الخبر وما وراء الخبر

جورج قرداحي سهماً صائباً

9

بقلم// حورية صالح السقاف

عندي عشق لأمير البيان الإمام علي – عليه السلام- وأنا لست المسيحي الوحيد الذي عشقه منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام إلى اليوم، كثيرٌ من الأدباء ، من الكُتّاب ، من الشعراء ، من المفكرين المسيحين كتبوا و أشادوا وتغزلوا بعشق عن هذا الإمام العظيم. الإمام علي -عليه السلام- ليس ملكاً للطائفة الشيعية ، والإمام علي قيمة إنسانية عالمية كبيرة، هكذا أرى الإمام علي ، هكذا علمنا الأجداد، هكذا علمنا الكبار ؛ كيف ننظر إلى هذا الرجل الذي طبع الإنسانية ببصمته الروحانية والأخلاقية والعلمية والفكرية… إلخ

هذا ما قاله جورج قرداحي بالحرف في أحد البرامج التلفزيونية، حضرني ما قاله في هذا المشهد حينما قال رأيه في الحوثيين ، و رأيه في حرب اليمن ، و ما حدث له بعد ذلك، لكن وبصراحة قلت لنفسي ربما أن عشق جورج قرداحي للإمام علي -عليه السلام- فقط للاستهلاك الإعلامي، أو أنه مجرد حب دون إقتداء صادق ؛ فتريثت في الكتابة عن جورج وشجاعته الأدبية تلك، بل و حتى عن تريثت كذلك في أن أكتب عن تلك الهجمة الشرسه التي رشقته من كل حدب وصوب؛ حتى أقيم إيمانه بأخلاق الإمام علي وعشقه هذا، كنت أريد أن أرى كيف سينعكس عشقه وتأثره بالإمام علي- عليه السلام- في المواجهة ونحن نعلم والعالم يشهد للإمام علي كيف واجه ما واجه من فتن وحروب .

كنت أتساءل هل سيصمد جورج و يواجه ويتمسك بحقه في قول ما يراه حقاً، في قول ما تمليه عليه فطرته الإنسانية و ظميره الحر؟ هل سيتمسك بمدأه تأسياً بمن يعشقه في قول الحق مهما حاربه الناس والأعداء، في مواجهة عشاق المال والمناصب والجاه الذين سعوا و أوغلوا بإمعان في إيذائه وانتقاصه ؟

والآن وبحق لي الشوف أن أكتب عن جورج قرداحي بقلم العزة والبطولة ، والحق يقال أني لم أستغرب ولم استبعد موقفه هذا من حرب اليمن، ومن أنصار الله ، بكل هذه الجرأة والشجاعة .

ربما يقول قائل لماذا شجاعة ولماذا قوة مجرد رأي قاله بعفوية ؟ الإجابة: كما نعلم والكل يعلم أن الماكينة الإعلامية تسيطر عليها إسرائيل والذي يشن الحرب علينا هي اسرائيل وبقية حلفائها، وكونه إعلامي سيخسر الكثير بهذا الرأي وبهذا التوجه الصادق النبيل : بأن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم وبأن حرب اليمن حرب عبثية ! هذا رأي خطير جداً لا ينبع إلا من رجل شجاع ، وشجاعته هذه لا تأتي إلا من رجل ربيَ على شجاعة وقوة رجل شهد له العالم أجمع بشجاعته وقوته في المجاهرة بالحق ألا وهو الإمام علي .

نعم لا ينهج العاشق إلا نهج من عشق، وجورج قرداحي تشرب حتى المشاشة عشق الإمام علي منذ الصغر، فكيف لا يكون له قدوة وهو ربيب سيرته ، ينهل من معين أخلاقه، ويتحراها ويؤصلها في كل توجهاته الإنسانية ، وحرب اليمن وحصار اليمن وقتل الأطفال، إذ لم يقف هذا الإعلامي العاشق للإمام إلى جانبهم، فمن سيقف ؟

لقد ثبت جورج بإيمان مطلق وتمسك برأه ، فلن يثنيه أحد عن قول الحق، ولن يُملى عليه ما يقول وما لا يقول ، لن يعتذر أو يتراجع عن مبدأه وعن إنسانيته، حتى لو تعارض ذلك مع منصبه، قدم استقالته بشموخ ، فهو أكبر بكثير من ذلك المنصب ، ولن يتراجع قيد أنمله مهما حدث ولن يجعل المنصب مقابل إذلاله وتكميم فمه وتحجيم آراءه وفق أجندات صهيوخليجية ، فهو جورج الذي نبراس حياته الإمام علي عليه السلام.

هكذا هم عشاق المجد والبطولة والشرف، هكذا هم من يعرفون كيف لا يمكن أن يترجلوا عن صهوة الحق صاغرين أذلاء مهما كان ومهما حدث ، فثبات المبدأ في مثل هذه المدلهمات ، أمام شلالات من الإغراءات ؛ لهي والله من أشجع المواقف و أنبلها .

سيد جورج : إن بتقديم استقالتك لا يسعني أن أقول لك باسم دماء اليمنيين الأبرياء التي سفكها الأعراب ومن تحالف معهم: لقد كنت سهماً صائباً من مرام لله على أعداء الإنسان والإنسانية .