الخبر وما وراء الخبر

السعودية المخترقة

28

بقلم// إسحاق المساوى

على مدى 24 ساعة أهلكت السعودية ذبابها الإلكتروني تسويقاً وترويجاً وتشويقاً: اخترقنا الهرم القيادي للحوثيين. ثم ظهرت اليوم بفبركات تعزز الكذبة المسلوقة بنفس المقادير: حزب الله يقود معركة التحرير باليمن.

بمقدور هواة مبتدئين أن يخلقوا كذبة احترافية تفوق قدرات المخابرات السعودية والأمريكية والإسرائيلية والبريطانية مجتمعة والتي لم تفلح حتى اليوم بتعزيز الكذبة بوقائع ساندة، ولن تفلح، لأن اليمني اعتصم بعروة الله الوثقى فانتصر، بينما السعودية التوت بساق أمريكا فخسرت. وكان لابد من البحث عن مبررات لفشلها بهذا الكذب المرقع، غير أن الفجوة العريضة في عمقها استعصت على الراتق.

تصنع السعودية اليوم انتصارات من طواحين الهوى لتتناسى آلام الهزيمة الموجعة، ويحز في نفسها أكثر العجز الكبير عن احداث اختراق عسكري يغير من مسار المعركة، أو سياسي يتماهى مع خطابها لتخرج بماء وجهها المراق في الوحل اليمني، لكنه لم يحدث هذا ولا ذاك ولن يحدث وما من سبيل للخلاص إلا بالاعتراف بهزيمة هذا التحالف الكوني أمام يمني يقاتل بالله وسلاحه.

المعروف أن السعودية ساحة لأكبر عملية اختراق في التاريخ. فالنظام السياسي والهوية الدينية هما نتاج عملية تلاقح المصالح الغربية، والأفراد الحاكمون ليسوا إلا حكاية مخزية من حكايا الليالي الحمراء، فهل السعودية بمكان يمنحها القدرة على الاختراق وممارسات دولة عظمى كاليمن!

أحرى بها أولاً أن تدرس تاريخ دولتها التي لم تكن لتنشأ لولا ضرورة الأقطاب العالمية لزراعة كيان مخترق في قلب الجزيرة العربية والإسلامية يدعى: المملكة السعودية. وأحرى بها أن تبحث ثانياً عن ترقيعات عاجلة للفجوات الواسعة في عمقها قبل ذهابها لاختراق الحصن اليمني المنيع منذ سبع أعوام.

نعم اليمن تخترق السعودية اليوم، ومنذ نشأتها الأولى، وكادت تقضي على وجودها لولا احتماء محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب خلف جلابيب النساء ومروءة اليمني.

يمكننا اليوم اختصار تاريخ آل سعود عند عنوان عريض يقول إن نهاية دولتهم الأولى كانت بسبب تهديد استقرار محيطها الإقليمي، وإن نهاية دولتهم الثانية كانت بسبب اقتتال الأسرة الحاكمة، أما ما نشهده اليوم فهو اجتماع ذات السببين، والمقدمات المتشابهة ستفضي إلى نتائج متشابهة.