الخبر وما وراء الخبر

السعودية تأكل نفسها

226

بقلم / صالح لقمان


 

في الرابع من الشهر الجاري أعلن “أحمد عسيري” المستشار العسكري لوزير الحرب السعودي استعداد بلاده لإرسال قوة عسكرية إلى سوريا ،تبعه تصريح له في الحادي عشر من الشهر نفسه يؤكد فيه أن قرار بلاده بإرسال قوة إلى سوريا لا رجعة فيه.

كان الخبر صادما على متلقيه ومضحكا في نفس الوقت ، إذ كيف للسعودية أن ترسل جيشا للقتال في سوريا ، وهي عاجزة عن حماية حدودها الجنوبية ؛ بل واستنجدت بدول خليجية وعربية لمساعدتها في ذلك ، واستأجرت مرتزقة من أقطار العالم للقتال بالنيابة عنها في اليمن ؟! لم تنتصر السعودية في حربها على اليمن ، حتى نقول إنها أصيبت بالغرور ونشوة الإنتصار، ولكن هي الحماقة ،والطاعة العمياء في تمرير المشاريع الأمريكية .

الغريب والمدهش في تصريح “عسيري” أنه زعم أن القوة المراد إرسالها إلى سوريا هدفها قتال داعش ضمن قوات التحالف الدولي – حسب تعبيره- نعرف السعودية داعما لداعش لا محارب لها ؛ فلماذا تعلن اليوم الحرب عليها ؟ ومن ثم فالجيش السوري وحلفاؤه هم من يقاتلون داعش وقد أحرز انتصارات ساحقة، وليس التحالف المشبوه . من ساند داعش في سوريا ومدها بالسلاح والمال هو من يدعي اليوم التحالف ضدها ،في العراق عندما بدأت داعش تنشط بالأعمال الإجرامية، كان الإعلام السعودي ومن يدور في فلكه يصور مايحدث على أنها( هبة شعبية قامت بها العشائر السنية نتيجة ضغوطات طائفية مورست بحقهم )وظل إعلامهما على هذا الحال( حتى ادعت أمريكا أن داعش أصبحت خطرا يجب التحالف ضدها) وفي ليبيا من دعم داعش بالمال والسلاح والإعلام وساندها بالحضر الجوي ،وصورها للعالم أنها( جماهير غاضبة من سياسة النظام الليبي ) هو اليوم نفسه من يدعي أن داعش ليبيا أصبحت تشكل خطرا محدقا يهدد ليبيا والمنطقة ، ويجب التحالف لمنع هذا الخطر . في اليمن لم يكن المشهد ببعيد ، كانتا داعش واللجان الشعبية أصبحتا تحت مخالب الجيش واللجان الشعبية ، لولا تدخل السعودية بالعدوان تحت مبرر “إعادة الشرعية ” ولقد صُرح في الأيام الأولى لبدء ما يسمى “عاصفة الحزم ” ان من احد اسباب انطلاقتها ( من حدوث اقتتال بين الحوثيين والقاعده داعش ) لان ذلك يكسب الصراع طابعا مذهبيا حسب زعمهم .

ومنذ بداية العدوان وجدت القاعده لها متنفسا ؛ بل واستلمت أسلحة ومعدات ثقيلة من قوى العدوان -الذي تقوده السعودية- وانخرطت في القتال ضمن مرتزقة العدوان ، وظل العدوان ينكر ذلك وداعش تكذبهم ، وتنشر وثائق تثبت مشاركتها في العدوان تحت راية التحالف الأمريكي السعودي ؛ ومازالت تحمل مسمى “مقاومه ” وتنشر في مناطق تواجد مرتزقة العدوان في المناطق الشمالية ، وتسيطر على معظم المناطق الجنوبية ، وأصبحت تسيطرعلى موانئ وتبيع النفط كما تفعل في سوريا وليبيا.

كيف إذا ستحار ب السعودية داعش بجيش يتقارب عقائديا مع مسلحي داعش؟! الغريب في ذلك أن القوة المراد إرسالها إلى سوريا ستدخل عبر الأراضي التركية – التي عبرت داعش منها إلى سوريا- وهو ما يجعل احتمال قتال داعش احتمالا بعيدا ، وأن الهدف انقاذها ومساعدتها بطريقة او بأخرى .، وعلى أية حال فكل من داعش والسعودية مجرد إداتيين لتمرير المشاريع الصهيوأمريكية . والملاحظ أن إعلان السعودية :إرسال قوة إلى سوريا سرعان ما باركته أمريكا على لسان وزير خارجيتها ،وكان السيناتور “لينزي غراهم” تحدث في سبتمبر الماضي عن ( استعدادات لدخول مئة ألف جندي إلى سوريا ؛ لمحاربة داعش ،وستشارك دول عربية ب90% من قوام هذه القوة ) وهو ما يكشف حجم الدور الأمريكي في توريط حلفائها العرب للحرب في سوريا والزج بهم في حرب هم الخاسر الوحيد فيها ,وعليه فإن السعودية تكون أدخلت نفسها في مشاكل كانت في غنىً عنها ،ولن تخرج منها بأقل الخسائر.