الخبر وما وراء الخبر

صنعاء المحاصرة لـ 7 سنوات قد تحاصر العالم في لحظة فارقة

20

تقرير|| ابراهيم الوادعي

فيم كان نائب المستشار الالماني روبرت هابيك في زيارة الى قطر للبحث عن مصادر طاقة بديلة لأوروبا والمانيا بديلا عن مصادر الغاز الروسي ، لم يكن بعيدا عنه معامل الغاز السعودية ومصافي النفط تشتعل بفعل ضربات صاروخية وجوية يمنية .

لابد أن هابك اخذ علما بها فالأوربيون الذين يتجاهلون الحصار على اليمن لسبع سنوات ، مجبرون الان على سماع صوت الالام اليمنيين اكثر من أي وقت مضى ، ليس لن انسانيتهم استفاقت وانما لن بقاء هذا الحصار يتعارض مع مصالحهم ، وبقاءه بات مهددا لأمنهم .

الوضع في الميدان اليمني انقلب كليا على السعودية ومن ورائها بريطانيا والولايات المتحدة ، صار الهدوء مطلوبا في اليمن حتى الانتهاء من الصراع الذي بدأ لتوه مع الغريمين العملاقين روسيا والصين وان كانت الاخيرة تحاول ظاهرا اظهار موقف مستقل وحيادي ، الا ان قادة بكين يدركون انهم سيردون على المذبح ان نجح الغرب في ذبح روسيا في اوكرانيا .

للمرة الاولى منذ سبع سنوات صنعاء تعلن في اقل من 12 ساعة عمليتين عسكريتين خارج حدودها بهذا الحجم ، عملية كسر الحصار الثانية والتي طالت منشئات نفط وغاز ومنشئات حيوية اخرى متنوعة توزعت بطول جغرافيا المملكة من الشرق وحتى الغرب ومن الجنوب حتى الوسط واقصى الشمال في الرياض .

صنعاء بحسب تصريحات قادتها اعلنت عزمها كسر الحصار بالنار ، بعد ان نفدت كل السبل وفق حديث نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والامن الفريق جلال الرويشان لشبكة المسيرة ،وهو كلام أكد ما ورد في خطاب الرئيس مهدي المشاط بان على العالم ان ينصت لصراخ اليمنيين قبل ان يسمع زئيرهم .

صنعاء عودت العالم على عدم اطلاق التهديدات جزافا ، فهي لا تعلن عن عملية عسكرية الا وقد اعدت لأخرى اقوى من المعلن عنها ، ولا تكشف عن سلاح الا وقد اضحى في يدها اجيال اخرى تفوقه فتكا وتكنولوجيا .

بحسب بيانا القوات المسلحة فان عملية كسر الحصار الثانية في العمق السعودي مزجت بين ثلاثة انواع من السلاح الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة – قدس 2- والطائرات المسيرة التي تمتلك صنعاء منها اجيالا متطورة وفتاكة وانطلقت على ثلاثة مراحل ضربت اهدافا في الرياض وجدة وينبع وصامطة وخميس مشيط وجيزان ، وعلت اعمدة الدخان في كل انحاء المملكة التي اضطرت للاعتراف باحتياجها للسحب من المخزون النفطي لسد حاجة السوق السعودية من المشتقات النفطية بعد الضربات اليمنية وتعطل مصفاة رئيسية في ينبع وضرب محطات غاز في جيزان ومناطق اخرى .

لسبع سنوات تأرجح حال اليمنيين بين شدة الحصار وشدته ايضا ، وفي الاونة الاخيرة ومع المعادلة العسكرية لصالح صنعاء واقترابها من تحرير مارب بعد ان كانت قوات التحالف السعودي الامريكي قرية من صنعاء ، اضحى سلاح التجويع وتشديد الحصار الورقة الاساسية بيد التحالف .

وصلت سعر ال20 لترا من البنزين الى ما يقارب 80 دولارا في ذروة الحصار مطلع مارس الحالي ، تستمر بوارج التحالف في قرصنة سفن النفط واغلاق ميناء الحديدة ، وتحويل مسار السفن الى ميناء حيث تجبر قاطرات نقل الوقود على قطع 1400 كيلو متر للوصول الى صنعاء ما يحملها تكاليف باهظة ويفرض مرتزقة التحالف اتاوات توجه لتمويل حروبهم على الدولة في صنعاء وصداماتهم البينية الداخلية .

وبعد مضي 6 اشهر سمحت تلك البوارج العسكرية لدول التحالف في البحر بدخول سفينة غاز تحمل نحو 470 طنا من الغاز لتعويض شحة المعروض نتيجة تقليص حصص المناطق الحرة من الغاز الى النصف تقريبا .

تقول شركة الغاز اليمنية في صنعاء إن حصتها تقلصت من نحو 50 الف قاطرة غاز سنويا الى 25 الف رغم الزيادة السكانية في مناطق سيطرة المجلس السياسي ، ومؤخرا جرى تقليص كميات الغاز المنزلي المرسلة الى المناطق الحرة من حقول صافر المسيطر عليها من قبل مرتزقة العدوان .

ملف النفط يكشف كيف يخنق الحصار الشعب اليمني ، بحيث يترك بين الحياة الموت والازمات التي تخف لتعود وتستد في واقع متكرر منذ مارس 2015م ، واقع يبدوا ان القيادة اليمنية في صنعاء عازمة على كسره نهائيا بكسر الحصار في توقيت شديد الذكاء .

على مدى 7 سنوات تلقت الامم المتحدة الاف الرسائل اليمنية ، وتحول مقر المبعوث الاممي للشئون الانسانية في صنعاء الى محج يومي للمحتجين على دور الامم المتحدة السلبي ليس في ملف الوقود وانما في كل الملفات الانسانية تقريبا المرتبطة بالحرب .

فعلى سبيل المثال يخسر عشرات اليمنيين حياتهم يوميا بفعل الحصار المضروب على مطار صنعاء الحيوي والاستراتيجي لإمداد نحو 25 مليونا من اليمنيين بالاحتياجات الدوائية الطارئة ، والسماح لهم بالسفر للعلاج وقضاء حوائجهم كحق انساني مكفول لكل الشعوب .

وفي الغرب عطل التحالف ميناء الحديدة الحيوي ايضا لتوفير الامداد ات الغذائية ، يعمل اتحالف على اجبار التجار اليمنيين على ارتياد موانئ المناطق المحتلة غير الأمنه والبعيدة عن مناطق تركز السكان ، ويفرض عبرها حظر يطال مئات السلع الاساسية ، ويتحكم بتدفق الاخرى .

وعلى مدى سبع سنوات جفف الحصار المضروب على اليمن موارد الدولية اليمنية وجعل صنعاء عاجزة عن تلبية ابسط احتياجات شعبها، وعاجزة عن صرف رواتب الموظفين بعد ان جرى نقل عمليات البنك المركزي الى عدن .

سبع سنوات من الصبر قضتها صنعاء ، ومناشدة البعيد والقريب ، الصديق والعدو بفصل الملف الانساني عن الملف العسكري ، ويبدوا ان الكيل قد فاض بها ، وان اليد التي قد جرى لجمها ، اطلقت بعد استنفاذ كل السبل وتحاشي وضرب البنية الاقتصادية لدولتي العدوان في الاقليم السعودية والامارات .

وفي بيان القوات المسلحة اليمنية الذي تلاه الناطق باسمها العميد يحي سريع اكدت القوات المسلحة اليمنية انها باشرت ضرب اهداف ضمن قائمة بنك اهداف سيتسع ويكبر والمفاجئات اليمنية واردة في هذا الصدد حيث العزيمة واضحة ، فيما التحالف مصدوم ويتحدث عن ضبط النفس .

عملية كسر الحصار الثانية في توقيتها وقوتها جرس انذار للأوربيين قبل ان يكون للنظام السعودي الذي يستخف بشعبه لرخاء إمرائه ، سيجدون انفسهم مجبرين على الضغط لفك الحصار عن صنعاء والا فإن العقود التي يبرمها الموفدون والساسة الاوروبيون لاستيراد النفط والغاز من الشرق الاوسط للخروج من عباءة الدب الروسي ستظل حبرا على ورق ، وفي احسن الاحوال تصل بكلف باهظة للغاية و انتظار طويل سيكون من الصعب على اوربا تحمله .

الرياح تحولت لتدفع بشراع صنعاء بعد ان ظلت تصارع وحدها ويكابد شعبها الم الحصار والعالم يصم اذانه ل7 سنوات، الآية انقلبت بتأثيرات الصدام مع روسيا ولهاث العالم وراء مصادر الطاقة .

استمرار الحصار على صنعاء سيتحول غدا حصارا على العالم وخاصة أوروبا ، وعليها الاخيرة لمنع انزلاق الوضع نحو مرحلة معقدة لا تريد صنعاء الوصول اليها بحسب نائب وزير الخارجية حسين العزي الذي ناشد العقلاء رفع الحصار ويصبح الوضع اكثر تعقيدا في اشارة الى خيارات استراتيجية جرى اتخاذ القرار بشانها واضحت اللحظة مواتية، ولن تكون صنعاء الخاسر الوحيد .