتهم وأغتنوا في ظله ، ومن ثم تحولوا إلى أشد خصومه عندما أصبحت مصالحهم لدى طرف آخر ! وعند بداية العدوان وقف هؤلاء ضد اليمن واليمنيين ، وغدا سيقفون مع أمريكا ضد من يقفون اليوم معه ، وهكذا دواليك !! ويكفي أن تسأل واحد من هؤلاء بعد خشوعه في الصلاة عن موقفه مما يحدث في فلسطين اليوم ؟! واسأله ماذا قدم من أجل فلسطين ؟! وماهو رأيه في الأنظمة العميلة التي تطبع مع إسرائيل اليوم ؟! ثم اسأله عن رأيه في الدول والأنظمة التي تعادي إسرائيل ومن يدعمها اليوم ؟! والإجابة معروفة سلفا ! وهكذا في كل قضايا الأمة المصيرية .. هم العدو فأحذروهم !