المشهد السياسي في اليمن قبل وبعد انتهاء فتنة ال٢ من ديسمبر ٢٠١٧م ومقتل على عبدالله صالح
المشهد السياسي في اليمن قبل وبعد انتهاء فتنة ال٢ من ديسمبر ٢٠١٧م ومقتل على عبدالله صالح
بقلم / فاضل الشرقي
ظلّ علي عبدالله صالح بعد خروجه من السلطة وبالذات بعد نجاح ثورة ال٢١ من سبتمبر وخروج المرتزقة من اليمن على علاقة وطيدة بكبار رجالات اليمن من قبليين وعسكريين وأمنيين وسياسيين واعلامين، واستعاد نشاطه السياسي والإعلامي والإجتماعي في اتجاه معاكس وجدّي لثورة ال٢١ من سبتمبر ، مستغلًا حكمة وصبر وعفو واحسان القيادة الثورية عن كل جرائمه السابقة بحق الشعب ليعود لممارسة اللعب والرقص على رؤوس الثعابين كما يعتقد خاصة بعد الشراكة السياسية مع أنصارالله والقوى الثورية عبر اتفاق المجلس السياسي الأعلى والتشكيل المشترك للحكومة.
وبالمناسبة فقصة الرقص على رؤوس الثعابين تعود لحكاية أسطورية عن الملك الحميري أسعد الكامل (التبع اليماني) مع ولده، خلاصتها أنه أرسل ولده قبيل وفاته إلى جبل في صنعاء تقع فيه مدينة للجن، ودخل الولد والتقى بكبيرة الجن في قصة طويلة من ضمنها أنها قدمت له كرسي ليجلس عليه، وكان على هذا الكرسي الكثير من الأفاعي والثعابين فخاف ورفض الجلوس، وبعد مواقف أخرى حصلت قالت له كبيرة الجن أين أنت من أبيك خلاص اذهب، فرجع إلى أبيه وعندما أخبره بما حصل ومنه كرسي الثعابين قال له والده كان عليك أن تجلس لأنها حيات وثعابين وهمية ومعنى ذلك أنه لا يستطيع حكم اليمن إلا من يجلس على رؤوس الثعابين، من هذه الأسطورة استمد صالح مقولته الشهيرة (الحاكم على رؤوس الثعابين).
– صالح كان لا يزال يمسك بالكثير من الملفات الأمنية والإستخباراتية والعسكرية عبره شخصياً وعبر ولده أحمد، وأولاد أخيه طارق وعمار، وكبار معاونيه، وكان لا زال يحتفظ بعلاقة قوية مع الأمريكان والصهاينة والروس والإمارات والسعودية، ولكن مشكلته معهم كانت في رفضه المطلق لأيّ تقارب أو تصالح مع علي محسن والإصلاح للملمة كل هذه القوى وتوحيدها ضد أنصارالله.
– رفض صالح التحالف مع هذه القوى التي انقلبت عليه واطاحت به وعائلته من السلطة، وحاولت تصفيته في العام ٢٠١١م، ولكنه في نفس الوقت قدّم نفسه للمجتمع الدولي الشخص الوحيدا القادر على إخراج أنصارالله من صنعاء وكل المحافظات وإعادتهم إلى صعدة دون التحالف مع أحد، وتعهد بتصفية واغتيال السيد عبدالملك بدرالدين – يحفظه الله- ولكن الغرب لم يثق بقدرته على ذلك وفي نفس الوقت لم يكذّب ذلك، هذا حصل قبل العدوان بعد نجاح ثورة ال٢١ من سبتمبر، وأنا أتكلم عن معلومات وحقائق وليس تحليل وتخمين.
– بعد فترة من زمن العدوان وفشل تحقيق أهدافه رجعت القوى الكبرى ودول العدوان للتفاوض مع صالح عبر روسيا وإرسال وفد طبي روسي لإجراء عملية لعيون صالح التي لم تعد تبصر النور والحقائق جيداً، صالح لم يكن مريضاً، ولم تجر له أي عملية، والوفد لم يكن طبياً وإنما استخباراتياً في بالطوهات طبية جاء ليرسم مخطط تنفيذ العملية والإتفاق على فصول ومشاهد المرحلة القادمة وفي مقدمتها الإنقلاب على أنصارالله، قطع خطوط الإمداد عن الجبهات، الإنتفاضة المسلحة في صنعاء وبقية المحافظات، السيطرة على مؤسسات الدولة، عودته للحكم والسلطة منفرداً، عدم تدخل تحالف العدوان بأيّ شكل من الأشكال في الأيام الأولى إلا إذا فشلت الخطة العسكرية، وإعادت إعمار اليمن، وتقديم الودائع المالية، وصرف المرتبات، والأخير والأهم الإعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.
– عاد صالح بكل قوة لممارسة الرقص على رؤوس الثعابين- التي تحولت لثعابين حقيقية هذه المرة- وضغط في سبيل تحقيق تنسيق أمني وعسكري قوي مع أنصارالله في الميدان والجبهات باسم مواجهة العدوان، وبدأ بإنشاء المعسكرات العسكرية التدريبية، والتحشيد والتجنيد والتدريب وتجميع القوات النظامية بكل تشكيلاتها عبر طارق عفاش، وكثف حضوره ونشاطه السياسي، واعادة الحياة للمؤتمر الشعبي العام، وإثارة الرأي العام ضد أنصارالله، والتنسيق القوي مع رؤوس القبائل وتحميل أنصارالله كل أزمات الحصار، والغلاء، وانعدام المشتقات النفطية، وانقطاع المرتبات، وبدأ يحشد الشعب إلى ميدان السبعين وحيداً بعيداً عن الشراكة في فعاليات ومهرجات عامة وحاشدة، وتفعيل الجناح الإعلامي والسياسي بشكل غير مسبوق، والإستثمار في المشهد السياسي والإجتماعي والإعلامي بكل قوة، وتقديم نفسه بطلاً قومياً، وزعيماً وطنياً يدافع عن اليمن في مواجهة العدوان تحضيراً واستعداداً لساعة الصفر، ونقطة الإنطلاق، بينما هو يعمل على اضرام النار تحت الرماد، والتثبيط بكل قوة في مواجهة العدوان، وتقييد حركة الجيش النظامي وقياداته، والقيادات الإجتماعية والإعلامية والسياسية والدينية، ويعرقل على كل المستويات الشعبية والاعلامية والسياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، ويزعزع الصمود الوطني الشعبي عبر أدواته العميقة، ويضرب بقوته، ويرمي بثقلة في كل الإتجاهات تحضيراً واستعداداً لساعة الصفر، ونقطة الإنطلاق التي فشلت فشلاً ذريعاً، وانتهت بمقتله في فتنة ال٢ من ديسمبر نهاية العام ٢٠١٧م
– بعد مقتل صالح هدأت واستقرت الأوضاع السياسية والإجتماعية في اليمن، وتوحدت الجبهة الداخلية، وتماسكت في مواجهة العدوان، وتمكنت القوى المواجهة للعدوان من استعادة زمام المبادرة، وحشر وحشد كل الجهود والطاقات والإمكانات في مواجهة العدوان، وتحقيق أعظم الإنتصارات ، وانطلقت كل المكونات والقوى الشعبية والوطنية في مواجهة العدوان، وقامت واستقامت الدولة واستعادت دورها ووظيفتها في كافة أجهزتها ومؤسساتها الحكومية، بعد أن تخلصت وتخلص الشعب من أكبر عقبة داخلية في مواجهة العدوان كانت ستؤدي لو بقيت للمزيد من الفشل والهزائم لصالح قوى العدوان، ولله عاقبة الأمور، هذا ما أحببت توضيحه على عجالة وباختصار.